أسعار قياسية للدولار في لبنان والأزمة مفتوحة.. فهل يقفز عن الـ3000؟

أسعار قياسية للدولار في لبنان والأزمة مفتوحة.. فهل يقفز عن الـ3000؟
الخميس ٠٥ مارس ٢٠٢٠ - ٠٢:٥١ بتوقيت غرينتش

لم يعد مفاجئًا التلاعب بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. سؤال المواطنين اليومي بات كم يبلغ سعر الصرف. لكن ومنذ مطلع الشهر الحالي سُجل تحليق قياسي لهذا السعر لامس عتبة الـ2700 ليرة، الأمر الذي رفع منسوب خوف اللبنانيين على قدرتهم الشرائية المتدهورة، وإمكانية تأمين حياة كريمة لأبنائهم، وعليه، يُصبح السؤال ضروريًا "من المسؤول عن هذا الارتفاع الحادّ؟".

العالم - لبنان

الصرافون يرفضون تحميلهم المسؤولية

المفاجأة كانت لدى تواصل موقع "العهد" الإخباري مع نقيب الصرافين محمود مراد الذي يرفض بقوّة تحميلهم المسؤولية، مناشدًا القضاء وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضبط السوق ووضع اليد على من أسماهم "أشباح الطرقات".

مراد شكا من سوق الصيرفة "السوداء" أي من أولئك غير الحائزين على رخصة لمزاولة المهنة. هؤلاء، إضافة إلى مطلقي التطبيقات الإلكترونية "applications" المعنية بتسعير الدولار بالنسبة لليرة الذين يصفهم بـ"المُجرمين" هم وحدهم بحسب النقيب من يتلاعب بسوق العرض والطلب.

وردًا على سؤال بشأن مسؤولية النقابة عن "فلتان" السوق، يجيب مراد: "لأجل ضبط الوضع تواصلنا مع رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود وكان لنا أكثر من لقاء مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقاضي علي ابراهيم". لكنه يتأسف لكون رخصة مزاولة مهنة الصرافة لا تتطلب تصريحا من النقابة وإنما من الحاكم حصرا. وفي هذا السياق يذكّر بأن هناك مشروع قانون قُدّم منذ سنوات ويقضي بالتحكم بإعطاء الرخص.

ويؤكد مراد أن الصرافين هم ليسوا سوى جزء صغير من الكتلة النقدية في لبنان، ويقول: "لسنا المستفيدين من ارتفاع سعر صرف الدولار كصرافين، لأن هامش الربح لدينا لم يتغير، ورأسمالنا "ذاب" إزاء ارتفاع سعر الصرف. نعم نحن متّهمون من الرأي العام، ما بات يستوجب علينا توضيح الكثير من المغالطات بحق الصرافين، لأن الهجمة علينا، ولا يد لنا فيها، ولذلك سنعقد مؤتمرا صحافيا في 16 آذار لتوضيح المغالطات".

حاكم مصرف لبنان المسؤول الأول عن تردّي الوضع النقدي

في المقابل، يدحض الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي كلام نقيب الصرافين ويُقدّم وجهة نظر مغايرة تمامًا، إذ يرى أن المنظومة السياسية المتسلطة على موارد اللبنانيين ومقدراتهم وعلى رأسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هم المسؤولون أولا وأخيرا عن تردي الوضع الاقتصادي والنقدي في لبنان.

ويقول: "حين يتبادر إلى مسامع اللبنانيين أن حكومتهم ستعزف عن سداد ديونها من سندات "اليوروبوندز" المستحقة في التاسع من الشهر الحالي، يفترضون أن لا دولار في السوق اللبناني، وهو ما يظهر جليًا لدى عودتهم من المصارف دون الدولارات المُقنّنة من قبل القاسي على صعيد السحوبات والتحويلات المالية بالعملة الصعبة".

يشوعي يوضح أن هناك عوامل عدّة دفعت إلى تحليق سعر صرف الدولار مقابل الليرة، من ادخار اللبنايين ملايين الدولارات في منازلهم، فضلًا عن الشحّ في المصادر الخارجية لتوريد الدولار، أكان من تحويلات المغتربين أم استثمارات مباشرة خاصة الخليجية منها، إذ إنها تراجعت دراماتيكيًا، إضافة لانخفاض نسبة الصادرات إلى النصف بفعل التقنين القاسي للمصارف وصعوبة حصول التجار على الدولار، مقابل خروج الرساميل وانخفاض دخولها إلى البلد، وهو ما يظهر في عجز ميزان المدفوعات الذي بدأ منذ 2012.

ولا يستبعد يشوعي أن يستمر الدولار في التحليق مسجلًا أسعارًا عالية مقابل سعر الليرة، متوقعًا أن تزيد الأزمة حدة.

وفيما يتعلق بسندات "اليوروبوندز"، يرى يشوعي أن التمنع عن دفعها سيضع لبنان بوجه التحكيم الدولي المرتبط بالبنك الدولي، ومن شأن ذلك إصدار قرارات قد تطال موجودات الدولة اللبنانية، التي تملك شخصية وصفة عامّتين.

بحسب الخبير، قد يطال التحكيم على سبيل المثال الذهب لدى البنك المركزي، أو شركة "الميدل إيست"، ويؤكد أن التحكيم ملزم للجميع ويطال بالعادة موجودات الدول وكل مؤسساتها المعنوية ذات الصفة العامة.

أما أُفقّ الحل، فيتأسّف يشوعي لكونها ضيّقة، لكنه يرى في الاستعانة باستشاريين دوليين يضعون للبنان دفاتر شروط مخرجا للأزمة، ويقول "أنا مع تغيير إدارة الخدمات العامة وطبعًا إقالة حاكم مصرف لبنان، الذي دمر الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي وتواطأ مع طبقة سياسية شديدة الفساد واستولى على أموال اللبنانيين ومدخراتهم وجنى العمر، يجب أن يُحاسَب لأن ما قام به كان جريمة كبرى بحق كل لبناني، ولذلك على الحكومة أخذ قرار بإقالته واستبداله في أسرع وقت ممكن".

يختم يشوعي بتأييد إعادة هيكلة وترتيب المالية العامة وتنظيمها، ويقول: "هو برنامج نحن مستعدون كخبراء لوهبه للدولة، بدلا من دفع ملايين الدولارات للاستعانة بالقانون الدولي، خاصة أن هدف المعنيين من هذه المعونة تشكيل خط دفاع لهم مقابل التحكيم، لكن الدائنين الخارجيين لن يقبلوا الحل بالتراضي".

ياسمين مصطفى - موقع العهد