كورونا ينزل الملك السعودي من على الشجرة

كورونا ينزل الملك السعودي من على الشجرة
الجمعة ٢٠ مارس ٢٠٢٠ - ٠٦:٢٢ بتوقيت غرينتش

فرق شاسع ما بين الاجتماع الذي حضره الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود في العاشر من الشهر الجاري في مجلس الوزراء السعودي وما بين الكلمة التي ألقاها اليوم حول وباء الكورونا، فاجتماع مجلس الوزراء بدل أن يتعرض للمشكلة نراه أنه تخبط في كيل التهم لهذه الدولة وتلك دولة وحملها مسؤولية انتشار الفايروس في المملكة.

كان الاجتماع بمثابة هروب من الواقع من خلال مهاجمة الآخرين، بينما كلمة سلمان اليوم هي اقرار بالواقع عندما قال: ان العالم يعيش مرحلة صعبة من تاريخه، ولكننا ندرك تماماً أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها.. إن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي لمواجهة هذا الانتشار السريع لهذه الجائحة.

هذا الاقرار بالعجز هو الخطوة الأولى للتصدي للمشاكل والتحديات التي تواجهها البلدان، ويضع حدا لهرطقة بعض المسؤولين السعوديين والتي من المؤكد انها جاءت بايعاز من كبار المسؤولين، عندما روجوا لمصطلح "السعودية العظمى" وبدأوا بترديدها في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ولربما نسي سلمان هذا المصطلح فأقر بالعجز امام انتشار الفايروس.

والحقيقة ان هذا الفايروس كشف حقيقة وواقع البلدان وخاصة البلدان التي تتبجح بأنها قوة عظمى ولا أحد يستطيع النيل من عظمتها، فنرى انها تتصاغر وتقر بالعجز في مواجهة الفايروس والقضاء عليه، في الوقت الذي تسجل فيه البلدان الفقيرة أدنى الاصابات بالفايروس بل بعض دول العالم الثالث لم تسجل حتى الآن أية اصابة بالفايروس، ربما لأنها لم تعلن عن نفسها بأنها دولة عظمى.

في مثل هذه التحديات العالمية فان السمة التي ينبغي أن تسود العالم هي التعاون والتكاتف وتناسي الاحقاد والعداوات، وليس التشفي بالاصابات التي تقع في هذا البلد أو ذلك، كما حدث في بداية انتشاره عندما شنت وسائل اعلام الدول المعادية لايران هجمة مسعورة ضد الجمهورية الاسلامية، واتهمتها بنقل الفايروس ونشره في سائر بلدان المنطقة والعالم.

لا ندري هل ان تجاهل سلمان لضرورة التعاون الاقليمي والدولي في مكافحة وباء كورونا متعمد ويصب في اطار تعزيز مصطلح "السعودية العظمى" وان المملكة ليست بحاجة لأحد وانها قادرة لوحدها على التصدي لهذا التحدي العالمي أم أن هذه الحقيقة سقطت من كلمته وعن مستشاريه سهوا؟

وسواء كان هذا السبب أو ذاك، فانه لا يغير من الواقع شيء، فالواقع يقول أن المملكة عطلت المدارس والجامعات وأوقفت الرحلات الجوية وفرضت الحجر الصحي على الآلاف من مواطنيها وأقرت العمل عن بعد وطلبت عدم التجمع في الاماكن العامة والذهاب للأسواق والتزام المنازل، ومنعت العمرة وأغلقت أبواب الكعبة المكرمة ومسجد الرسول صلى الله الله عليه وآله وعموم المساجد وأعلنت الاستنفار في مراكزها الصحية والطبية، شأنها شأن الدول التي اجتاحها وانتشر فيها الفايروس، وربما الوباء منتشر في السعودية أكثر من سائر الدول الا أن عقدة "السعودية العظمى" لا تدعها الافصاح عن عدد الوفيات والاصابات بالفايروس.

أول خطوة كان ينبغي على سلمان أن يدعو اليها هي التعاون مع دول العالم وخاصة دول الجوار للتخلص من هذا الوباء، خاصة وأن بلاده تعيش أزمة حقيقية مع جارتها الشرقية دولة قطر، وكذلك لديها خلافات غير معلنة مع سلطنة عمان الى جانب الحرب المجنونة التي تشنها على اليمن، كما أن خلافاتها مع ايران غير خافية على أحد، الأمر الذي كان يستدعي منه الدعوة الى نبذ الاحقاد والخلافات وفتح صفحة جديدة في التعاون، إلا أن الأنفة والتكبر والمصالح واملاءات بعض القوى العالمية لا تدع المسؤولين السعوديين الى النظر بواقعية للأمور.

كلمات دليلية :