الكرد في سوريا جوكر سياسي جديد بيد الامريكي والفرنسي

الكرد في سوريا جوكر سياسي جديد بيد الامريكي والفرنسي
الأحد ١٠ مايو ٢٠٢٠ - ٠٣:١٣ بتوقيت غرينتش

تكاد منطقة شمال وشرق سوريا بأخبارها واحداثها تختزل مسار العالم ومصيره، ويكاد التدخل العالمي القائم ان يجعل من التطورات محاولة متكررة لتقطيع اوصال البلاد وتفريق الشعب السوري وفق اهواء صناع السياسة في البيت الأبيض والعواصم الاوربية، في الوقت الذي تستمر فيه سوريا بين ما تواجهه من مؤامرات الدول الكبرى، وحلم من نصبوا أنفسهم في موقع التبعية والخصومة لكل مسلمات الانتماء.

العالم - قضية اليوم

تتسارع الانباء من شمال سوريا وتدلل عن تناغم كبير، بين من يخطط للسياسة الخارجية الامريكية والفرنسية في تلك البقعة الجغرافية، هناك حيث اجتماعات تعقد، ووفود من باريس وواشنطن تبذل جهدا كبيرا لتوحيد الأحزاب الكردية واتمام المصالحة فيما بينها، بهدف تشكيل جسم كردي معارض للدولة السورية، لتقديمه للمجتمع الدولي، كصيغة مقبولة، يكون لها دور في الحل السياسي القادم، وزجها في اجتماعات اللجنة الدستورية وما يرشح عنها.

الجهد الأمريكي الفرنسي في الجزيرة السورية ليس بجديد، لكن هذه المرة مبادرة يحملها ضباط استخبارات يرتدون ملابس رسمية، وصلوا الى الحسكة وعقدوا عدة اجتماعات، مع الأحزاب السياسية الكردية بكافة ألوانها السياسية، حاملين معهم ملف مصالحة، يتضمن عدة بنود لكن ما رشح عبر مصادر مطلعة، ان وفدا فرنسيا من وزارة الخارجية وصل الى مدينة الرميلان في ريف الحسكة، وعقد عدة لقاءات مع قادة الأحزاب الكردية وشخصيات سياسية، حمل معه مبادرة، تضمنت عدة بنود، كان ابرزها، إعادة فتح مكاتب لما يسمى المجلس الوطني الكردي، والكشف عن مصير معتقليه لدى الإدارة الذاتية، واطلاق سراحهم، بالإضافة الى إعادة ترتيب ما يسمى الإدارة الذاتية بحيث تكفل تلك الترتيبات مشاركة جميع الأطراف السياسية الكردية، تحت المظلة الامريكية والفرنسية، والانتقال بعدها لتوحيد الجسم العسكري للأكراد، ورأت المصادر ان هناك تطابق كبير بين الدور الفرنسي والامريكي بهذا الشأن، وبينت المصادر ان هذا الوفد لم يكن الأول فقد سبقه بحوالي عام، وفد من البرلمان الفرنسي، وتتحدث مصادر أخرى ان الوفد الفرنسي التقى عدد من ممثلي الأحزاب الكردية وعلى رأسهم، ما يسمى المنسق العام لاتحاد القوى الكردية عبد الكريم سكو، حيث تركز النقاش حول توحيد الأحزاب الكردية، في كتلة واحدة، عبر رؤية مستقبلية للمنطقة، تتوافق مع رؤية باريس وواشنطن.

ان ما يخطط للشمال السوري يندرج ضمن أجواء المؤامرة على الدولة السورية، فما يحصل بالضبط، هو جهود فرنسية أمريكية وتقاسم أدوار، لتوحيد ما تسمى المعارضة في الشمال والشرق السوري، في هيئة سياسية وعسكرية مشتركة، مع مستوى تناغم وتعايش فيما بينها على الصعيد السياسي والعسكري، لتوظيفها ضمن المخطط الأمريكي لابقاء تلك المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية، خارج سيطرة الدولة السورية لأطول فترة ممكنة، الا ان تلك الخطوة تحمل الكثير من التعقيدات ما يجعل الحلم الأمريكي هناك صعب المنال، ومن هذه التحديات مثلا على المستوى العسكري، عدم التطابق في مرجعية ما يسمى " بشماركة روج افا" مع الجسم العسكري لقسد ووحدات حماية الشعب، بالإضافة الى تنوع الخلفية السياسية لأحزاب تحمل أفكارا متنوعة ولها مرجعيات سياسية متعددة وايديولوجية مختلفة، تجعل منها متنافرة، فمثلا الإدارة الذاتية، تتبع سياسيا للولايات المتحدة الامريكية، اما ما يسمى المجلس الوطني، يلتحق سياسيا بكردستان العراق، وله علاقات مميزة مع الجانب التركي الذي يعد لاعباً رئيسيا في تلك المنطقة، ما يعني ان تلك المحاولات لتوحيد الاكراد والمصالحة فيما بينهم صعب للغاية، في ظل عدم وجود إرادة إقليمية لذلك، تتداخل فيه مصالح تركيا والعراق وايران، ولا يمكن ان ننسى أيضا، ان التنافس على السلطة لن يسمح ان تكون تلك القضية سهلة، فمن همش العرب في داخل جسم قسد لصالح الاكراد، وحصل على كل الدعم المالي والسياسي من الولايات المتحدة الامريكية، لن يرضَ ان يشاركه الاخرين في السلطة، ما يعني ان ذلك سيخلق عقبات كثيرة.

وبالتدقيق بالملف بشكل عام، فإن الدولة السورية وحلفاءها، لن يقبلوا بتفرد واشنطن وباريس بالقرار السياسي في شمال البلاد، ومنع وتأخير الدولة السورية من العودة لتلك المناطق، واستخدام تلك الأحزاب بوجه الدولة السورية، كجزء من معارضة، وهذا يؤكد ان من يخطط في الولايات المتحدة لتلك المنطقة يكرر نفسه، فما فشل عنه الائتلاف في وقت سابق بكل الدعم الدولي، لن تنجح فيه أمريكا من خلال الحفاظ على ولاء بعض الجماعات في شمال شرق سوريا، اضف الى ذلك ارتفاع وتيرة الرفض الشعبي واقتراب انفجار المقاومة الشعبية ضد الوجود الأمريكي في تلك المنطقة، ما يعني ان وجودها بات مهددا بالأصل من الناحية العسكرية، لذلك تبحث عن موطئ قدم سياسية، تحافظ فيه على النفوذ الأمريكي واستمرارها كلاعب أساسي في ميدان الحل السياسي القادم.

حسام زيدان