الفلسطينييون هنود حمر في "صفقة ترامب"

الفلسطينييون هنود حمر في
الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٠ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

يبدو ان الرئيس الامريكي معجب جدا باجداده الذين ارتكبوا المجازر بحق اصحاب  البلاد من الهنود الحمر وابادوهم فلم يبقى لهم ذكرا ، واليوم وفق صفقة الرجل التي اعلن بنودها يسعى الى استعادة تاريخ اجداده الاسود ليسحبه على الفلسطينيين ويمنح اصدقاءه الاسرائيليين حقا على حساب اصحاب الحق.

العالم-فلسطين

بنود الصفقة اقل ما يقال فيها انها تقذف بالفلسطينيين الى معازل وكنتونات متناثرة وعليهم ان يشكروا الادارة الامريكية وحكومة الاحتلال ان تركوا لهم بيوتهم وتجمعاتهم السكانية التي ستكون مستباحة للامن الاسرائيلي في كل وقت ليمارس هوايته باعتقال الفلسطينيين وملاحقتهم واغتيالهم ان لزم الامر، هذا ما يفهم من تاكيد ترامب في مبادرته على ضمان امن الاحتلال بالشكل الذي يراه الاحتلال مناسبا.

ترامب تعامل مع الفلسطينيين بلغة (البزنس) التي تعامل بها في السابق مع العرب في سلب اموالهم مقابل الدفاع عنهم، ترامب وعد الفلسطينيين بحياة افضل واستثمارات جديدة وفرص عمل ومليارات من الدولارات سيدفعها العرب ، خطورة الطرح الامريكي هذا يكمن في محاولة اعتناق سياسة شراء الذمم للوصول الى انهاء فكرة الدولة الفلسطينية.

المتابع لبنود صفقة ترامب يستطيع ان يقرأ بين السطور رسائل الترغيب والترهيب والاهم رسائل زيادة الخلاف بين الفلسطينيين، ففكرة نزع سلاح المقاومة التي طرحها ترامب والتي افترض انها ستأتي بعد موافقة السلطة او منظمة التحرير على صفقته يعني ان على من سيوقع على صفقته ان يكون مستعدا للمشاركة في حرب مع المقاومة لعلمه المسبق وعلم كيان الاحتلال ان المقاومة لا يمكن ان تسلم سلاحها تحت اي ظرف من الظروف.

الملاحظ في بنود الصفقة انها لم تأت على ذكر القضية الاهم في القضية الفلسطينية الا وهي قضية اللاجئين الذين هجروا من بيوتهم في العام ١٩٤٨ ونصت كافة القًرارات الدولية على اعادتهم الى بيوتهم التي هجروا منها وتعويضهم عن سنوات اللجوء، وبعيدا عن بنود الصفقة وتفصيلاتها التي تصل الى ثمانين صفحة فانها شطبت ثوابت الفلسطينيين، فالقدس العاصمة زحفت لتصل الى ابو ديس و الحدود تقلصت وصارت الاراضي الفلسطينية تحدها دويلة الاحتلال من كافة الجهات وقضية اللاجئين لم يعد لها ذكرا.

وكافة ما سبق يؤكد ان على الفلسطينيين ان يقرروا اما ان يكونوا اسيادا فوق ارضهم او ان يكونوا هنودا حمر يبادون واحدا تلو الاخر ولا اقصد الابادة الجسديه فقط وانما ايضا الابادة السياسية وهي الاخطر فما معنى ان يفقد شعب كامل حقه في ارضه ووطنه وتقرير مصيره وان يبقى شتاتا في اسقاع الارض وان يرى غريبا يسيطر على حقه ويسكن في ارضه ويسيطر على قوته وثرواته.

وفي ظل موازين القوى الدولية المختلة وتفرد الولايات المتحدة بالقرار فان قرار المواجهة والصمود لن يكون سهلا لكنه القرار الصحيح كي لا يعيد التاريخ نفسه ويكتب من جديد قصة الهنود الحمر التي يريدها ترامب ونتنياهو، قرار المواجهة يفرض على قيادة السلطة الفلسطينية ان تستعد لتكون جزءا من الشارع الفلسطني وان تتنازل عن امتيازتها التي منحها لها الاحتلال لسلخها عن قاعدتها، فاذا كان الامر كذلك فان المقبل هو الافضل اما اذا ارادت هذه القيادة ان تحافظ على امتيازتها الزائفة فان الشارع الفلسطيني سيلفظها ويأتي بمن هو على استعداد ان يندمج مع شارعه في رحلة البقاء .

*فارس الصرفندي