بين المصارف اللبنانية والمواطن الثقة صفر رصيد

بين المصارف اللبنانية والمواطن الثقة صفر رصيد
الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٠ - ٠٢:١٥ بتوقيت غرينتش

الاجراءات المالية في المصارف اللبنانية تخلق حالة من الانفصال بين المواطن والبنوك والودائع في حبر على ورق .

يعيش لبنان ازمة اقتصادية.ومالية وصفت بالاكثر تفاقما وبغير المسبوقة في التاريخ اللبناني حيث يعيش المواطن يومياته على وقع السحوبات المقطرة تارة بمئتي دورلار وطورا بثلاثمئة اسبوعيا ما خلف حال ذعر وخوف لدى المودعين في المقام الاول ولدى اصحاب المدخول المحدود الذين يتقاضون رواتبهم عبر التحويل المصرفي.

ويقول المراقبون انه من ابرز نتائج الحراك الشعبي الذي شهده ويشهده لبنان منذ اكثر من اربعة اشهر، كان ظهور عامل جديد على خط الثقة المفقودة، التي لم تعد تقتصر على المواطن و الدولة ، بل تعدّتها الى اهتزاز كل اسس الثقة بين المواطن والمصارف اللبنانيّة. لطالما تغنّى لبنان بنظامه المصرفي الرائد وبمنعته وقدرته على الصمود امام التحدّيات والمشاكل، ولكن ظهر ان هذا المفهوم كان مبالغاً به، وها هي المصارف في خضمّ المعاناة تبحث عن حلّ يبعد عنها الايام السوداء. انما، فيما تخوض المصارف هذه المعركة، وجدت نفسها وجهاً لوجه مع المُودعين، من اصحاب الحسابات الصغيرة الى كبار الرأسماليين واصحاب الشركات والمؤسسات، وشيئاً فشيئاً بدأت المواجهة تتطوّر الى أن وصلت الى نقطة اللاعودة.

ويتابع المراقبون: انه اللبنانيين كانوا يعتبرون خطّ الدّفاع الاول عن المصارف، ولكنهم تحوّلوا اليوم الى أبرز المنتقدين لهذا النظام المصرفي بأكمله لاربلرالى خصوم ، حتى ان البعض لم يتورّع عن الاعتداء على البعض منهم، ولو انه عمل مستنكر، الا انه يعبّر عن مدى تردّي العلاقة.

وجهة نظر المصارف تفيد بأنها تحاول التكيّف قدر الامكان مع الازمة المستجدّة وغير العاديّة، بما يؤمّن مصلحة المودعين والحفاظ على اموالهم وابعاد شبح الافلاس عن اي مصرف، وعدم زعزعة صورة ومكانة المصارف اللبنانية .

في المقابل، يرى مواطنون ان المصارف اساءت التصرف، وان الاستراتيجيّة التي اتبعتها ادت الى ما وصلت اليه الامور اليوم، بحيث تمّ التعرض لاموال المواطنين غير المجمّدة والتي يحقّ لهم الحصول عليها اياً تكن الظروف، بينما باتوا اليوم يقفون على ابواب المصارف كمّن "يستعطي" حقّهم ليحصلوا على 200 دولار او 300 كحد اقصى بالعملة الاجنبيّة، وعدم القدرة على سحب كل المبالغ التي يرغبون فيها بالاموال اللبنانية من الصراف الآلي او عبر المصرف نفسه. ويعتبر هؤلاء انّ "تمرد" المصارف على الدولة وعدم تفاعلها مع "مونة" مصرف لبنان ، او حتى الالتزام بقرارات جمعيّة المصارف، جعل كل مصرف، لا بل كل فرع من مصرف، يغرّد على ليلاه، وكل مدير فيه بمثابة رئيس مجلس ادارة.

ويسأل هؤلاء عن السبب الذي يمنع المصارف من حدّ بعض ارباحها في سبيل ابقاء العلاقة متينة مع المودعين، وعن الاموال الطائلة التي حقّقتها المصارف من خلال القروض التي استردّتها مضاعفة على مدى عقود من الزمن، او عبر الحجز على ممتلكات المتخلّفين او بيعها عبر المزاد العلني... وهو ما جعل كل مصرف يفتتح فروعاً متقاربة جداً في كل منطقة من لبنان، بحيث بات هناك تخمة من الفروع للمصرف نفسه، ناهيك عن العدد الهائل للمصارف في لبنان وخارجه.

ومع تقدير هؤلاء المواطنين الكامل للازمة الحالية وخطورتها، وتفهمهم بأن تهافت الناس في الوقت نفسه لسحب اموالهم، في ايّ بلد في العالم ، من شأنه ان يهزّ الوضعين الاقتصادي والمالي للبلد المعني ويفلس مصارفه، فإنهم يسألون عن السبب الذي يمنع حصول عمليّات دمج، بدل التحكّم بأموال المودعين على سبيل المثال لا الحصر، او ابتداع حلول اخرى لا تطال اموال الناس.

ومع اعتبار هؤلاء ان التعرض للاملاك وللموظفين ليس هو الحلّ الناجع، بل عمل مستنكر وغير محبّذ، فإنهم يؤكّدون ان الثقة فقدت مع المصارف، وانّ الاجراءات التي قامت بها زادت حدّة الازمة و التظاهرات والغضب الشعبي لانها طالت ودائع اناس واموالها التي تعتبرها بمثابة "تأمين" تلجأ اليه عند الحاجة. واكّدوا انه حال اصطلاح الاوضاع، فإنهم سيعمدون الى سحب ودائعهم -وهي بمجملها صغيرة- من المصارف كي لا تتكرّر الاحداث نفسها مرّة اخرى، مع توقّعهم ان تعمد المصارف الى محاولات اغراء كبيرة إنْ من خلال الفوائد او من خلال عروض اخرى من شأنها اجتذاب المودعين.
فهل تبخرت الثقة المفترضة بين المودع والمصرف ام ان وراء الاجراءات البنكية ما هو اعظم. ؟

حسين عزالدين