الحوار الاقليمي واهميته في استتباب الامن بالمنطقة

الحوار الاقليمي واهميته في استتباب الامن بالمنطقة
الثلاثاء ٢١ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٥ بتوقيت غرينتش

ربما تنبع أهمية الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الايراني حسن روحاني وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، من أنه جاء بالتزامن مع استفزازات البحرية الامريكية في مياه الخليج الفارسي خلال الأيام الاخيرة، وخاصة أن الرئيس روحاني أكد أن إيران تأمل أن تتخذ دولة الكويت مواقف تجاه الممارسات الأمريكية الخاطئة في المنطقة.

العالم - تقارير

في الوقت الذي تكيل فيه امريكا وبعض الدول العربية الرجعية بقيادة السعودية الاتهام الى ايران بزعزعة الامن والاستقرار في منطقة الخليج الفارسي؛ فان طهران طالما كانت هي السبّاقة في تقديم مبادرات لإحلال السلام في المنطقة بمشاركة دولها دون تدخل الاجانب. والملفت أن هذه الدول لم تكتف بعدم الرد على مبادرات السلام الايرانية وتحقيق الامن الاقليمي فحسب، وانما افتقرت حتى الآن لتقديم أية مبادرة تتضمن حلولا منطقية لمشاكل المنطقة. هذا فضلا عن أن الدول التي كانت ولا تزال تحاول ان تلصق هذه الاتهامات الواهية لايران، لا يهمها سوى المضي قدما في تنفيذ سياسات امريكا التخريبية ونهجها الرامي الى إثارة التوترات وزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة، مما يؤشر على أن قضية الأمن من رؤية هذه الدول هي مجرد ذريعة تسوقها لتوجيه الاتهامات الى ايران التي تعدّ بشهادة الكثيرين مرساة استقرار للمنطقة.

وفي سياق حرص القيادة الايرانية على إشراك دول المنطقة في تحقيق أمنها، ينبغي الاشارة الى الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس حسن روحاني وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، يوم امس الاثنين، حيث اكد الرئيس الإيراني أن الأمن الإقليمي سيتحقق بالتعاون بين دول المنطقة، مجددا استعداد ايران للتعاون مع دول المنطقة لأجل ضمان الأمن الاقليمي.

وصرح الرئيس روحاني بأن إيران تأمل أن تتخذ دولة الكويت مواقف تجاه الممارسات الأمريكية الخاطئة في المنطقة، مؤكدا أن العالم يعيش ظروفا قاسية وأنه يأمل من البعض إعادة النظر في الأخطاء السابقة وإرساء أدائهم بناء على الظروف الإنسانية.

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد قدم "مبادرة هرمز للسلام" خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ايلول/سبتمبر العام 2019، والتي تهدف الى "الارتقاء بالسلام والتقدم والرخاء لكل الشعوب المستفيدة من مضيق هرمز، وتأسيس علاقات ودية، وإطلاق عمل جماعي لتأمين إمدادات الطاقة وحرية الملاحة"، الى جانب "الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة، واحترام سيادة الدول، وعدم المساس بالحدود الدولية، وتسوية الخلافات سلميًا، وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

المبادرة التي تقترحها ايران لاستقرار المنطقة واستتباب أمنها تعتمد على الامن الجماعي والمشترك، بعيدا عن تدخلات القوى الاجنبية وفي مقدمتها امريكا، حيث يمكن حل كافة ازمات المنطقة بما فيها امن الملاحة البحرية والازمة الخليجية والأزمة السياسية في البحرين وكذلك الحرب على اليمن، عن طريق هذه المبادرة التي تتطلب تجاوب جميع الاطراف بما فيها السعودية، ومن ثم الدخول في حوار شامل من أجل ارسائها وتنفيذها.

وفي هذا الاطار يمكن فهم تصريحات المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي امس الاثنين التي أعلن فيها أن طهران مستعدة للحوار مع دول المنطقة من دون شروط مسبقة وعلى كافة المستويات، ومع الأخذ بنظر الاعتبار الظروف التي تمر بها المنطقة وعلى وجه الخصوص تفشي وباء كورونا وكذلك انخفاض سعر النفط، فان دول المنطقة بحاجة الى تسوية حل سائر المشاكل وفي مقدمتها العدوان على اليمن، وان الحوار هو السبيل الأفضل لتحقيق ذلك.

