ليبيا.. ماذا يعني إعلان حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات؟

ليبيا.. ماذا يعني إعلان حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات؟
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠٢٠ - ١٠:١٣ بتوقيت غرينتش

نددت حكومة الوفاق الليبية بإعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر إسقاط الاتفاق السياسي بين الفرقاء الليبيين المعروف باتفاق الصخيرات، واعتبرته انقلابا جديدا على السلطة، داعية البرلمان المنتخب في شرق البلاد إلى بدء حوار شامل للوصول إلى حل دائم عبر صناديق الاقتراع. ولاقى إعلان حفتر الذي خلط الأوراق في ليبيا، ردود أفعال دولية، فيما أكدت الأمم المتحدة استمرار تواصلها مع الليبيين لإيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب.

العالم-تقارير

بعد مرور أكثر من عام على بدء هجومه للسيطرة على العاصمة طرابلس، من دون أن ينجح في مهمته فعليا، أعلن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في خطاب متلفز ألقاه مساء الإثنين من بنغازي شرق ليبيا، حصوله على تفويض شعبي لإدارة البلاد بدون تحديد كيفية ذلك، وإيقاف العمل باتفاق الصخيرات السياسي، الذي رعته الأمم المتحدة عام 2015 والذي ينظم العملية السياسية في ليبيا، التي تشهد حربا منذ 2014، كما أعلن حفتر تفويض المؤسسة العسكرية التي يترأسها بقيادة البلاد في هذه المرحلة.

وفي هذا السياق، أصدرت حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها، بيانا الثلاثاء نددت فيه بإعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر حصوله على تفويض شعبي لإدارة البلاد وإسقاط اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه قبل نحو خمس سنوات في المغرب وتم تشكيل حكومة الوفاق بموجبه، واعتبرته انقلابا جديدا يضاف لسلسلة انقلابات حفتر على السلطة، بحسب البيان.

ولا يعترف اللواء خليفة حفتر المدعوم من برلمان منتخب في شرق ليبيا، بشرعية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس التي شكلت بموجب اتفاق الصخيرات، الذي وقعه الفرقاء الليبيون قبل نحو خمسة أعوام، فيما شنت قواته منذ أبريل/نيسان 2019 هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس.

وأضافت حكومة الوفاق في بيانها أن حفتر "انقلب حتى على الأجسام السياسية الموازية التي تدعمه والتي في يوم ما عينته، وبذلك لم يعد في مقدور أحد أو أي دولة التبجح بشرعيته بأي حجة كانت"، في إشارة للبرلمان المنتخب في شرق ليبيا الذي نصبه قائدا عاما "للجيش الوطني" في شرق ليبيا.

ودعت أعضاء البرلمان المنتخب في شرق ليبيا إلى "الالتحاق بزملائهم في طرابلس، لنبدأ الحوار الشامل ويستمر المسار الديمقراطي وصولا إلى حل دائم عبر صناديق الاقتراع"، فيما لم يصدر عن البرلمان المنتخب أي تعليق حتى الآن على ما أعلنه حفتر.

وسبق ان اعتبر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بأن حفتر انقلب حتى على المؤسسات السياسية التي دعمته وعينته مؤكدا انه لم يعد بمقدور اي دولة التبجح بشرعيته تحت اي حجة كانت واصفا اعلان حفتر بمسرحية هزلية للتغطية على هزائمه في مشروعه للاستيلاء على السلطة.

اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي أعلن أنه في حلّ من اتفاق الصخيرات، كان قد دعا الخميس الماضي، الليبيين إلى إسقاط اتفاق الصخيرات وتفويض المؤسسة التي يرونها مؤهلة لإدارة شؤون البلاد وفق إعلان دستوري يصدر عنها.

ورغم أن قواته تعرضت في الآونة الأخيرة لعدة هزائم أمام القوات التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس فإن حفتر أكد على استعداد قواته لمواصلة ما وصفه بالنضال، في إشارة إلى مواصلة العمليات العسكرية التي يشنها منذ أكثر من عام بهدف إسقاط الحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على كل أرجاء ليبيا بالقوة العسكرية.

