هل وقع غانتس في فخ نتنياهو لتشكيل حكومة طوارئ؟

هل وقع غانتس في فخ نتنياهو لتشكيل حكومة طوارئ؟
السبت ١١ أبريل ٢٠٢٠ - ٠١:٤٧ بتوقيت غرينتش

لا يزال الغموض يكتنف مصير تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة مع قرب انتهاء مهلة تفويض زعيم حزب أزرق أبيض الاسرائيلي بيني غانتس لتشكيل الحكومة، يوم الاثنين، واستمرار الخلافات مع حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، للتوصل الى اتفاق لتشكيل ائتلاف حكومي على الرغم من سحب غانتس اعتراضه على قيام الحكومة القادمة بضم مناطق واسعة في الضفة لغربية المحتلة.

العالم-تقارير

في الوقت الذي تمر فيه مفاوضات تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة بصعوبات بالغة بسبب الخلافات بين حزبي الليكود وأزرق أبيض للتوصل الى تشكيل ائتلاف حكومي يجنب كيان الاحتلال الاسرائيلي من الذهاب الى رابع انتخابات برلمانية خلال سنة، ترجح مصادر إسرائيلية، أن يتوجه زعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس، بعد نهاية عطلة عيد الفصح اليهودي الى طلب تمديد المهلة القانونية التي منحها رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين له لتشكيل الحكومة.

واستؤنفت المفاوضات الائتلافية بين الليكود وأزرق أبيض، أمس الجمعة، عبر مكالمة هاتفية بين الجانبين وتقرر أن تعود طواقم التفاوض الرسمية إلى الجلوس غداً الأحد، لمواصلة الحديث في التفاصيل بغرض إنهاء الأزمة السياسية والتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة بينهما في ظل استفحال ازمة جائحة فيروس كورونا.

وقالت مصادر سياسية إن جو الشك وعدم الثقة بدا مسيطراً على الاتصالات الأخيرة، خصوصاً من جانب غانتس. وأكدت أن رئيس حزب أزرق أبيض، المعروف أيضاً بحزب الجنرالات، بدأ يدرك أنه يقع في شباك "داهية سياسية" مثل نتنياهو، الذي تعوّد أن يوقع منافسيه السياسيين في المطبات، الواحد تلو الآخر. كما أن مكانة غانتس باتت أضعف من السابق، بعدما انشق حزبه إلى ثلاث كتل برلمانية، وأن نتنياهو سيستغل ذلك جيداً.

وكانت المفاوضات بين الليكود وأزرق أبيض قد انتهت بوضع مسودة اتفاق، يوم الأحد الماضي، لكن نتنياهو تراجع عنها في اليوم التالي وطلب إجراء تعديلات على الاتفاق. وراح الطرفان يتبادلان الاتهامات التي تشير إلى عودة قريبة لصناديق الاقتراع وانتخابات رابعة.

وفي هذا السياق، تناول موقع قناة 12 الاسرائيلية، اليوم السبت، السيناريوهات الممكنة لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة مع قرب انتهاء تفويض بيني غانتس، يوم الاثنين المقبل.

وسيتعين على بيني غانتس التقدم بطلب للتمديد أو إعادة التفويض إلى رئيس كيان الاحتلال الاسرائيلي رؤوفين ريفلين وهي المرة الثانية خلال عام يفشل فيها غانتس في تشكيل الحكومة، وقد فشل نتنياهو في المهمة مرتين خلال تلك الفترة.

وبيّن الموقع أن ريفلين يواجه وضعًا غير مسبوق، فهو لا يستطيع منح غانتس تمديدًا حقيقيًا، إلا في حالة طلب غانتس ونتنياهو معًا تمديد فترة المفاوضات بينهما للاستمرار في جهود تشكيل الحكومة وحل الخلافات بينهما خاصةً فيما يتعلق بعمل لجنة القضاة، وفي هذه الحالة يمكن أن يمنح غانتس مهلة 14 يومًا أخرى.

ورجح الموقع في حال لم يتم التمديد والاتفاق بين نتنياهو وغانتس، فإن ريفلين قد يتجه لإعادة التفويض للكنيست (البرلمان) وليس لنتنياهو، على أن يختار أغلبية أعضاء الكنيست بـ61 مقعدًا، شخصية أخرى لتكليفها بتشكيل الحكومة المقبلة، وسيكون ذلك في غضون 21 يومًا.

ووفقًا للموقع، فإن هذا قد يثير خلافات أكبر ويتجه بالكيان الإسرائيلي إلى خوض انتخابات رابعة، ستكون معقدة في ظل انتشار فيروس كورونا، من حيث الإجراءات التي ستتخذ لضمان سيرها بشكل صحيح في ظل العوائق الحالية، وإمكانية التصويت إلكترونيًا أو عبر الحرف الأبجدي باتخاذ إجراءات صحية أكبر لمنع انتشار الفيروس.

