بين سياسة المصارف في لبنان وشبح الافلاس اموال المودعين في مهب الريح

بين سياسة المصارف في لبنان وشبح الافلاس اموال المودعين في مهب الريح
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠ - ٠١:٠٥ بتوقيت غرينتش

بين الإفلاس وسوء الإدارة في المصارف اللبنانية مصير أموال المودعين في خطر.

العالم - لبنان

لم تكن السياسة المالية التي رسمها حاكم مصرف لبنان ريض سلامة للمصارف اللبنانية بالناجحة او اقله بالآمنة تبعا لتدعيات الوضع النقدي الذي وصلت اليه البلاد وسط استحقاقات داخلية تتعلق بالحركة الاقتصادية وغلاء الاسعار على وقع تفلت سعر الصرف للليرة اللبنانية وانعكاسه على غلاء الاسعار بشكل جنوني من جهة واستحقاقات الديون والسندات الملزمة للخارج.

وترى المصادر المتابعة انه في الوقت الذي تتواصل فيه إجتماعات كبار المسؤولين ال لبنان يّين الرسميّين، مع مُمثّلي صندوق النقد الدولي ، ومع مُمثّلين إقتصاديّين وماليّين مُتخصّصين، يتمّ في الشارع اللبناني وفي سياق القلق العام على الودائع المصرفيّة، تداول نظريّتين عن أسباب ما حصل ويحصل .

الأولى تتحدّث عن مُؤامرة إفلاس خارجيّة مُتعمّدة، والثانية تتحدّث عن سوء إدارة إقتصاديّة وماليّة، الأمر الذي أوصل البلاد إلى حال الإنهيار.

وبالنسبة إلى نظريّة مُؤامرة إفلاس لبنان، فهناك من يعتبر أنّ ما حصل هو عبارة عن خُطّة دوليّة مدروسة بعناية، جرى تنفيذها داخليًا بعناية ليس منذ سنوات فحسب، بل منذ عُقود، بهدف إفلاس لبنان، وإرغامه بالتالي على القُبول بتسويات سياسيّة تحت وطأة العوز والجوع وتقول المصادر أنّ جهات دوليّة عدّة، شجّعت لبنان على الإستدانة لتنفيذ المشاريع الإستثماريّة، مع تقديم وُعود بمحو هذه الديون وبشطبها، في مرحلة لاحقة، عندما يعمّ السلام المنطقة. لكنّ هذا الأمر لم يحصل، بل دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة من الصدامات الجديدة التي لا تنتهي، ليغرق لبنان بمزيد من الديون تباعًا، بحيث أصبح مع الوقت عاجزًا عن سداد فوائد هذه الديون التي تضخّمت كثيرًا. ومع كل مُؤتمر دَولي خُصّص لدعم لبنان، كانت الأموال تأتي إلينا بسُهولة، ليتم بعد ذلك، المُطالبة بدفع الفوائد، وهكذا دواليك، بحيث لم تعد الدولة اللبنانية قادرة على الوفاء بإلتزامتها الماليّة العالميّة. وهدف بعض الدول التي تقف خلف هذه الخطة حسب المصادر هو إرغامه على القُبول بتسويات مُخصّصة للمنطقة، تتناول العلاقة معالكيان الاسرائيل ي ، ومصير اللاجئين السُوريّين والفلسطينيّين على أرض لبنان، وحُقوق إستخراج النفط والغاز ، إلخ.

في المُقابل تقول مصادر اخرى ان سوء إدارة مسؤولي الدولة منذ سنوات وغياب الرؤية الإقتصاديّة والماليّة،دفعت باتجاه الخط الإنحداري للعجز المالي وكان واضحًا من البداية، وهو تصاعد وكبر ككرة ثلج مع الوقت، بحيث بلغ أخيرًا مرحلة مُتقدّمة يصعب وقفها وبحسب المصادر ، فإنّ الدولة اللبنانيّة تعرّضت لعمليّة سرقة مُنظّمة ومُمنهجة على مدى سنوات وعُقود، من قبل مجموعة من القوى السياسيّة المُتعاقبة، بحيث جرى توزيع مئات المشاريع الإستثماريّةفي ما بينها، بمبالغ تفوق بأضعاف الكلفة التنفيذيّة الحقيقيّة في ما لو جرى تطبيق مُناقصات شفّافة.

وتتابع المصادر ما زاد الأمر سوءًا،هو تواصل الهدر في كثير من المصالح الحيويّة للدولة، بالتزامن مع تعرّض لبنان لخضّات أمنيّة وسياسيّة مُتعدّدة خلال العُقود الثلاثة الماضية، الأمر الذي أضعف الواردات، في مُقابل تفاقم المصاريف من دون حسيب أو رقيب.

وبين هذه النظريّة وتلك، وبغضّ النظر عن حُجج كل طرف، وحتى بغضّ النظر عن وُجود نظريّات أخرى تدمج ما بين تمّ ذكره، أو تتحدّث عن نظريّات أخرى أيضًا، فإنّ الرأي العام اللبناني مُهتمّ حصرًا بالنتائج التي وصلنا إليها معيشيًا وحياتيًا، لجهة غياب فرص العمل، وإرتفاع نسب البطالة ، ولجهة إرتفاع الأسعار، وتراجع القُدرة الشرائيّة، وتوسّع دائرة الفقر . وقلق اللبنانيّين مُنصبّ حاليًا على ودائعهم الماليّة في المصارف–كلّ بحجم قُدراته ومصاريفه، فما هو المصير المُتوقّع لهذه الأموال، في ظلّ الكثير من التقديرات والتكهّنات وحتى الإشاعات والدسائس المُغرضة.

وتختم المصادر:

لا شكّ أنّ آراء الخُبراء الإقتصاديّين والماليّين مُتضاربة جدًا في هذا السياق، حيث يربط الكثير منهم مصير هذه الودائع، بالخيارات التي سينتهجها لبنان خلال الأشهر المُقبلة، وحتى خلال السنوات القليلة المُقبلة، وكذلك بحجم المُساعدات التي سيتلقّاها البلد، وثالثًا وليس آخرًا بحجم الثقة التي يُمكن إستعادتها في حال نجاح السُلطة السياسيّة في جذب القُروض الماليّة، وحتى بعض الإستثمارات. في المُقابل، يعتبر خبراء آخرون أنّنا وصلنا مرحلة اللاعودة على مُستوى العجز المالي ، والمسألة تقتصر بالتالي على إدارة عمليّة إفلاس بأقلّ أضرار مُمكنة، وعلى مُحاولة تأخير هذه الحقيقة المُرّة، لأطول فترة مُمكنة فهل بات لبنان تحت خط الافلاس حقيقة والذي ينتظره اكبر واخطر مما يجمله البعض عبر مواقف التطمين؟

حسين عزالدين

كلمات دليلية :