العراق و"سوالف" ابو ناجي القديمة

الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٥:٢٩ بتوقيت غرينتش

نشر السفير البريطاني لدى العراق، ستفين هيكي، مقطعا مصورا في صفحته على تويتر، لسحور رمضان مؤلف من لبن تمر وماء ، قائلا إنه ينوي الصيام ليعيش تجربة المسلمين في هذا الشهر وانه سعيد بهذه التجربة.

العالم - كشكول

لسنا ضد ان يقوم اي كان بتجربة الصيام مهما كان دينه او معتقده، فهذا شيء جيد، ولكن ان يقوم شخص ما بهذه التجربة في اطار ما بات يعرف بفن "اغتصاب العقول" وهو فن برع فيه البريطانيون الذي استعمروا بقاعا واسعة من المعمورة، بهدف تحقيق اهداف غير مشروعة تتناقض تناقضا فاحشا مع حاملي تلك العقيدة التي يزعم ذلك الشخص ان يعيشها، فهذا امر سيىء ومرفوض بالكامل.

لسنا بحاجة لباع طويل بعلم الاجتماع وعلم النفس لنفهم ان سفير بريطانيا في العراق حاول في التسجيل المصور عن تجربته مع الصيام ، ان يعيد حكايات "سوالف" اجداده، الذين كانوا على استعداد لفعل اي شيء من اجل كسب ثقة العراقيين وخداعهم من اجل تحقيق اهدافهم الاستعمارية في العراق.

العراقيون لهم تجربة طويلة ومرّة مع البريطانيين، وخاصة ابان الاستعمار البريطاني للعراق، فكان هناك مثل في العراق يقول "لو تشاجرت سمكتان في البحر فاعلم ان وراء ذلك الانكليز"، ويبدو ان هذا المثل موجود لدى جميع الشعوب التي اكتوت بالاستعمار البريطاني وينقل عن الزعيم الهندي مهاتما غاندي قوله "لو رأيت سمكتين في البحر تتصارعان فاعلم أن وراء ذلك بريطانيا" ، وسبب كل مشاعر الكراهية هذه للبريطانيين او "ابو ناجي" ، حسب وصف العراقيين، يعود الى جشع وطعم الاستعمار البريطاني الذي نهب خيرات بلدان العالم، ومنها العراق، وزرع في ربوعها ، الفرقة والصراعات والفتن والتخلف والفوضى.

كنا نتمنى على ابو ناجي ستيفن هيكي، قبل ان يعيش تجربة صيام المسلمين، ان يكفر عن التبعية المطلقة للسياسة الامريكية في غزو الشعوب واحتلال البلدان ونهب ثرواتها ومنها العراق، وان يكفر عن قتل بريطانيا الالاف من العراقيين خلال غزو العراق تحت ذريعة البحث عن اسلحة دمار شامل، وان يكفر عن الجريمة الكبرى للاستعمار البريطاني والمتمثلة بزرع الكيان الاسرئيلي اللقيط في الجسد الاسلامي، وان يكفر عن شحن العصابات الصهيونية المجرمة الى فلسطين لترتكب فظاعات بحق الفلسطينيين وتهجر الملايين من ارضهم، وان يكفر على اختلاقه الحدود المصطنعة بين الدول العربية والاسلامية التي مازالت سببا في صراعات لا تنتهي، فاذا كفر عن كل ذلك قد يقبل الله صيامه.

ابو ناجي لم ولن يكفر عن اي جريمة ارتكبها بحق العراقيين والشعوب الاخرى، بل ان كبار المسؤولين البريطانيين وفي الذكرى السنوية المائة لوعد بلفور المشؤوم الذي "منح" فلسطين الى اليهود، اعلنوا صراحة انهم غير اسفين على هذا الوعد بل فخورين به، لذلك نعتقد جازمين ان الله لن يقبل من ابو ناجي صيامه ولن تنفع "سوالفه" القديمة مع العراقيين كاعداده خبز عراقي وكطبخه "الدولمة"!.