بن سلمان يلاحق كنز معلومات استخباراتي لا يستهان به

بن سلمان يلاحق كنز معلومات استخباراتي لا يستهان به
الجمعة ١٣ مارس ٢٠٢٠ - ٠٥:٥٣ بتوقيت غرينتش

افاد موقع ميدل إيست آي البريطاني بان الحكومة الكندية منحت حق اللجوء للمسؤول السابق في المخابرات السعودية سعد الجبري، الذي يعد من كبار المستشارين الموثوقين للأمير محمد بن نايف، ولي العهد ووزير الداخلية السعودي السابق، صاحب العلاقات الوطيدة بالاستخبارات الغربية.

العالم- السعودية

هذه الخطوة الكندية بحسب تصريحات ثلاثة مصادر سعودية مطّلعة على المسألة لموقع ميدل إيست آي البريطاني، تعتبر تهديداً لحكم ولي العهد محمد بن سلمان حيث إن المسؤول السابق في المخابرات سعد الجبري، من أكثر السعوديين المطلوبين خارج المملكة.

وتأتي خطوة الجبري للهروب إلى كندا، في ظل حملة الاعتقالات والاستهدافات التي تطال كل المعارضين أو المحسوبين على أطراف لا تروق لها تصرفات ولي العهد، وقد فرَّ الجبري من المملكة في عام 2017 قبل وضع بن نايف رهن الإقامة الجبرية، ليحل محله ابن عمه البالغ من العمر 31 عاماً، في منصب ولي العهد.

وأثارت مسألة اللجوء إلى كندا تساؤلات جديدة حول النزاع الدبلوماسي غير المسبوق بين أوتاوا والرياض في صيف عام 2018.

ففي يوم الجمعة، كان بن نايف من بين عديد من أفراد العائلة الملكية والمسؤولين الذين اعتقلهم ولي العهد، في حين يُعتَقد أنّها آخر محاولاته لإحكام قبضته على السلطة. ولكن الحكومة السعودية لم تُصدِر بياناً رسمياً عن الاعتقالات حتى الآن.

أما قبل ثلاث سنوات، فصار الجبري هدفاً لولي العهد الشاب واضطر إلى الفرار بسبب ولائه لمحمد بن نايف، وخبرته الطويلة بدواخل وزارة الداخلية النافذة في المملكة، وثروته الشخصية الضخمة.

في حين قال مصدرٌ مُطّلع على الموقف، تحدّث شريطة السرية مثل المُطّلعين على الأحداث: “فلنفترض أنّ هناك احتمالية لحدوث انقلاب في السعودية، سنجد أنّ الجبري يُمثِّل التهديد الأكبر، لأنّه يمتلك المال والنفوذ الكافيَين لإحداث فارق”.

وقال مصدرٌ آخر إنّ المسؤول السابق ظلّ يتعرّض للمطاردة حتى في كندا، وتلقى رسائل تهديد من محمد بن سلمان. كما أنّ هناك مخاوف من محاولة تسليم على الأراضي الكندية؛ لإعادة الجبري إلى المملكة.

إلى ذلك فقد عجز موقع Middle East Eye عن تأكيد رواية المصدر بشكلٍ مُستقل. في حين رفض جهاز مخابرات الأمن الكندي التعليق على الأمر.

أما المتحدث باسم شرطة الخيالة الكندية الملكية، فقد قال للموقع البريطاني: “بصفةٍ عامة، تعلن الشرطة عن وجود تحقيق، وطبيعة التهم المُوجّهة، وهوية الأفراد المتورّطين فقط في حال أسفر التحقيق عن توجيه تهمةٍ جنائية”.

في حين سعى الموقع للحصول على تعليق الجبري وعائلته من خلال عدة قنوات، لكنّه لم يحصل على رد حتى وقت نشر التقرير.

لكن المصادر المُطّلعة على ما حدث قالوا إنّه من الضروري في رأيهم الكشف عن تفاصيل المحنة، لأنّ ذلك يكشف أكثر عن المدى الذي سيصل إليه ولي العهد في مطاردة خصومه المُفترضين.

