ترامب الأكثر صهيونيًا منذ 48.. لادولة فلسطينية إلا بالأردن

ترامب الأكثر صهيونيًا منذ 48.. لادولة فلسطينية إلا بالأردن
الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٠ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

قلّما يُمكِن تحسس الإجماع الصهيونيّ-الإسرائيليّ حول قضيةٍ سياسيّةٍ، ولكن بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، مساء أمس الثلاثاء، وفق التوقيت المحليّ لفلسطين، دفع الإعلام العبريّ على مُختلف مشاربه بكبار المُحلّلين للشؤون السياسيّة للمُشاركة في الحفل الـ”تاريخيّ”، الذي يجتاح كيان الاحتلال، من أقصى اليمين إلى أقصى ما يُطلَق عليه اليسار الصهيونيّ في الدولة العبريّة.

العالم- فلسطين

التوافق الأوّل بين جميع الأحزاب السياسيّة الصهيونيّة يكمن في أنّها أجمعت على أنّ خطاب ترامب هو الأكثر صهيونيّةً وإسرائيليّةً منذ إقامة إسرائيل في العام 1948، ووفقًا لرئيس تحرير صحيفة (هآرتس) العبريّة، ألوف بن، والتي تُحسَب على اللبراليين في كيان الاحتلال، فإنّ خطّة ترامب هي عمليًا تحقيق حلم رئيس حكومة تصريف الأعمال في إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ولكن رئيس التحرير بن عبّر عن شكوكه في أنْ تتمكّن هذه الخطّة من إنقاذ نتنياهو سياسيًا، علمًا أنّ النيابة العامّة في إسرائيل، قدّمت أمس الثلاثاء إلى المحكمة المركزيّة في القدس المُحتلّة لائحة اتهّامٍ ضدّ نتنياهو تشمل تهم تلقّي الرشاوى، الاحتيال وخيانة الأمانة.

ورأى رئيس تحرير صحيفة (هآرتس) في مقاله المنشور اليوم الأربعاء أنّ التجديدات في الخطّة تمكن في الاعتراف الأمريكيّ بالسيادة الإسرائيليّة على الضفّة الغربيّة، وإبقاء المدينة القديمة، أيْ القدس الشرقيّة المُحتلّة تحت السيطرة الإسرائيليّة، والشطب النهائيّ لحقّ العودة للاجئين الفلسطينيين، الذين شُرّدوا إبّان النكبة في أقذر وأخطر جريمة بتاريخ البشريّة، وذلك في العام 1948، كما أشار الكاتِب.

داخليًا، شدّدّ رئيس تحرير الصحيفة العبريّة على أنّ الخطة الأمريكيّة تفتح الباب على مصراعيه أمام تشكيل حكومة وحدةٍ وطنيّةٍ بين حزب (ليكود) بقيادة نتنياهو، وحزب (كاحول لافان) بقيادة رئيس الأركان الأسبق لجيش الاحتلال، الجنرال بالاحتياط بيني غانتس، علمًا أنّه أعلن عن تأييده للخطّة، وأنّه سيعمل على تطبيقها بعد الانتخابات العامّة في إسرائيل، والتي ستجري في الثاني من آذار (مارس) القادم، أيْ بعد أكثر بشهر بعدّة أيّامٍ، ولكنّ رئيس التحرير أكّد على أنّ حكومة الوحدة الوطنيّة ستُقام إذا تمّ التوصّل إلى اتفاق بين الحزبين الكبيرين حول صيغةٍ لـ”إزاحة” نتنياهو بشكلٍ مؤقّتٍ من منصب رئيس الوزراء خلال مُحاكمته، على حدّ تعبيره.

وقالت المصادر السياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب إنّ المعركة الانتخابيّة للكنيست الـ23 ستبدأ اليوم، مع تقدّم كبيرٍ لحزب (ليكود) بقيادة نتنياهو على مُنافسه الجنرال غانتس، الذي بإعلانه عن قبول حزبه صفقة القرن للرئيس الأمريكيّ أكّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان على أنّه تنازل عن أيّ تحالفٍ مع (القائمة المُشتركة)، علمًا أنّ الأخيرة أعلنت على الملأ مُعارضتها الشديدة لـ”صفقة القرن”، على حدّ تعبير المصادر.

والتاريخ لا يكذِب: في الثالث من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2001، عندما كان أرئيل شارون، رئيسًا للوزراء في إسرائيل، عقد المجلس الوزاريّ-الأمنيّ المُصغّر اجتماعًا لتدارس الدعوة الأمريكيّة لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. شيمعون بيريس، حذّر في الجلسة عينها من أنّ عدم موافقة إسرائيل على الطلب من شأنه أنْ يعود سلبًا على العلاقات الأمريكيّة-الإسرائيليّة.

شارون، بحسب التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة، والتي لم ينفها رئيس الوزراء آنذاك، ردّ على مطلب بيريس بالقول: لا تقلق بشأن الضغط الأمريكيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك. وتابع شارون في الجلسة عينها: أنا أُدرك جيّدًا كيف أنّه من المستحيل تقريبًا تنفيذ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، إذا لم تتّم الموافقة عليها من قبل اليهود الأمريكيين، على حدّ قوله.

ولفت شارون أيضًا إلى أنّ اليهود بأمريكا يتحكّمون بشكلٍ رائعٍ بوسائل الإعلام الأمريكيّة، وحتى أنّهم يتحكّمون بأعضاء الكونغرس، إذْ أنّهم لا يسمحون للكونغرس باتخاذ أيّ قرارٍ ضدّ إسرائيل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ النفوذ اليهوديّ يُهيمِن ويُسيطِر تمامًا على الساحة الأمريكيّة، واختتم قائلاً إنّ سفارة تل أبيب في واشنطن هي التي تُملي عمليًا أجندتها على الكونغرس، من خلال اليهود الأثرياء جدًا في أمريكا، قال شارون لبيريس.

وتحت عنوان “مساءٌ تاريخيٌّ” كتب كبير المُحلِّلين السياسيين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، على صدر الصفحة الأولى وبالبنط العريض، وقال إنّ نتنياهو صادق عندما يقول إنّ الحديث يجري عن يومٍ تاريخيٍّ، لافِتًا إلى أنّ خطّة ترامب تعني شيئًا واحِدًا لإسرائيل وهو أنّه بين الأردن والبحر ستكون دولةً واحدةً فقط، وهي الدولة اليهوديّة، وذلك تحت رعاية الولايات المُتحدّة، وشدّدّ أنّ الحديث لا يدور عن خطّة سلامٍ، إنمّا عن خطّة ضمّ الأراضي للسيادة الإسرائيليّة، على حدّ تعبيره.