الامارات تدخل عالم التجسس.. بطريقة التو توك

الامارات تدخل عالم التجسس.. بطريقة التو توك
الثلاثاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٩ - ١١:٠٠ بتوقيت غرينتش

وسط دلائل على تجسس دولة الامارات بحق شعبها أزالت شركتا غوغل وآبل الأمريكيتان تطبيق المراسلة الاماراتي توتوك ToTok من على متاجر التطبيقات.

العالم - الامارات

اكثر من وسيلة اعلامية دولية اكدت هذه الحقيقة ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تحقيقا قالت فيه إن التطبيق الذي يشبه واتس آب، هو أداة تجسس لحكومة الإمارات.

واكد مروجو هذا التطبيق وكذا الشركة المشغلة له أنه سيعود إلى متاجر التطبيقات قريبا برغم ازالته من بعض المنصات ويسوق التطبيق الإماراتي توتوك نفسه على أنه وسيلة سهلة وآمنة للدردشة عبر الفيديو أو النصوص، يختلف عن تطبيق تيك توك الصيني. وانه

ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين وصفتهم بالمصادر المطلعة، أن تطبيق توتوك يمنح وكالات التجسس الإماراتية إمكانية الوصول إلى محادثات وتحركات المواطن ومعلومات شخصية أخرى مثل الصور.

ازالة منصة للتجسس الاماراتي

وأزالت غوغل التطبيق كما رفعته آبل من على منصتها في اليوم التالي. ومع ذلك، يمكن للمستخدمين الذين حصلوا على التطبيق مسبقا الاستمرار في استخدامه بدون مشكلات.

التطبيق الإماراتي ظهر قبل بضعة أشهر فقط، لكنه نجح في جذب ملايين المستخدمين من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وأظهرت بيانات متجر غوغل بلاي أن التطبيق سجل خمسة ملايين عملية تنزيل على نظام أندرويد فقط قبل إزالته، في حين قال موقع "آب أني" لتتبع التطبيقات إنه كان أحد أكثر التطبيقات الاجتماعية التي تم تحميلها في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.

ومايزيد من الشكوك بخصوص استغلال هذا التطبيق من اجل التجسس هو ان شركة بريج هولدنغ ليمتد Breej Holding Ltd ، لها علاقة بشركة دارك ماتر DarkMatter، وهي شركة استخبارات وقرصنة مقرها أبو ظبي، وزعمت الصحيفة أنها تخضع لتحقيقات من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي من أجل جرائم إلكترونية محتملة.

وبشأن طبيعة عمل شركة "دارك ماتر" فقد اكدت صحيفة نيويورك تايمز انها تقوم بتوظيف مسؤولين في المخابرات الإماراتية، وموظفين سابقين من وكالة الأمن القومي الأمريكية، وعناصر بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية السابقة، وفقا للصحيفة.

ومن المثير ان نعرف بان الإمارات تحظر خدمات المراسلة الأخرى مثل واتس آب وسكايب، التي تقدم خدمة الرسائل المشفرة من طرف إلى طرف، على الرغم من إمكانية استخدامها في المراسلة، إلا أنه لا يمكن استخدامها في المكالمات الصوتية أو الفيديو.

ومايبعث على الريبة في تطبيق توتوك ان سياسته تنص على أنه يجوز له مشاركة البيانات الشخصية للمشتركين مع "سلطات تطبيق القانون والمسؤولين والهيئات التنظيمية وطلبات الوصول القانونية الأخرى".

فاير فوكس .. عدم السقوط في الفخ الاماراتي

عمليات التجسس التي تقوم بها الامارات صارت مفضوحة الى حد ان شركة موزيلا صاحبة محرك البحث فايرفوكس قررت منع حكومة الإمارات من أن تصبح واحدة من حراسها في مجال أمن الإنترنت، وذلك استنادا إلى تقارير سابقة بشأن برنامج إماراتي للتجسس الإلكتروني.

وقالت موزيلا إنها ترفض مسعى الإمارات لأن تصبح حارسا معترفا بها دوليا لأمن الإنترنت ومفوضة للتصديق على سلامة المواقع لمستخدمي فايرفوكس.

