ما هكذا تورَدُ الإبلُ يا برهان!!

ما هكذا تورَدُ الإبلُ يا برهان!!
الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٩ بتوقيت غرينتش

"سنفعل كل ما يمكننا فعله لمصلحة البلاد ولإعادة علاقاتها مع العالم ولرفع العقوبات عنها".. هذا ما صرح به رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، نهاية الاسبوع المنصرم لدى عيادته الفنان السوداني الكبير عبد الكريم الكابلي، الذي عاد الى حضن الوطن بعد غربة طويلة، الكابلي الذي غنّى لفلسطين وصدح بصوته الشجي بأعذب الألحان نصرة للقضية الانسانية العادلة.

العالم - قضية اليوم

البرهان كأنه أراد أن يبرر للقائه المشؤوم مع رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عنتبي بأوغندا، ناسيا أو متناسيا إرث هذا الشعب العظيم في مقارعة الاستكبار ومواقفه المشرفة الداعمة للقضية الفلسطينية، يذكر كل العرب قمة "اللاءات الثلاثة" التي أعقبت حرب يونيو في العام 67 في القرن الماضي حيث اجمع المشاركون على ثلاثة محاور لا رابع لها وهي "لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض" مع الكيان الغاصب. لقد كانت القمة في الخرطوم يا برهان، فهل تذكرها؟

اشارت مصادر اعلامية ان الاجتماع نسقت له الامارات والسعودية ومصر وسبقه اتصال هاتفي من وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو، وعد خلاله البرهان بتذليل عقبات ارقت السودان كثيرا لا سيما رفعه عن القائمة السوداء الاميركية للدول الراعية للارهاب.

اللقاء المشؤوم جاء بعد الاعلان عن صفقة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، بات معلوما للجميع ان هذه الصفقة عرضت على عواصم عربية كثيرة قبل الاعلان عنها بشكل رسمي وقد تمت الموافقة عليها ومباركتها من قبل تلك العواصم، والاعلان عنها رسميا جاء فقط للانذار ببدء التنفيذ، فقد تعهدت الرياض وابوظبي بتمويلها والضغط على دول عربية للبدء بتطبيع العلاقات مع الكيان الغاصب بصورة علنية لانها بطبيعة الحال لا تستطيع فعل هذا الشيء في العلن في الوقت الراهن تحديدا لاعتبارات كثيرة لا يتسع المقال لسردها، فبالتالي هي مضطرة للضغط على حلفائها ليخطوا الخطوة الاولى في طريق التطبيع العلني المحفوف بالمخاطر. فكان الرهان على السودان لاعتبارات كثيرة منها الظروف الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها هذا البلد وسهولة تطويع عسكره لا سيما انهم خاضوا حربا بالإنابة عن هاتين الدولتين في اليمن وليبيا.

البرهان لم يخطر الحكومة الانتقالية وهذا ما أكده وزير الاعلام السوداني ولم يتشاور معها، فالخطة كانت معدّة سلفا وتنتظر التنفيذ.

حسب الوثيقة الدستورية التي توافق عليها السودانيون، ليس من صلاحيات مجلس السيادة عقد اتفاقات دولية او القيام بنشاطات دبلوماسية، فهي من اختصاصات وزارة الخارجية التي نفت بدورها هي الأخرى علمها باللقاء أو ما دار فيه، أو كما يقول السودانيون (الشينة منكورة). من أين استمد البرهان صلاحية لقاء نتنياهو والتوافق معه على تطبيع العلاقات والتي تعد من المحرّمات شعبيا.

الثورة السودانية المجيدة قامت ضد الظلم، والمبادئ لا تتجزأ، فظلم الكيان الاسرائيلي لا يحتاج الى إثبات وعدالة القضية الفلسطينية من المسلمات التي لا يختلف حولها. فمن أين استمد البرهان شرعيته؟ وعلى من يجب أن يراهن؟ دماء الشهداء أم أموال السعودية والامارات؟

توافقت آراء السودانيين على رفض التطبيع وضجت الاسافير ومواقع التواصل بالتنديد باللقاء. فقد اكدت قيادات بارزة في "قوى الحرية والتغيير"، رفضها لهذا اللقاء واستنكره الحزب الشيوعي السوداني بأشد العبارات وعاب على الحكومة اكتفاءها بإظهار عدم اطلاعها وطالبها بموقف واضح وصريح يدين ويشجب مثل هذه اللقاءات. علماء دين وشخصيات وطنية بارزة اعلنت رفضها القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع.

هنا نريد أن نقول للبرهان، دونك مصر والأردن وما دولة جنوب السودان عنك ببعيد، كلهم سبقوك في هذا المضمار وبذلوا الغالي والرخيص لإرضاء العم سام ولكن "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم". هذه قاعدة يجب الانطلاق منها لبناء سودان جديد، سودان يملك قراره.

اسامه الشيخ