"النهضة" مقدمة على خيار التحالف مع "قلب تونس"

الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٣:٤٣ بتوقيت غرينتش

بتراجع 3 أحزاب تونسية عن اتفاقها المبدئي مع النهضة لتشكيل الحكومة المقبل، يرجح خبيران أن تتجه الحركة إلى التفاوض مع حزب "قلب تونس"، ثالث الكتل البرلمانية، وذلك بالتوازي مع التوجه لتشكيل حكومة تكنوقراط.

العالم - مقالات وتحليلات

خيار مطروح، في وقت تستمر فيه المفاوضات، رغم فشلها وفق ما أعلنته النهضة، مع أحزاب التيار (اجتماعي ديمقراطي/ 22 نائبا بالبرلمان/ 217) والشعب (قومية ناصرية/ 15 نائبا)، على خلفية إعلان الحزبيْن وحركة “تحيا تونس” (ليبرالي/ 14 مقعدا)، الأحد، عدم مشاركتها بالحكومة الجديدة.

قرار مفاجئ جاء بعد أيام قليلة من إعلان النهضة (إسلامية/ 54 نائبا)، الجمعة، توصلها إلى اتفاق مبدئي لتشكيل الحكومة مع الأحزاب الثلاثة، في وقت بدأ فيه العد العكسي قبل انقضاء المهلة الثانية للتأليف، والتي تنتهي في 15 يناير/ كانون الثاني المقبل.

"قلب تونس".. ضمانة العبور

المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي، رأى أن "رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي أحسن العمل عندما وضع أكثر من خطة لتشكيل الحكومة".

وأضاف الجورشي في اتصال هاتفي مع الأناضول: "الآن بعد انسحاب الأحزاب الثلاثة، فإن الجملي يتجه نحو الخيار المتمثّل في تشكيل حكومة كفاءات وطنية ستكون مدعومة أساسا من النهضة، وتكسب ثقة كتلتين أو ثلاثة في البرلمان أي ما يقارب 115 أو 120 صوتا".

واستدرك: "هذه الحكومة ستكون هشة وستواجه معارضة شديدة من قبل أطراف عديدة، ولكنها ستمر إذا توصلت النهضة إلى اتفاق مع قلب تونس (38 نائبا)".

وتحتاج الحكومة المقبلة لتأييد 109 نواب لاعتمادها (الأغلبية المطلقة 50 بالمئة +1).

واعتبر الجورشي أن “الوضع صعب في تونس، والرأي العام يعيش حالة من الإحباط الواضح، وهناك تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة خاصة ونحن في نهاية سنة وبداية أخرى، وكلنا يعرف أن يناير هو شهر التحركات الاجتماعية الاحتجاجية”.

وأوضح أنه “من الناحية الدستورية، لا يزال هناك مجال زمني لتشكيل الحكومة، وإذا عجز الجملي عن ذلك، فسنتجه دستوريا إلى رئيس الجمهورية الذي سيعيّن شخصية بديلة تقوم بتشكيل الحكومة”.

وأكد المحلل السياسي أنّ “التناقضات والاختلافات الإيديولوجية بين الأحزاب السياسية تتحمّل مسؤولية فشل تشكيل الحكومة”، مشددا على أن “ذلك يعكس المستوى المتأزم للطبقة السياسية في تونس”.

خيارات و"قلب تونس" أولها

في حديث للأناضول، قال عبد اللطيف الحناشي، الكاتب والمؤرخ التونسي، إنّ “الخيار الأكثر تواترا الآن هو التعامل مع قلب تونس وهو أحد الخيارات المطروحة”.

وفسّر الحناشي معتبرا أنّ “هذا الخيار يمكن أن تدعمه بعض الأطراف التي ليس لها وزن كبير في البرلمان، ولكنها تساعد على إيجاد 109 صوت في البرلمان (مثل المستقلين، وأيضا حلفاء قلب تونس)”.

وأكد أن “الأقرب هو التفاوض بصيغ متحركة، أي أنّ قلب تونس لا يدخل بقياداته بل يطرح أسماء أخرى ويساندها”.

ولفت الكاتب والمؤرخ التونسي إلى أنّ “خيار اللجوء إلى رئيس الجمهورية الذي يختار شخصية بديلة لتشكيل الحكومة، يمكن أيضا أن لا يلاقي التجاوب من مختلف الأطراف السياسية”.

كما رأى أنّ “الخيار الأصعب هو إعادة الانتخابات والتي ستكون مكلفة سياسيا وماديا”، مشددا على أن “التفاوض مع قلب تونس هو الأقرب الآن”.

ورغم تراجع الأحزاب الثلاثة عن قرارها، أعلنت حركة النهضة الاثنين أن مشاورات تشكيل الحكومة لم تفشل ومازالت مستمرة، وأنه سيتم خلال الأسبوع الجاري الإعلان عن التشكيلة الجديدة.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي، في مؤتمر صحفي، باليوم نفسه، إن “قرار أحزاب التيار الديمقراطي (اجتماعي 22 نائبا)، وحركة الشعب (قومية ناصرية/ 15 نائبا) وتحيا تونس (ليبرالي/ 14 نائبا)، بالانسحاب من المشاورات كان متسرّعا، وتسبّب في إهدار وقت مهم من فترة المشاورات”.

فيما رفض قياديو حركة النهضة (54 نائبا) الرد على سؤال الصحفيين، بخصوص مشاركة قلب تونس في الحكومة من عدمها.

لكن، وقبل ذلك بيوم، قال الناطق الرسمي باسم الحركة، عماد الخميري، في تصريح إذاعي، ردا عن إمكانية مشاركة"قلب تونس"من عدمها في الحكومة الجديدة، بالقول إن "كل الاحتمالات واردة".

إجهاض مبادرة

من جانبه، أكد أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك أن الوساطة التي قام بها تهدف أساسا إلى إيجاد أرضية لبناء تحَالف حكومي.

وأطلق كل من بن مبارك والإعلامي الحبيب بوعجيلة مبادرة لإجراء حوارات شملت أحزاب النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس وائتلاف الكرامة، للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة.

وفسّر جوهر بن مبارك، في تصريحات إعلاميّة يوم الاثنين، أن "الهدف كان خلق أرضية ثقة بين مختلف الأطراف المتفاوضة".

وأكد أن"الأمور كانت تسير في اتجاه انفراج الأزمة والإمكانية كبيرة لتشكيل حكومة تتناغم مع نتائج انتخابات 2019 واختيارات الشعب".

وحذر بن مبارك من أن "أي صيغة أخرى ستكون ضعيفة لأنها ستصطدم مع رئيس الجمهورية ومع البرلمان".

واعتبر “أن الحكومة ستكون بأقلية ضعيفة ومعارضة قوية (حوالي 100 نائب)”، مؤكدا أنها ستكون حكومة ضعيفة برلمانيا وشعبيا (لا تستجيب لإرادة الشعب)”.

ولفت إلى أنه "كان من المفروض اليوم أن يتم التوقيع على بروتوكول اتفاق بين مختلف الأحزاب المتفاوضة".

وأشار إلى وجود “ماكينة خفية تصنع السياسات، تحتكرها لوبيات وعائلات نافذة”، معتبرا أن “هذه اللوبيات تفاجأت بوجود شخصيتين وطنيتين (في إشارة لشخصه والحبيب بوعجيلة) تحاولان لعب دور في تسهيل المشاورات بين الأحزاب السياسية”.