ومع بدء صعود محمد بن سلمان إلى السلطة في يناير/كانون الثاني عام 2015، عقب وفاة الملك عبدالله وتنصيب الملك سلمان؛ اندلع صراعٌ على السلطة داخل الوزارة بين الجبري ومسؤول آخر رفيع المستوى هو: اللواء عبدالعزيز الهويريني، بحسب تصريحات مصدرين لموقع Middle East Eye.

من المعروف أن الجبري والهويريني كانت لهما علاقات وثيقة مع الاستخبارات الأمريكية تحت قيادة “بن نايف”، الذي ثبّت أقدامه بوصفه المحاور الرئيسي للأمريكيين قبل هجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول.

لكن التوتّرات حدثت بسبب اختلاف ولاءاتهم، وفقاً للمصادر. إذ كان الجبري يدعم بن نايف الذي كان ولي العهد آنذاك، في حين كان الهويريني يُفضّل محمد بن سلمان الذي كان يتهيّأ لإبعاد الجبري وبن نايف، بالتزامن مع ازدياد نفوذ الأمير الشاب.

في سبتمبر/أيلول عام 2015، تُشير التقارير إلى لقاء الجبري بمدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك جون برينان، خلال رحلةٍ إلى واشنطن، دون علم محمد بن سلمان. وحين عاد الجبري إلى السعودية، وجد أنّه قد أُقيل بمرسومٍ ملكي.

وفي أعقاب محنة بن نايف، أشارت التقارير إلى أن الهويريني أُقيل من منصبه أيضاً وأُودِع رهن الإقامة الجبرية في منزله فترةً وجيزة. وقال مسؤولون أمريكيون لصحيفة New York Times الأمريكية حينها، إن فقدان بن نايف والهويريني قد يُعرقل تبادل المعلومات الاستخباراتية مع المملكة.

بعد فراره أول الأمر إلى ألمانيا في صيف عام 2017، سافر الجبري إلى الولايات المتحدة، ويُعتقد أنّه أقام في بوسطن. وخلال تلك الفترة، كتب منشور مُدوّنة لصالح مركز Belfer Center بجامعة هارفارد.

رغم ذلك، قال مصدران مطّلعان على المسألة، إنه لم يشعر بالأمان داخل الولايات المتحدة في وجود دونالد ترامب، رغم العلاقات القوية التي كان يحظى بها وسط مجتمع الاستخبارات الأمريكية بوصفه مساعد بن نايف. وبدلاً من ذلك، سافر إلى كندا، حيث منحه المسؤولون حق اللجوء في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، ولحِق به عديد من أفراد عائلته بعد شهرٍ واحد.

خلاف سعودي كندي..

لا شك في أن الكشف عن مساعدة الحكومة الكندية للجبري وعائلته سيثير بعض التساؤلات حول الخلاف الدبلوماسي الذي اندلع بين أوتاوا والرياض في أغسطس/آب عام 2018.

حتى الآن، بدا للعامة كأن النزاع اندلع عقب تغريدة السفارة الكندية في الرياض بالعربية، والتي دعت فيها إلى الإفراج عن النشطاء الحقوقيين، رغم أن الخبراء تحدّثوا عن وجود خلافات بالفعل في الرياض.

في غضون 48 ساعة من تلك التغريدات، سحبت المملكة العربية السعودية بعثتها الدبلوماسية، وطردت السفير الكندي لدى المملكة، وجمّدت المعاملات التجارية والاستثمارية كافة، لتترك المراقبين المُحنّكين في حالةٍ من الذهول.

كاتب أعمدةٍ بارز بصحيفة Globe and Mail الكندية وصف التغريدة بأنها “أمرٌ روتيني. ولكن السعوديين ثاروا بشكلٍ غير مفهوم”.

في حين قالت مصادر مُطّلعة على مسألة لجوء الجبري إلى كندا، إنهم يعتقدون أن إيواء المسؤول السابق يُفسّر سبب تصعيد النزاع بهذه السرعة. وقال أحد المصادر: “تُمثّل التغريدة القشة التي قصمت ظهر الجمل. ومحمد بن سلمان هو الجمل بما حمل”.