تركيا تصطدم مع 'النصرة' في ادلب والنار تحيط بها

تركيا تصطدم مع 'النصرة' في ادلب والنار تحيط بها
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠٢٠ - ١٢:٤٥ بتوقيت غرينتش

استراتيجيات جديدة وتحركات باتجاهات عدة لأنقرة في محافظة ادلب السورية، محاولة خلط الأوراق من جديد في هذه المحافظة التي تعشش فيها عشرات الجماعات المسلحة والارهابية على اختلاف توجهاتها ومصالحها.

العالم - يقال ان

تركيا بدأت ترى نفسها بين نارين، فهي من جهة مضطرة لتنفيذ اتفاق موسكو الذي بموجبه تم التوصل الى وقف لاطلاق النار في ادلب في بداية اذار / مارس الماضي، وتعهد بموجبه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بفتح طريق "أم 4" الدولي الذي يربط اللاذقية بحلب، وتسيير دوريات روسية - تركية مشتركية عليه، بعد ان يتم إبعاد الجماعات المسلحة والارهابية بعرض 6 كيلومترات على جانبي الطريق.

ومن جهة اخرى تخشى أنقرة الاصطدام مع الجماعات المسلحة الرافضة لهذا الاتفاق وعلى رأسها جبهة النصرة الارهابية التي عمدت الى تدمير الجسور على الطريق، ونظمت وقفات احتجاجية عليه بغرض منع الدوريات الروسية - التركية من المرور.

لكن التحركات التركية خلال الايام الماضية في ادلب غداة انعقاد الاجتماع السابع لوزراء خارجية الدول الضامنة لمسار "أستانة" المتعلق بسوريا توحي بأن انقرة قررت الخوض في مناورة خطيرة مع جبهة النصرة، محاولة فتح طريق " ام 4" بالقوة، وهو ما أدى الى اندلاع مواجهات بالقرب من بلدة النيرب بريف إدلب الشرقي بين الطرفين، قتل فيها اربعة مسلحين تابعين لجبهة النصرة، لترد الأخيرة باستهداف مدرعة تركية وقصف بعض النقاط التركية بقذائف الهاون، مما أدى لجرح بعض الجنود الأتراك، وعلى الفور ردت تركيا باطلاق مسيرة قصفت احدى نقاط "جبهة النصرة" حسبما ذكرت تنسيقيات المسلحين.

هذه الاشتباكات التي تعتبر الأولى من نوعها بين القوات التركية وجبهة النصرة، اثارت مخاوف انقرة من انزلاق الامور نحو مواجهة شاملة مع الجماعات المسلحة، تخسر على اثرها القاعدة الحاضنة لها في محافظة ادلب، فسارعت الى إلقاء منشورات في سماء المحافظة موجهة إلى المدنيين، تطلب العون منهم لمساعدتها، لمنع اي اجتياح او عمل عسكري على ادلب، واحياء الحياة الاقتصادية في المنطقة من خلال فتح طريقي "ام 4" و"ام 5"، حسبما ذكرت تنسيقيات المسلحين.

وعليه يرى مراقبون أن تركيا تريد من الأهالي الضغط على جبهة النصرة والجماعات الموالية لها لفتح طريق "ام 4" سلميا، كونها تدرك مخاطر الانزلاق الى مواجهات مباشرة مع هذه الجماعات، لاسيما وان اهتمامها الان منصب على ادارة المعارك في ليبيا، وأن أعداد كبيرة من المسلحين الموالين لها منشغلين بالقتال في طرابلس الغرب الى جانب قوات حكومة الوفاق الليبية، حيث كشف الناطق باسم قوات حفتر، اللواء أحمد المسماري، أن تركيا نقلت أكثر من 17 ألف مسلح من سوريا إلى ليبيا عبر أنقرة، عاد منهم إلى سوريا ما يقرب من 1800 بينهم مصابون وجرحى، فيما سقط منهم أكثر من ألف قتيل.

ارسال المسلحين الى ليبيا خلف حالة تذمر واسعة من بعض الفصائل الموالية لتركيا التي رفضت ارسال مسلحيها، فواجهتهم أنقرة بقطع التمويل عنها كما حصل مع مايسمى "فيلق الشام"، يأتي هذا في حين بدأت تتبلور قناعة لدى أغلب الفصائل المسلحة في سوريا بأن تركيا استغلتهم وطعنتهم في الضهر.

ووسط حالة التفكك بين الاتراك والجماعات المسلحة في ادلب، تدرك أنقرة ان اتفاق موسكو الأخير هو اتفاق مؤقت وأن صبر موسكو ودمشق لن يطول في حال استمرت تركيا بالمماطلة في تنفيذ وعودها في اتفاقيتي استانة وسوتشي حول ادلب.
لكن السؤال الآن هو كيف ستتصرف أنقرة مع عشرات الآلاف من الإرهابيين الرافضين لاتفاق موسكو؟ هل ستضطر للتخلص منهم بنفسها في حرب شاملة، أم ستناور بهم للحصول على مكاسب سياسية، أم ستغلق حدودها بوجههم وتتركهم يواجهون مصيرهم مع الجيش السوري؟

الجواب على هذا السؤال لايزال غاضما حتى اللحظة، كون أنقرة لم تحسم قرارها بعد، لكن الشيء الحتمي هو ان دمشق حسمت قرارها بالقضاء على الارهاب وتحرير جميع الاراضي السورية، والمسألة هي مسألة وقت لا أكثر.

*علي القطان / العالم