الفلسطينيون يتأهبون لصيف ساخن   

الفلسطينيون يتأهبون لصيف ساخن   
الخميس ٢٣ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٣:٣٠ بتوقيت غرينتش

 بعد ولادة حكومة ائتلافية اسرائيلية بالتناوب ما بين نتنياهو زعيم الليكود وبيني غانيتس زعيم أزرق أبيض يبدو أننا سنكون على موعد مع تنفيذ الخطة المؤجلة بضم غور الأردن ومستوطنات الضفة . 

العالم - قضية اليوم

هذا الوعد الذي تضمنته صفقة ترامب قبل أشهر وأجلته إدارة نتنياهو الى ما بعد الانتخابات بطلب أمريكي بات الآن محل اتفاق بين غانيتس ونتنياهو لاسيما بعد تشكيل الائتلاف الحكومي، فقد بات بإمكان نتنياهو الحصول على مصادقة الحكومة على مسألة فرض السيادة مطلع يوليو/تموز المقبل .

وقد شكَّلت الضفة الغربية على مدى عقود الصراع مع الاحتلال جوهر المخططات الإسرائيلية، فهي تحتل مكانة كبيرة في الفكر العقائدي الصهيوني فالمشروع الاستيطاني والتوسعي في الضفة قائم على استراتيجية وليس مجرد سياسة عابرة.

وفي ظل الموقف الباهت للدول العربية تجاه صفقة ترامب التي نفذت أولى خطواتها باعتراف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في مايو/أيار 2018، وتشريع الاستيطان، ووقف المساعدات الأميركية المقدمة للسلطة الفلسطينية والأونروا، وإعادة تعريف اللاجئ ، تشجع بعدها الكيان الاسرائيلي للانتقال خطوة إلى الأمام نحو ضم أراضٍ من الضفة .

وقبل التعمق في الموقف الفلسطيني تجاه هذه الخطوة الخطيرة سنقف عند أهمية منطقة الأغوار وما تمثله للفلسطينيين ولماذا باتت مطمعاً للكيان الاسرائيلي :

الأغوار هي الحدود الشرقية للأراضي الفلسطينية، وتشكل 29% من مساحة الضفة، وبالتالي تشكل الحدود الخارجية بأكملها لكيان الاحتلال ، وتبلغ المساحة الإجمالية للأغوار 720 ألف دونم، يعيش فيها قرابة 70 ألف مواطن، أنشأت إسرائيل 90 موقعًا عسكريًا في الأغوار منذ احتلالها عام 1967، وتجثم على أراضيها 36 مستوطنة غالبيتها زراعية، ويسكنها ما يقارب 9500 مستوطن وبالتالي السيطرة عليها يعني فقدان الحدود الخارجية، كما أن ضمها يعني السيطرة على ثلث مساحة الضفة . وما يُكسب الأغوار أهمية كبرى هي أنها تضم حوض المياه الشرقي ويشكل حوالي 170م مكعب من مياه الضفة، وبالتالي فالسيطرة عليها ستُفقد الفلسطينيين ما قيمته 4مليون متر مكعب من مياه نهر الأردن كما أنها تعد مصدر دخل اقتصادي كبير بفعل أراضيها الخصبة ، بالاضافة لاحتوائها على مختلف أنواع أملاح البحر الميت التي تكتسبها أهمية في السياحة والعلاج .كما وتعد أكبر مصدر دخل للضفة اقتصاديا وهي مصدر من مصادر المحاجر والكسّارات، وتمثل 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة، و60% من إجمالي ناتج الخضار.

في ظل هذه الأهمية بات واضحاً ما الذي يعنيه ضم الأغوار بمستوطاتها بالنسبة للكيان الاسرائيلي كما بات واضحا أنها خطوة لن تمر مرور الكرام ، فالفلسطينيون رفضوا صفقة ترامب جملة وتفصيلا ،لكن رفض السلطة أو عدم قبولها بالمخططات الاسرائيلية والأمريكية لم يعد محط اهتمام للأخيرين ، فببساطة الكيان الاسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة لم تعد تتعامل مع السلطة كشريك بل تفرض سياسة الأمر الواقع دون أن تنطر خلفها ، حتى أن السلطة نفسها تدرك ذلك ونستدل عليها بتصريح شهير لصائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عندما قال: إن وزير الأمن الإسرائيلي هو الرئيس الفعلي للسلطة، وإن منسق "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال هو رئيس الوزراء.

وبالتالي فالسلطة ذاتها لم تعد قائمة بنفسها ولكن ذلك لا يعني أن تمر مخططات نتنياهو بالضم في يوليو القادم ، فالصفعات القاسية هي تلك التي تأتي من الشعب الذي لم يساوم نتنياهو ولا غيره ولم يوقع معه اتفاقات انهزامية ولم يخفض له الرأس يوما ، فالرفض الشعبي سيتجاوز مجرد التنديد بالكلمات ، فالمقاومة ستقف سدا منيعا أمام هذه المحاولات الاسرائيلية وما عملية بيت لحم الأخيرة الا دليل على أن جذوة النضال الفلسطيني ما تزال مشتعلة وأن السكين والحجر وعمليات الدهس واطلاق النار ستستمر ، وتنفيذ خطة الضم ربما يعني انتفاضة شعبية قد نعرف أولها لكن نهايتها لن يستطع أحد التكهن بها .

*إسراء البحيصي / العالم