من جانبه قال غانتس، إن حزبه يريد تشكيل حكومة طوارئ مع معسكر الليكود بغرض مجابهة فيروس كورونا، و"لكن ليس بأي ثمن". وقال مقربون منه إن نتنياهو تراجع عن الاتفاق، في اللحظة الأخيرة تماماً "تحت ضغوط الأحزاب اليمينية"، إذ عاد يطالب بدور حاسم وحق الفيتو على تعيين القضاة في المحكمة العليا، وهو موضوع كان قد حُسم في الاتفاق الأول مع غانتس.

وكان رونين تسور، مستشار غانتس، قد أشار الى الصعوبات البالغة التي تمر بها مفاوضات تشكيل الحكومة، معتبرا أن غانتس لن يوافق على تشكيل حكومة بأي ثمن، موضحا أن محور الخلافات هو المؤسسة القضائية، وتعيين القضاة، في وقت تفيد المعلومات بأن مخططات الضم لم تعد تشكل عقبة في وجه فرص تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة، حيث اتفق الليكود وأزرق أبيض، على فرض سيادة الاحتلال على غور الأردن وشمال البحر الميت من خلال حوار مع الإدارة الأمريكية.

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر إسرائيلية أن العائق الذي يحول حتى الآن دون التوقيع على اتفاق تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة بين حزبي الليكود وأزرق أبيض، هو الخلاف على النفوذ في الجهاز القضائي.

وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أن غانتس، الذي سحب اعتراضه على قيام الحكومة الجديدة بضم مناطق واسعة في الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي، وضمنها غور الأردن، يطالب بتمثيل حزبه في اللجنة التي تتولى اختيار القضاة، وتحديداً قضاة محكمة العدل العليا.

ولفتت الصحيفة إلى أن حزب الليكود يصرّ على أن يتمتع، مع اليمين بشقيه الديني والعلماني، بالأغلبية المطلقة في اللجنة المسؤولة عن اختيار القضاة. وبحسب الصحيفة، فقد مارست أحزاب اليمين ضغوطاً كبيرةً على نتنياهو لضمان تمتعها بأغلبية مطلقة في اللجنة، على اعتبار أن الليكود والأحزاب التي تقف على يمينه تملك 59 مقعداً في البرلمان، فيما يملك أزرق أبيض وحزب العمل الذي وافق على المشاركة في الحكومة الجديدة، 19 مقعداً فقط.

وبحسب قناة "كان" الرسمية، فقد هدّد غانتس بأنه إذا أصر الليكود على الحصول على أغلبية مطلقة داخل لجنة اختيار القضاة، فإن حزبه لن يشارك في الحكومة الجديدة، ولو كان الثمن التوجه إلى جولة انتخابات رابعة.

وفي السياق، لفت معلق الشؤون السياسية في قناة 13 الاسرائيلية رفيف دروكير، ليل أمس الجمعة، إلى أن نتنياهو معني قبل التوقيع على اتفاق تشكيل الحكومة، بضمان عدم إقدام غانتس على تمرير مشاريع قوانين في الكنيست بالتعاون مع أحزاب المعارضة، تحول دون تمكينه من تولي منصب القائم بأعمال رئاسة الحكومة، بعد أن تنتهي فترة توليه رئاسة الحكومة بعد عام ونصف.

وكان الصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت، قد توقع أخيراً عدم إخلاء نتنياهو موقع رئاسة الوزراء لغانتس بعد مضي عام ونصف، كما ينص الاتفاق المتبلور على تشكيل الحكومة.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أوضح كاسبيت أن نتنياهو، الذي يشعر بالغرور في ظل استطلاعات الرأي التي تتنبأ بأن يحصل اليمين على أغلبية مطلقة من دون حزب "يسرائيل بيتنا"، يرى أنْ ليس من العدل أن يتولى غانتس رئاسة الحكومة، ولا سيما بعدما تم تفكيك تحالف أزرق أبيض.

وقالت مصادر سياسية إن نتنياهو بات يتكلم الآن من موقع قوة أكبر بفضل نتائج الاستطلاعات المذكورة، وأن غانتس يجب أن يكون أكثر حذراً في مغامرات انتخابية جديدة. وعاد الوسطاء بينهما يتدخلون لإنقاذ المفاوضات بين الطرفين.

ويرى محللون للشأن الإسرائيلي أن قضية عودة بنيامين نتنياهو رئيسا للحكومة القادمة باتت حاسمة، بعد أن تمكن بمكره السياسي من تفكيك كتلة يسار الوسط التي كان يتزعمها حزب أزرق أبيض، وينافسه رئيسها بيني غانتس على منصب رئاسة الحكومة، بعد تبرير الاخير موقفه بالدخول في مفاوضات مع نتنياهو والتحالف مع الليكود لتشكيل حكومة طوارئ بذريعة مكافحة جائحة كورونا وان الكيان الإسرائيلي لا يمكن أن يتحمل المضي إلى انتخابات رابعة.