9 سنوات من الصمود والنصر.. والارهاب في ادلب الى زوال

9 سنوات من الصمود والنصر.. والارهاب في ادلب الى زوال
الإثنين ١٦ مارس ٢٠٢٠ - ٠٦:٥٥ بتوقيت غرينتش

عام جديد دخلناه في عمر الحرب المفروضة على سورية، وسط انجازات كبيرة حققت على المستوى العسكري والسياسي،   الحرب التي وصفت بالحرب المفتوحة، بدأت تنحدر حدةُ العمليات الارهابية فيها تدريجياً، بعد السيطرة على معظم مناطق تواجد المسلحين ، سنوات تسع وفق تقويم الحرب على الارهاب انتهت، كانت مليئة بالظلم والهلع والدم، حيث الوقت يضبط بحسب رغبة الدول الداعمة للارهاب، والتي لا تريد لهذه الحرب ان تتوقف. 

العالم - قضية اليوم

منتصف اذار من كل عام يأتي ليفتتح عاماً اخر من عمر الحرب، بالرغم من انحسار جغرافيا الاشتباكات، الا ان جوهر الحياة في سورية هو يوميات حرب في الرقة ودير الزور والحسكة وريف اللاذقية وبعض من ريف حلب وادلب، وما يميز محافظة عن اخر هو طبيعة الداعم للمجموعات المسلحة، وطبيعة الهدف في تلك المنطقة، الا ان الاتفاق بالرغم من تفاوت نسب الالم، ان القسوة مازالت تعشش في بعض المناطق، وان كانت بفعل الضائقة الاقتصادية والحصار الذي يفرض على البلاد، والتي تشكل موجة جديدة من الحرب، يراد منها طالة امد الصراع، الا ان ذلك كله لم يغير في تصميم السوريين على وضع الية تسير بشكل منتظم لايقاف الحرب، وهذا ما نلاحظه بين مطالب الدول الداعمة للمسلحين بين عامي 2011 و2020، والاختلال في موازين القوى، فمطالب تركيا في بداية الحرب تقلصت لتصل الى حجة ضمان امن الدولة التركية، امام "خطر الاكراد" كما يدعي رجب طيب اردوغان، او حتى خوفا من عودة الارهابيين الى الداخل التركي، وهذا يؤكد ان الشعب والقيادة السورية، يدرك منذ بداية الحرب ان ما تتعرض له البلاد يأتي كجزء من محاولة تغير الجغرافية السياسية في المنطقة ككل، وما قدمه الجيش السوري والحلفاء من تضحيات هو ما اوصل الدولة اليوم للسيطرة على اغلب الجغرافية الوطنية، والجميع يعلم كيف ان المعارك الاخيرة في ادلب، والانجازات العسكرية والصمود هناك، دفعت تركيا الطلب من روسيا التوصل الى اتفاق في تلك المنطقة.
ومع دخولنا العام العاشر من الحرب، يتأكد الهدف الرئيس منها ، والتدخل الكبير لدول اقليمية، واطراف دولية، ان الذرائع التي شنت من اجلها الحرب ما هي الا غطاء لهدف جوهري وهو اخراج سوريا من الدور المركزي في مواجهة الولايات امتحدة الامريكيةوالكيان الاسرائيلي، وهذا ما لم يحقق، فالمراوحة في مطالب تلك الدول التي دعمت الارهاب، تؤكد ان معضلة ملف ادلب، والذي تحاول تركيا تحويله الى شبيه بقبرص الشمالية، دخل في حسابات سياسية وعسكرية جديدة، وان التصريحات الاخيرة للرئيس التركي حول تقاسم ابار النفط في الداخل السوري، ما هو الا دليل واضح ان اكبر المكاسب التي تنظر اليها تركيا في الوقت الحالي هو السعي للفوائد الاقتصادية، وحفاظها على دور فعال في الحل السياسي النهائي، عبر اساليب متعددة منها اعادة ترتيب الاوراق العسكرية في ادلب، من خلال افكار لدمج المجموعات المسلحة تحت مسميات مختلف، للوصول الى جسم يستطيع ان يكون رافعة سياسية لحمل التأثير التركي الى المستقبل السوري، واستمرار العبث في الجزيرة السورية، وارياف الحسكة والرقة ودير الزور، ضمن فكرة تعقيد الملف هناك، لتشتيت جهود الدولة السورية بين ادلب وشرق الفرات، وتحويله الى ملف اقليمي معقد لا يمكن حله، ما يدفع التركي الى مساعدة الامريكي للبقاء في تلك المنطقة، وتجاوز ما يجري في الولايات المتحدة من تجاذبات حول انسحاب القوات الامريكية من سورية، وتقديم كل المساعدة لتحويل الجنود الامريكيين الى ضباط استخبارات يديرون بعض المجموعات على الارض، واستمرار التوتر ومنع الاستقرار.

إن المتابع الدقيق لتعقيدات المشهد في محافظة ادلب، يدرك تماما ان الدولة التركية التي سعت الى تحويل المجموعات المسلحة المشرذمة، الى قوة مؤسساتية عبر مسميات عديدة، وفتحت لهم الكليات العسكرية، وشكلت لهم ادارة تتجاوز الصورة المأخوذة عن الجماعات المسلحة، ودعمتهم بتنظيم شرطة وقوى امن داخلي، تقف اليوم كما تتدعي عاجزة امام منع تلك الجماعات من التعدي على منفذي اتفاق موسكو، وهم الدوريات المشتركة التي انطلقت على الطريق الدولي السريع بين حلب واللاذقية، فكان الاستراد مسرحا للمظاهرات المدعومة من قبل الجانب التركي، حيث استغل هؤلاء المسلحون النساء والاطفال والمدنيين كدروع بشرية، ومنعوا تحرك الدوريات لتثبيت تنفيذ اتفاق موسكو وفتح الطريق واخلاء منطقة تقدر بـ 6 كيلومترات شمال الطريق وجنوبه، ما يعني عودة مدن كبرى في ريف ادلب خالية من الارهاب كجسر الشغور واريحا، فمن يصدق ان تركيا لا تستطيع اجبار تلك المجموعات على الالتزام، ومن لا يعرف ان هذا التصعيد هو جزء من المخطط التركي الامريكي لتفجير اي اتفاق يضمن سلامة وامن المدنيين في سورية اولا، وعودة الدولة لمناطق عانت من ارهاب تلك المجموعات لسنوات، ليعاد تأهيلها ومساهمتها في دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

حسام زيدان