الثورة الاسلامية.. تجربة فريدة تستحق الوقوف عندها

الثورة الاسلامية.. تجربة فريدة تستحق الوقوف عندها
الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٠ - ٠٣:٥٤ بتوقيت غرينتش

لا يمكن حصر ما شهدته وتشهده الثورة الاسلامية في ايران خلال اربعة عقود في سطور او صفحات معدودة. فما يحتويه ملف الثورة متعدد الاوجه والمستويات والمعاني التي تفرض نفسها على القارئ والباحث والمتابع وتدعوه للوقوف عندها والتمعن فيها. 

العالم - قضية اليوم

قد يكون هناك محطات واحداث ومناسبات لم تكن على مستوى امال وتطلعات الجمهورية الاسلامية في ايران، لكن ما لا بد من الاشارة اليه هو حملة التشويه القاسية التي تعرضت لها منذ الايام الاولى لانتصار الثورة قبل اربعة عقود. وهذه الحملة كانت مبنية على قاعدة شيطنة الثورة أو (DEMONIZING ) والتي تستخدم من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية لتشويه صورة كل دولة او طرف يغرد خارج سرب هذا المحور الغربي.

عوامل كثيرة وتجارب اكثر ومحطات عدة تستدعي الوقوف عندها لتبيان اهمية ما حققته الثورة الاسلامية على كافة الصعد.

داخليا

اولا

كان ملفتا بعد انتصار الثورة الحرص على بناء دولة تستند على اسس سليمة، ورغم ان الحرب المفروضة على ايران من قبل نظام صدام حسين كانت تهدد البنية السياسية والامنية كاي حرب تفرض على اي دولة، الا ان ايران استطاعت في ظل الحرب بناء منظومة حكومية قوية ساهمت في اطلاق عجلة بناء الدولة ما بعد الثورة.


ثانيا

يشاهد المتابعون الهجوم الاعلامي وغير الاعلامي على ايران وانجازاتها داخليا وخارجيا. لكن وكما يقال فان النتائج والوقائع هي التي تتكلم. تمكنت ايران من تحقيق انجازات على المستويات العلمية والطبية والكنولوجية والاتصالات والزراعة والصناعة. وكل ذلك في ظل اجراءات حظر بدات منذ الاشهر الاولى للثورة وما زالت مستمرة حتى اليوم.


خارجيا

اولا

لم يتاخر التاثير القوي للثورة الاسلامية كثيرا ليصل الى الدول التي كانت تعاني من الاستبداد وايضا من وجود الكيان الاسرائيلي لاسيما في لبنان وفلسطين. لقد كانت خطوة اغلاق سفارة كيان الاحتلال في ايران ايام الشاه وتحويلها الى سفارة فلسطين قفزة غير مسبوقة في اطار الصراع مع الاحتلال. كانت وما زالت القضية الفلسطينية القضية الاولى بالنسبة لايران. وتزايدت اهميتها بينما يتزايد عدد الدول العربية التي تتلهف للتطبيع مع كيان الاحتلال.


ثانيا

كان من حق ايران كدولة اقليمية لها اهميتها ووزنها ان تطمح لبناء قوتها وتامين اكتفائها الذاتي من القوة التي تضمن لها مصالحها واهدافها التي ارستها الثورة الاسلامية. وكدولة راعية وقائدة لمحور المقاومة، وجدت ايران نفسها امام ضرورة تعزيز قوتها وبرامجها الدفاعية. وبعد اربعين عاما اصبحت ايران قوة لا يستهان بها رغم المساعي الاعلامية الغربية والاقليمية لتصوير الامر عكس ذلك. لم يتجرأ نظام او دولة اقليمية طوال اربعين عاما على معاندة الولايات المتحدة او رفض طلب لها، فما بالك بضرب قواعدها المنطقة؟ حاولت الكثير من الدول الاقليمية التقليل من اهمية قصف ايران لقاعدة عين الاسد الاميركية في العراق بعد اغتيال واشنطن للشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهما. لكن ما كشفته الايام هو ان الضربة الايرانية اصابت اكثر من مئة جندي اميركي. والسؤال هنا هو هل تجرؤ دولة في المننطقة على فعل الشيء نفسه؟

بالطبع لا، وذلك لان ايران صمدت وقاومت الحظر والضغوط وبنت قوتها وعززت قدراتها لتستحق ان تكون في هذا الموقع التي هي فيه اليوم.

ثالثا

راهنت الولايات المتحدة طوال سنوات ومعها حلفاؤها الاقليميون على تراجع شعبية نظام الجمهورية الاسلامية بعد اربعة عقود من الثورة. كان الاعلام الغربي وبعض العربي يركز على تظاهرات مطلبية محقة للايرانيين لاستغلالها للترويج لسقوط نظام الجمهورية الاسلامية. لم يكن احد من هذا الاعلام يتوقع المشاهد التي لم يتمكن العالم من اغفالها خلال تشييع الشهيد الفريق قاسم سليماني. كما لم يتوقع احد من ابطال البروباغاندا الغربية ضد ايران مشاهد الايرانيين الذين توافدوا بالملايين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

كل هذا جزء من انجازات تمكنت ايران من تحقيقها خلال السنوات الاربعين السابقة. ومع دخولها عقدها الخامس، لا يختلف اثنان على ان التجربة الفريدة للثورة الاسلامية في ايران تستحق الوقوف عندها مطولا ودراستها بكل ابعادها وخلفياتها ونتائجها التي لم تصل الى اعلى مستوياتها بعد.

حسين الموسوي