قرار حفتر إسقاط الاتفاق السياسي بين الفرقاء الليبيين خلط الأوراق مجدداً في ليبيا وأثار ردود أفعال دولية مختلفة. حيث سارعت الخارجية الروسية بالتعليق على قرار حفتر واعتبرته مفاجئاً لها، وأشارت إلى أنه من المهم الآن أن ينقذ الليبيون أنفسهم، بمساعدة المجتمع الدولي كما أكدت وعلى لسان الوزير سيرغي لافروف أن روسيا ليس لها سلطان على حفتر في الموقف الحالي.

فيما شدد الكرملين على أن حل الأزمة في ليبيا سياسي دبلوماسي وليس عسكريا مؤكداً أن روسيا تواصل اتصالاتها مع جميع الفرقاء المشاركين في العملية السياسية في البلاد.

بدوره رفض الاتحاد الأوروبي، قرار اللواء المتقاعد تنصيب نفسه حاكما على ليبيا، وقال على لسان المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو إن استخدام العنف والحلول الفردية يضر بالعملية السياسية، واصفاً قرار حفتر بأنه انتهاك للاتفاق السياسي المبرم في عام ألفين وخمسة عشر.

وفي هذا السياق، أعربت واشنطن عن أسفها لاقتراح المشير حفتر التغييرات في الهيكل السياسي الليبي، وفرضها من خلال إعلان أحادي الجانب. وحثت السفارة الأمريكية في ليبيا قوات الجيش الوطني على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني في إعلان وقف فوري للأعمال العدائية لدواع إنسانية مما يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفقا لخارطة الأمم المتحدة بخصوص تسوية الأزمة الليبية.

وفور إعلان حفتر قبول التفويض الشعبي لإدارة الحكم في ليبيا، أكدت الأمم المتحدة، استمرار تواصلها مع الفرقاء الليبيين لإيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في بيان، إنه ضمن جهودها لإيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية عبر التواصل مع الفرقاء، تواصلت هاتفيا الممثلة الخاصة للأمين العام بالإنابة، ستيفاني ويليامز مع المستشار عقيلة صالح (رئيس المجلس النيابي الليبي) للتشاور، وتطرقت إلى مبادرة المستشار صالح التي اعتبرتها وليامز إشارة ايجابية.

وأبدت ويليامز ترحيبها بجميع المبادرات التي لا تستثني أحدا وتسعى لإنهاء حالة الاقتتال والانقسام والعودة إلى الحوار السياسي في إطار مخرجات مؤتمر برلين، في إشارة لعدم دعم خطوة المشير حفتر بتولي السلطة.

كما أكدت الممثلة الخاصة أهمية الانصات لليبيين في نداءاتهم المتواصلة للدخول في هدنة إنسانية، لإنهاء حالة الحرب نهائيا بما يتناسب مع مصلحة الليبيين عامة.

وكان المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان المنتخب والمنعقد في شرق ليبيا، قد دعا الأسبوع الماضي إلى إحياء الحوار السياسي، وضرورة تشكيل سلطة سياسية جديدة، لوقف الاقتتال بين الليبيين.

ومنذ 2015 تتنازع الحكم في ليبيا سلطتان، حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج ومقرها طرابلس في الغرب، وحكومة موازية يدعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر والبرلمان المنتخب في شرق البلاد.

وشهدت مدينة الصخيرات المغربية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 توقيع اتفاق بين الأطراف الليبية على تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا لإنهاء الحرب التي اندلعت في البلاد عام 2014.

ورغم أن الاتفاق لم يحظ بالإجماع ورفضه رئيس المؤتمر العام في طرابلس نوري بوسهمين ورئيس مجلس النواب المنحل في طبرق عقيلة صالح فإنه تم برعاية الأمم المتحدة.

وبموجب الاتفاق السياسي الذي وقعه الليبيون بالصخيرات المغربية، أناط السلطة السياسية في البلاد بالبرلمان المنتخب عام 2014 (سلطة تشريعية) والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (سلطة تنفيذية)، إلى جانب المجلس الأعلى للدولة (استشاري).

وتكبدت قوات حفتر خسائر كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة في المنطقة الغربية أمام القوات الموالية لحكومة الوفاق، وبحسب الأمم المتحدة، فقد قتل مئات الاشخاص وشرد أكثر من 200 ألف آخرين منذ انطلاق المعارك بين الجانبين عقب شن حفتر هجومه للسيطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني في 4 أبريل/نيسان 2019.