وأعلنت الخارجية الإيرانية في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، إرسال النص المقترح الذي طرحه الرئيس روحاني في الأمم المتحدة لأمن المنطقة، إلى دول مجلس التعاون والعراق، معتبرة هذه المبادرة دليلا على الأهمية التي توليها للدول الإقليمية لترسيخ الاستقرار.

وفي هذا الاطار، اكد رئيس الوزراء القطري الاسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مخاطبا قادة الدول العربية المطلة على منطقة الخليج الفارسي، ان رسائل ايران بشان اجراء الحوار تحت اشراف الامم المتحدة يجب اخذها على محمل الجد في مجلس التعاون لانها تشكل فرصة قد لاتتكرر في المستقبل.

وفيما علق مسؤولون قطريون ايجابيا على مبادرة هرمز للسلام، أكدت الكويت وعلى لسان نائب وزير خارجيتها خالد الجار الله، أن بلاده تسلمت مبادرة الرئيس الإيراني حسن روحاني المتعلِّقة بأمن الخليج الفارسي، وهي عاكفة على دراستها حالياً، إلا أن السعودية لم ترد حتى الآن على المبادرة الايرانية، بل أنها لم تبد أية خطوة ايجابية تجاه الخطوات الاقليمية التي جرت لإنهاء خلافاتها مع ايران ومنها خطوة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.

وكانت ايران قد اشادت العام الماضي بالجهود التي بذلتها السعودية لحجاج بيت الله الحرام، وأثنت على الخدمات التي قدمتها للحجاج، وكان بامكان السلطات السعودية أن تلتقط هذه الرسالة وتحولها الى برنامج عمل لفتح صفحة جديدة في العلاقات، الا أن طهران لم تسمع من الرياض سوى التهمة التي طالما كررتها وهي التدخل في شؤون دول المنطقة وزعزعة الامن فيها.

من جانب آخر وتزامنا مع الترحيب الايراني بالخدمات السعودية للحجاج قدمت الحكومة العراقية مبادرة "التوقيع على اتفاقية عدم التعرض بين دول المنطقة"، وقد أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال زيارته لبغداد آنذاك استعداده للتوقيع على هذه المبادرة، إلا أن بغداد لم تجد إلا آذانا صماء تجاه هذه المبادرة، فذهبت أدراج الرياح، فاذا كانت السعودية تعاني بالفعل من "التعرضات الايرانية المزعومة" فلماذا لم تسارع الى الموافقة على المبادرة العراقية، لكي تضع حدا لها، من خلال التوقيع على الاتفاقية؟

وفي الوقت الذي نرى فيه صدودا سعوديا تجاه مبادرات السلام وحل الخلافات الاقليمية، فأن هناك تطابق كامل بين السياسة الامريكية والسعودية تجاه ايران، ولا ندري هل أن امريكا تتبع السعودية في سياستها تجاه ايران أم أن الرياض تتبع واشنطن؟ وايا كان الذي يتبع الآخر في سياسته الا أن المهم النتائج الكارثية التي تتمخض عن هذه السياسة، وهي زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة والخاسر الوحيد في ذلك هي دولها وليست الولايات المتحدة.

ولعل السعودية تراهن على القوات الامريكية التي تأتي من خلف المحيطات الى اوطاننا في ارساء الأمن والسلام في المنطقة، فينبغي القول ان التجربة أثبتت أن هذا الرهان خاطئ وخاسر، فمن جانب أن القوات الامريكية غير قادرة على حماية نفسها فكيف ستكون قادرة على حماية غيرها، ولعل اسقاط الطائرة الامريكية المسيرة "غلوبال هوك"، وضربة قاعدة عين الأسد في العراق تبرهنان على ذلك، ومن جانب آخر ان العقدين الماضيين برهنا على أن المناطق التي تواجدت فيها القوات الامريكية لم تشهد الامن والاستقرار، ولعل أبرز مثال على ذلك هو العراق وأفغانستان.