وأضافت موزيلا أنها اتخذت هذا القرار لأن شركة أمن الإنترنت دارك ماتر كانت ستضطلع بدور الحارس، وأن تحقيقا لرويترز وتقارير أخرى ربطت بينها وبين برنامج اختراق إلكتروني تديره الدولة.

وذكرت رويترز في يناير/كانون الثاني أن دارك ماتر -ومقرها أبو ظبي- أعدت وحدة لعملية اختراق إلكتروني سرية تحت اسم مشروع ريفين نيابة عن جهاز مخابرات إماراتي.

ووجدت رويترز أن عمليات البرنامج شملت اختراق حسابات على الإنترنت لناشطين في مجال حقوق الإنسان وصحفيين ومسؤولين من حكومات منافسة.

وقالت سيلينا ديكلمان مديرة القطاع الهندسي في موزيلا إن تقارير رويترز بالإضافة إلى ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز ومؤسسة إنترسبت الإخبارية جعل الشركة تخشى من أن تستخدم دارك ماتر دور حارس الأمن على الإنترنت للقيام بعمليات مراقبة.

وأضافت ديكلمان أن موزيلا خلصت إلى أن "وضع ثقتنا في دارك ماتر وإغفال أدلة موثوقة سيعرض كلا من الشبكة والمستخدمين للخطر".

تعاون اسرائيلي – اماراتي للتجسس

وكان تحقيق لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد كشف النقاب عن تعاون شركات إسرائيلية مع العديد من الأنظمة والحكومات حول العالم، في إطار عمليات التجسس وملاحقة المعارضين، ضمنها حكومات خليجية مثل السعودية والإمارات والبحرين.

ونشرت صحيفة هأرتس الإسرائيلية، التحقيق تحت عنوان" صناعات التجسس الإسرائيلية تساعد الأنظمة الديكتاتورية حول العالم على ملاحقة المعارضين". ويستند إلى شهادات ضحايا ودعاوى قضائية في محاكمة دولية، إضافة إلى إعادة فتح قضايا باتت معروفة والخوض في تفاصيلها، مثل قضية استعانة الإمارات بشركة "NSO" للتجسس على هواتف 159 من أبناء العائلة الحاكمة في قطر، إضافة إلى التجسس على هاتف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وولي العهد السعودي السابق متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، كما استخدمت برامج الشركة للتجسس على المعارض الإماراتي أحمد منصور.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد كشفت في تحقيق، نشر في 31 أغسطس/ آب الماضي، تفاصيل المساعي الإماراتية للتعاون مع الشركة الإسرائيلية للتجسس على هواتف الجهات المذكورة، مستندة إلى وثائق خاصة، إضافة إلى النظر في دعوى قضائية رفعها مواطن قطري، وأخرى رفعها ناشط مكسيكي وصحفيون أجانب، أمام محاكم في تل أبيب وقبرص، وهو ما مهد الطريق أمام "هآرتس" للخوض في تفاصيل القضية.

وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن تحقيقها اعتمد على دراسة 100 حالة في 15 دولة حول العالم، وأنّه قد خلص إلى أنّ "إسرائيل" تحوّلت إلى رائدة مجال تصدير برامج التجسس على المواطنين حول العالم، بواسطة شركات خاصة، إضافة إلى التعاون مع متخصصي وحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي، وهو ما مهد الطريق أمام الأنظمة في دول مختلفة للتجسس على المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان.

تتخذ شركة "NSO Group" من مدينة هرتسليا وسط "إسرائيل"، مقرًا لها، وهي الشركة الأم التي تنبثق عنها عدة شركات متخصصة في تطوير برمجيات اختراق الهواتف المحمولة، من ضمنها شركة "Verint System" التي تشارك في تصنيع عملاق التجسس الإسرائيلي، برنامج "بيغاسوس". ويبلغ عائد شركة "NSO Group" السنوي نحو 70 مليون دولار، ويعمل في فروعها حول العالم 5200 موظف، من ضمنهم ألف في "إسرائيل"، وفق مدير عام شركة "Verint Syste" دان بودنير، الذي قال إن"برامج الشركة تستخدم للأسف في أمور غير إيجابية".

