على المقاومة العراقية اخذ الحيطة والحذر

على المقاومة العراقية اخذ الحيطة والحذر
الإثنين ١٦ مارس ٢٠٢٠ - ٠٢:١٦ بتوقيت غرينتش

الجميع تابع هستيرية القوات الاميركية في قصفها لمواقع الحشد الشعبي والجيش العراقي ومطار كربلاء، والجميع أقر أنه غير مبرر، فبعد أن قصفت مواقع ثلاثة فصائل للحشد الشعبي في منطقة البوكمال السورية، وبررت ذلك بأنه كان ردا على القصف الأول لمعسكر التاجي، قصفت بشكل هستيري مواقع أخرى في أربع مناطق، مما يشير الى أن الادارة الأميركية تنتهج سياسة جديدة في العراق.

العالم- مقالات وتحليلات

يبدو أن الادارة الأميركية وصلت الى قناعة بأنه من المستحيل بقاء قواتها في العراق وانها ضيف غير مرحب به، بل انها ضيف ثقيل ليس على أولئك الذين يعارضون السياسيات الاميركية وحسب وانما حتى على أصدقائها، فقد تسببت الجريمة النكراء التي اقترفتها ضد الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، وكذلك القصف الهستيري لمقرات الجيش العراقي ومطار كربلاء باحراج كبير لحلفاء وأصدقاء أميركا في العراق، وليس لاصدقائها سوى مماشاة الدعوات بضرورة خروج القوات الأميركية من العراق.

من الواضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا خلال حملته الانتخابية الى ضرورة عودة الجنود الاميركيين خارج البلاد الى منازلهم، لكنه في نفس الوقت اعترض على القرار الذي اتخذه سلفه باراك اوباما بسحب القوات الأميركية من العراق، ملمحا الى ضرورة عودة هذه القوات للعراق، ولكن مع وجود القرار الجنوني الذي اتخذه بتصفية الشهيدين سليماني والمهندس، فعليه أن ينسى بقاء ما تبقى من قوات بلاده في العراق فما باله بارسال المزيد منهم.

فصائل الحشد الشعبي وعموم المقاومة العراقية جادة في قرار طرد ما تبقى من القوات الاميركية في العراق، وفي الوهلة الأولى ستمنح فرصة للحكومة العراقية المرتقبة للتعامل مع الموضوع بشكل قانوني ورسمي، ولكن اذا تمت المماطلة بهذا الخصوص سواء من قبل الحكومة أو البرلمان، فانها لن تنتظر القرار الرسمي وانما ستباشر بطرد القوات الأميركية بالطريقة التي تستسيغها، وهذا ما ذهبت اليه معظم فصائل المقاومة العراقية، في بياناتها التي أصدرتها مؤخرا أو التي أصدرتها بعد جريمة الشهيدين سليماني والمهندس.

طبعا هناك من يروج لاحتمال لجوء واشنطن للانقلاب العسكري في العراق أو غير ذلك من أجل ابقاء قواتها، وبغض النظر عن مدى جدية مثل هذه المساعي والمحاولات فان المقاومة العراقية سيكون لها اليد الطولى في احباطها، خاصة ستكون يده طولى على القوات الأميركية وعموم المصالح الأميركية في العراق.

غير أنه على المقاومة العراقية أخذ الحيطة والحذر في الظروف الحالية، فمع اتجاه الأمور الى طرد القوات الأميركية من العراق بشكل قانوني ورسمي خاصة اذا تشكلت الحكومة العراقية، فليس من المستبعد، أن تقوم القوات الاميركية بعمليات عسكرية واسعة ضد فصائل المقاومة والحشد الشعبي على أمل انهاء وجودها بالكامل من العراق، ومع أنه الاقدام على مثل الاجراء بمثابة القيام بعملية انتحارية، تنتهي الى القضاء ليس على القوات الاميركية في العراق وانما حتى على المصالح الأميركية، بل ربما تمتد ابعادها الى القوات الأميركية في المناطق المحيطة بالعراق؛ ولكن ليس من المستبعد أن يتخذ ترامب قرارات مجنونة كهذا القرار.

وهنا تتعاظم مسؤولية الاحزاب والشخصيات وعموم المسؤولين العراقيين، ومما لاشك فيه أن موقفهم كان مشرفا بادانة واستنكار التصعيد الأميركي الذي طال 4 مناطق في العراق، ولكن هذا لا يكفي، ففي الظروف الحالية عليهم توجيه رسالة قوية وصريحة للادارة الاميركية، بأن استقرار العراق واستتباب أمنه وسلامة أهله فوق كل الاعتبارات، وأن التصعيد الخطير الذي تنتهجه واشنطن ضد العراق بذريعة الرد على ضربات التاجي أوربما ضربات أخرى لاحقة، غير مبرر ولا يخدم أحد، بما في ذلك الولايات المتحدة، بل انه يعرض المصالح الأميركية وعلاقات البلدين الى القطيعة، وفي نفس الوقت عليها المضي قدما في تسوية قضية رئاسة الوزراء وحل مشكلة وجود القوات الاميركية بشكل قانوني ورسمي.

كلمات دليلية :