السعودية تتخبط في التصدي لكورونا

السعودية تتخبط في التصدي لكورونا
الأحد ١٥ مارس ٢٠٢٠ - ١٢:٢٥ بتوقيت غرينتش

أشعل القرار الذي اتخذته السلطات السعودية بدفع نحو 50 مليار ريال للقطاع الخاص في اطار مساعيها للتصدي لفايروس كورونا منصات التواصل الاجتماعي في المملكة، ويهدف القرار الى تعويض القطاع الخاص من الاضرار الناجمة عن تبعات الفايروس كاغلاق المصانع وورشات العمل.

الا أن القرار أثار موجة سخط واسعة بين الشرائح المتوسطة ومتدنية الدخل في المجتمع السعودي، وخاصة سخط المواطنين السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص للحصول على عائداته من اجل توفير حياتهم المعيشية، ويساور معظم هؤلاء قلق كبير من أن المنحات التي تقدمها الحكومة ستزيد من معاناتهم ومشاكلهم ولا تسهم بتاتا في حلها.

وأشاروا في تعليقاتهم على قرار السلطات السعودية الى أنهم يواجهون في الوقت الراهن مشكلة توفير عائد لتأمين حياتهم المعيشية نتيجة اغلاق وتوقف العمل في المحلات والمصانع وورشات العمل التي يعملون فيها مما أدى الى توقف عائداتهم المالية خاصة وأنهم لا يتمتعون بأية بدائل لضمان الحصول على عوائد مالية كضمان البطالة أو غيرها، التي تعمل بها سائر الدول.

وشددوا في تعليقاتهم على أن هذه الاموال التي تريد الحكومة صرفها ستذهب الى جيوب التجار ورجال الأعمال وخاصة أولئك الذين يتمتعون بعلاقات متميزة مع وزارة التجارة والمؤسسات الحكومية، وبذلك فان هذه الأموال ستزيد من ثرائهم، وفي نفس الوقت تزيد من معاناة المواطنين والمقيمين الذين يعملون في القطاع الخاص، لأن التاجر وصاحب العمل عندما تعوضه الحكومة عن الخسائر التي يتكبدها نتيجة اغلاق ورشته أو توقف البيع والشراء نتيجة وباء الكورونا، عندها سيشعر بعدم الحاجة للاستمرار في العمل الأمر الذي ينعكس على العمال لديه.

وطالب السعوديون في تعليقاتهم على القرار بأن تقوم السلطات بتعويض العاملين في القطاع الخاص المتضررين من وباء الكورونا بطريقة مباشرة بأن تودع الأموال في حساباتهم الخاصة لتكون عونا لهم ولعوائلهم مقابل توقفهم عن العمل وتوقف عائداتهم المالية، أو أن تصدر الحكومة قرارا يلزم التجار ورجال الأعمال بدفع بدل بطالة للعاملين في ورشاتهم ومصانعهم، لا أن يتخلون عنهم بكل بساطة.

ومما لاشك فيه فان القرار يؤدي الى ظهور جيش من العاطلين عن العمل الأمر الذي ينعكس على تفشي ظواهر سلبية كثيرة في المجتمع السعودي، كتزايد السرقات والعصابات المنظمة والفساد الأخلاقي وارتفاع مستوى الادمان وغيرها من الظواهر الاجتماعية، التي غالبا تظهر وتتزايد نتيجة البطالة.

ومن الواضح أن السلطات السعودية تتخبط في مواجهة فايروس كورونا، فبدل أن تصارح شعبها وتقول له بأن هذا الفايروس تحول الى وباء عالمي وقد أصاب أكثر الدول تقدما، تلجأ الى أساليب رخيصة كأن تتهم هذه الدولة أو تلك بنقل الفايروس لها، وغير ذلك من الاساليب التي لن توقف انتشار الفايروس وحسب بل وتزيد من عدد الاصابات.

وبما انه لم يتم العثور حتى الآن عن مضادات لهذا الفايروس، فان السبيل الأمثل الذي لجأت اليه معظم بلدان العالم وخاصة البلدان التي تفشى فيها الفايروس بشكل كبير وواسع هو تحذير الشعب منه ومن خطورته، والابتعاد عن التجمعات، واستخدام كافة أنواع وسائل الوقاية منه سواء على الصعيد الفردي والشخصي أو على الصعيد العام كتعقيم الاماكن العامة، وفرض استخدام وسائل الوقاية في الاماكن العامة كاستخدام قفازات اليدين أو كمامات الوجه، وربما تشجيع الناس على المكوث في بيوتهم هو الخيار الأمثل المتاح في الوقت الراهن، ولكن ينبغي في مقابل ذلك ايجاد حل للعوائد المالية للعوائل التي ليس ليس لها دخل سوى العمل في القطاع الخاص أو العام.

ان تطلب السلطات في أي بلد من العوائل وخاصة رب العائلة أو الذي يوفر لقمة العيش لها بملازمة البيت دون أن يكون هناك بدائل سواء أموال نقدية أو توفير السلع الضرورية المجانية لها، فان ذلك غير مجدي، ويتعين أن تكون البدائل حلا للمشكلة لا أن تضاعفها، كما هوالحال في قرار السلطات السعودية الذي من شأنه أن يزيد في ثراء التجار ورجال الأعمال.