الى متى يدفع اليمنيون ضريبة الخلاف السعودي – الاماراتي؟

الى متى يدفع اليمنيون ضريبة الخلاف السعودي – الاماراتي؟
الأحد ١٥ مارس ٢٠٢٠ - ٠٥:٥٣ بتوقيت غرينتش

بدأت بوادر قتال عنيف ودام بين الموالين للسعودية والامارات في مدينة عدن بجنوب اليمن تلوح في الأفق، رغم أن اتفاق الرياض الذي أنهى معارك دموية بين الفريقين لم يمض عليه سوى ثلاثة أشهر.

بدأت المشكلة عندما طردت القوات السعودية العناصر الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الامارات من حراسة مطار عدن الدولي، واستبدلتهم بمقاتلين يمنيين موالين لها وللمستقيل عبدربه منصور هادي، كما أن القوات السعودية منعت قيادات في المجلس الانتقالي من العودة الى عدن؛ وردا على ذلك قامت قوات من المجلس الانتقالي الجنوبي تتولى حماية قصر معاشيق الرئاسي في عدن بمنع عقد اجتماع كان مقررا لعدد من الوزراء ونواب الوزراء برئاسة سالم الخنبشي نائب رئيس الوزراء، وأجبرتهم على العودة من حيث أتوا.

ولم يكتف المجلس الانتقالي الجنوبي بالرد على اجراءات السعودية في عدن بمنع اجتماع قصر المعاشيق وحسب وانما قامت قوات موالية له باقتحام مطار عدن الدولي وانتشرت في الصالات وأماكن أخرى في المطار، مما أدى إلى إغلاقه. کما أن تعزيزات عسكرية كبيرة من قوات الحزام الأمني والمجلس الانتقالي الجنوبي وصلت إلى المطار ومحيطه، لمنع القوات الموالية للسعودية من استلام مهمة الحراسة.

وحمّل المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي صالح النود حکومة هادي مسؤولية التوتر الأخير الذي وقع بين المجلس والسعودية ونفى الاتهامات الموجهة للمجلس بعدم الالتزام باتفاق الرياض، وقال إن حکومة هادي تتحمل مسؤولية عرقلة تطبيق الاتفاق بشكل جعل بعض بنوده قد تجاوزها الزمن، مشددا على أن اليمنيين في الجنوب لن يقبلوا أي محاولة لإذلالهم من أي طرف كان، وأنهم بانتظار تفسير من الرياض بشأن سبب منع ثلاثة مسؤولين جنوبيين من العودة إلى عدن.

واذا لم يقدم الطرفان على خطوات واجراءات سريعة لاحتواء المشكلة فان الأمور تتدحرج الى تصاعد الخلاف والتوتر بينهما الى قتال ربما أعنف من الذي وقع قبل اتفاق الرياض، والحقيقة أن المشكلة لا تعود الى حراسة مطار عدن أو عرقلة اجتماع قصر المعاشيق أو غير ذلك، فهذه وغيرها مجرد ذرائع لخلاف بين الامارات والسعودية حول مناطق النفوذ والسيطرة في اليمن، فعلى الرغم من ان القوات الاماراتية التي كانت تتولى شؤون مطار عدن غادرت المطار في مطلع العام الماضي، ولكن من المؤكد انها ترفض تقليص نفوذها في اليمن، بل على العكس فهناك من يقول أن الهدف من اندلاع المعارك والأزمات في عدن هو أن الامارات تريد أن تثبت للسعودية بأنها غير قادرة على التحكم والسيطرة على الوضع من دونها.

ومما لاشك فيه أن هذه المشاكل صورة أخرى عن الخلاف الدائر بين السعودية والامارات حول نهب ثروات اليمنيين، وخاصة الثروات النفطية في حضرموت خيث تسعى كلا من أبو ظبي والرياض الى السيطرة على حقول النفط في حضرموت واستئناف انتاج النفط منها وبيعه، غير أن الذي يدفع الثمن سواء في حضرموت أو عدن هم اليمنيون وليس غيرهم، فاما أن يدفعوه عبر نهب أموالهم وثرواتهم أو عبر دمائهم وأرواحهم، جراء القتال بينهم هنا وهناك، ومن المؤكد أن الدمار الذي يلتهم مناطقهم بعد كل جولة قتال دام، يكبدهم الخسائر الفادحة.

صنعاء طالما كانت منفتحة على الحل، ولكن لا يمكن التوصل الى حل من دون حوار يمني – يمني واتفاق يمني – يمني، والخطوة الأولى للاتفاق هو الاتفاق على ايقاف العدوان بالكامل وطرد المحتلين السعوديين والاماراتيين وسائر مرتزقتهم سواء السودانيين أو غيرهم من اليمن، عندها يمكن بحث سائر القضايا والتوصل الى حل بشأنها.

حركة انصار الله كانت تعلم أن مشكلة الجنوب معقدة للغاية ولذلك لم تمكث كثيرا في مناطق الجنوب، بل سارعت الى الانسحاب من تلك المناطق عندما رأت أن بعض الجنوبيين رفضوا الاتفاق معها، وهذا أن دل على شيء فانما يدل على أنها تتفهم ما يجري في هذه المناطق، وانها على استعداد للتفاهم في هذا الاطار، ولكن بشرط أن لا ينصت الجنوبيون لتدخلات السعوديين والاماراتيين، فانهم لو كانوا يريدون الخير لليمن، لاتفقوا فيما بينهم وجنبوا الجنوب وأهله المشاكل والمعارك.