الرجم بالغيب "مهنة" الكذب

الرجم بالغيب
الثلاثاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٩:٥٢ بتوقيت غرينتش

عشيّة كلّ سنة يُسوق بعض وسائل الإعلام في ​لبنان​ للدَجل التّافه الذي يُطلقه بعض مَدّعي قراءة المستقبل، ليس اقتناعًا بما يَزعم به هؤلاء من قُدرات خارقة، بل على أمل رفع نسبة المُشاهدة، والحُصول على بعض الإعلانات في ظلّ حال العجز الذي تُعانيه.

لبنان- العالم

المُشكلة أنّ الرأي العام غير المُثقّف يتأثّر ويُصدّق ما يتمّ ترويجه من "رؤى"، علمًا أنّ كل ما يتمّ ذكره هو عبارة عن تحليلات وتوقّعات سياسيّة يكتبها الصحافيّون، والمئات منها يتحقّق تارة ولا يتحقّق تارة أخرى.

والأسلوب الجديد الذي بات مُتبعًا من قبل مُدّعي كشف الغيب يتمثّل برمي مئات التوقّعات دفعة واحدة، وكذلك توقّع الشيء ونقيضه، بحيث إنّ نسبة إصابة الهدف في بعض الحالات تُصبح حتميّة، خاصة أنّ كل هذه التوقعات مَبنيّة على معلومات صحافيّة وتحليليّة يعتمدها أهل الصحافة والإعلام. فتخيّلوا ما أعمق توقع "مُغادرة النازحين السُوريّين بالآلاف"، علمًا أنّ جهود العديد من المسؤولين اللبنانيّين منصبّة للعمل على عودة السوريين إلى أرضهم! وما أعمق رؤية "إنتبهوا من غضب وخطر الطبيعة في لبنان واحتاطوا"، وفي كل سنة تحدث كوارث طبيعيّة في لبنان والعالم.

كما أنّ أسلوب التضليل يعتمد على إطلاق عبارات مُبهمة تصلح لمئات الوقائع المُختلفة، على غرار: "صدمة موجة تنطبق على أي حدث ​عسكري أو أمني أو سياسي أو حالة وفاة، إلخ)، و"خسائر بالأرواح جرّاء مُلاحقة أحد المطلوبين" وعشرات الأمثلة التافهة المُشابهة.

إنّ مُدّعي قراءة الغيب سيُواصلون مُحاولاتهم لجني المال الوفير بسُهولة، لكن حان الوقت لأن يتوقّف الناس عن تصديقهم، وحتى عن مُتابعتهم من باب الحشريّة. فمن المُعيب أن تكون اهتمامات اللبنانيّين مُركّزة على مُتابعة تدجيل هنا أو هناك، في الوقت الذي يغرق فيه لبنان واللبنانيّون رويدًا رويدًا في أزمة حياتيّة مُخيفة لم يتنبّأ بها أحد من هؤلاء "المُنجّمين"، لكن حذّر منها العديد من الصحافيّين والمُحلّلين!.

لبنان- العالم