فايروس كورونا والتعليم عن بعد

فايروس كورونا والتعليم عن بعد
الجمعة ٢٠ مارس ٢٠٢٠ - ٠٢:٣٤ بتوقيت غرينتش

 لقد أرخى فايروس كورنا ظلاله وترك آثاره على ميادين الحياة كافة، والتي منها ميدان البيئة التعليمية المدرسية والجامعية، نظراً لما يستلزمه من سياسات وقائية وعلاجية لمنعه أو الحد من انتشاره.

العالم - مقالات

وعليه فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار كيف السبيل الى التأقلم مع هذه التغيّرات والتحكم بها بالطريقة التي تضمن تحقيق الأهداف التعليمية.

وهل نلجأ الى الصبر والتأني والترقب حتى يزول البلاء، فنكثّف حينها من حركتنا التعليمية لتعويض هذا الفوت، أم نعتمد على التغيير في الإتجاهات والمعارف والمهارات والأساليب والأدوات والبيئة التعليمية بشكل عام.

في الواقع هناك وجهتا نظر للإجابة على هذا التساؤل، الأولى ترتكز على استراتيجية التصبر والتحمل وصرف الوقت لتنمية العلاقات الأسرية العاطفية والرحمية ضمن الوحدة الأسرية التي تضررت جراء التطور التكنولوجي في عالم التواصل الاجتماعي ومن ثم الانطلاق بقوة كما أسلفنا للتعويض عندما تبدأ الأزمة بالانحسار.

لكن لهذه الاستراتيجية سلبيات أهمها عدم وجود توقع دقيق للمدة التي ستأخذها الأزمة للوصول الى ذروتها لتشرع فيما بعد ذلك بالانحسار مما قد يجعل المورد الزمني ينفد ويضيع بالتالي العام الدراسي على الطلاب.

أما السلبية الأخرى ففي كونها استراتيجية منفعلة غير فاعلة تتأثر دون أن تبادر لتؤثر وتغيّر في ظل بيئة عالمية تسودها التغيرات المتسارعة في الميادين كافة.

لذلك قد يبدو من الأجدى إذكاء روح التحدي والمواجهة من خلال تحويل هذا التهديد الى فرصة واعتماد وجهة النظر الثانية المتمثلة باستراتيجية التغيير المتمحورة حول التعليم عن بُعد مع العمل على تحسينها بشكل مستمر لنكفل الوصول عبرها الى تحقيق الأهداف التعليمية بشكل لا يضيّع العام الدراسي حتى إذا ما طبقناها بنجاح ثبتناها كاستراتيجية لمواجهة ازمات أخرى شبيهة.

فلا بد أن ينطلق التعليم عن بعد في المؤسسات التعليمية في لبنان، لا سيما في الجامعة اللبنانية، وأن نعد العدة لذلك من وضع السياسات والأطر التي ترعاه وتقوم على حسن تطبيقه وتأمين الموارد البشرية التي تساعد على تنفيذه من أساتذة يتم تدريبهم وتقنيين يشرفون على حسن الاستفادة من الموارد المادية ويعالجون المشكلات التقنية ومشرفين يساهمون في تأمين البيئة التعليمية والصفية المناسبة.

علينا ان نحوّل إذن هذا التهديد للعام الدراسي الى موقف متفائل نطوّر فيه كادرنا التعليمي وأساليبنا وأدواتنا التعليمية و... ونحسّن بيئتنا التعليمية الجامعية والمدرسية.

نعم هناك الكثير من السياسات والقواعد والإجراءات التي ينبغي تطبيقها واستصدارها قبل ذلك عبر وزارة التربية والتعليم العالي بالتعاون والتآزر مع الإدارات العليا للمؤسسات التعليمية تتمحور حول:

١- الرقابة على حسن سير العملية التعليمية.

٢- احتساب الساعات التدريسية وبدلاتها مع ساعات دوام الأساتذة وحضور الطلاب.

٣- تقسيم الصفوف بما يناسب أسلوب التعليم عن بعد وبما يضمن حسن استيعاب الطلاب لما يُعطى لهم وفعالية مشاركتهم الصفية.

٤- إدارة الامتحانات النظرية والتطبيقية.

وقضايا ومشاكل أخرى لا يتسع المقام لذكرها.

لكن يبقى أن نخوض غمار هذا التحدي وهذا التغيير بروحية ملؤها التفاؤل والأمل والقدرة على إعطاء قيمة مضافة في زمن يشهد تغيّرات دراماتيكية في المجال التكنولوجي لا سيما في تكنولوجيا التعليم.

لقد بدأت بالأمس القريب وفي ظل هذه الأزمة ثلة من المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة تنفيذ هذا النوع من التعليم، لا سيما منها بعض كليات الجامعة اللبنانية وهذه تجربة جديرة لأن يتم تعاهدها من قبل وزارة التربية والتعليم العالي.

وكخلاصة:
هناك تهديد خطير ناشئ يجب النظر اليه بإيجابية وتحويله إلى فرصة لتحسين واقعنا التعليمي في لبنان مواكبة للتطور العالمي واستجابة لتحديات وتداعيات هذه الأزمة ومثيلاتها.

علي حكمت شعيب - أستاذ في الجامعة اللبنانية