واستغرق الصحفيان الإسرائيليين، يوناتان يعكوفزون، وهدار شيزاف، عدة شهور في دراسة الوثائق، والإطلاع على بيانات القضايا المرفوعة في المحاكم الإسرائيلية والقبرصية، إلى جانب التواصل مع الضحايا لكشف تفاصيل الصفقات التي تبرمها الحكومات مع الشركات الإسرائيلية بسرية تامة، وكيفية استغلال البرمجيات في ملاحقة المعارضين السياسيين من قبل بعض الأنظمة، وملاحقة الخارجين عن القانون، ومثليي الجنس، أو "المرتدين" عن الدين في دول أخرى.

ويكشف التحقيق أن إسرائيليين كانوا يزورون دولاً عربية من ضمنها البحرين بجوازات سفر غربية لتدريب السلطات على استخدام برامج التجسس. ويشير "أرنون" وهو أحد موظفي شركة "Verint System" إلى أنّ موظفين إسرائيليين في الشركة زاروا البحرين التي حصلت على برنامج تجسس على مواقع التواصل الاجتماعي، وآخر على الهواتف النقالة، وهم يحملون جوزات سفر غير إسرائيلية، ويمنعون من التحرك داخل الدولة، سوى في الفندق الذي يقيمون فيه.

احمد منصور ضحية برامج التجسس الاسرائيلية

تقول "هآرتس" إن الحدث الأهم والذي شكل منعطفاً في التحقيق، هو ما جرى للناشط الإماراتي أحمد منصور، والذي وصلته رسالة "SMS" على هاتفه في أغسطس عام 2016، وتم اختراقه بواسطة برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي.

أحمد منصور، يقضي حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات في سجون الإمارات بتهمة توجيه انتقادات للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر اسمه، وفق هآرتس، في الدعوى القضائية المرفوعة ضد شركة "NSO" الإسرائيلية.

وتظهر الدعوى القضائية أنه في أغسطس/ آب عام 2014 تلقى أريك بانون، وهو إسرائيلي يعمل في شركة" CIRCLES" بريداً الكترونياً من أحمد علي الحبسي، أحد رجال النظام في الإمارات. وطلب من بانون استعراض قدرات البرنامج، وجعل رئيس تحرير صحيفة "العرب" كبشاً للفداء، حيث حصل بعد يومين فقط على تسجيلات صوتية تحتوي على مكالماته الهاتفية.

ونقلت هآرتس عن "بن" وهو أحد الموظفين المعنيين في بيع أنظمة التجسس الإسرائيلية، قوله إن "دبي تحولت إلى زبون كبير بما يتعلق في أنظمة التجسس، إنهم يدركون جيداً أن التكنولوجيا المتطورة مصدرها إسرائيل". وأضاف" أعتقد أن المكالمة بيننا (يقصد حديثه مع هآرتس عبر الهاتف) مسجلة أيضاً، حتى المكالمات عبر التطبيقات يمكن تسجيلها، واتس أب على سبيل المثال، والتلغرام".

"الإمارات ليست وحدها"، تقول "هآرتس"، "قبل عدة أسابيع كشف معهد "Citizen Lab" أن هناك احتمالية كبيرة باستخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي في التجسس على معارض سعودي في كندا، حيث أشار المعهد إلى أن تحقيقاته تكاد تؤكد أن الرياض استخدمت تكنولوجيا شركة "NSO" للتجسس على "عمر عبد العزيز" الذي حصل على اللجوء في كندا مؤخراً.

ولم تصدر المحكمة العليا في "إسرائيل" قراراً بحظر تصنيع مثل هذه الأنظمة رغم التأكد من أنها تستغل لملاحقة المعارضين في دول تحكمها أنظمة ديكاتورية، وقالت رئيسة المحكمة "إنه اقتصادنا، ماذا نفعل؟ إنه يقوم على مثل هذه الصناعات". وفي الوقت ذاته، رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية الكشف عن أسماء الدول التي يحظر بيع البرامج إليها، وكذلك الكشف عن قوانين البيع، ومحدداته. ".