الحضارة الاميركية..

ترامب ولعب الغولف على جثث الاميركيين

ترامب ولعب الغولف على جثث الاميركيين
الثلاثاء ٢٦ مايو ٢٠٢٠ - ٠٣:١٣ بتوقيت غرينتش

حين يذهب الرئيس الاميركي دونالد ترامب للعب الغولف في واحد من منتجعاته السياحية في وقت يقترب فيروس كورونا من حصد ارواح مئة الف اميركي ويصيب حوالي مليون وسبعمئة الف. عندها قد يكون المشهد مثيرا للسخرية او الانتقاد. بينما البعض قد يطرح سؤالا مشروعا ومنطقيا. هل هذا هو الوجه الحقيقي لاميركا؟ 

العالم - قضية اليوم

الفيلسوف الاميركي "نعوم تشومسكي" اطلق تحذيرا خطرا في مقابلة مع وكالة الانباء الفرنسية قال فيه ان الولايات المتحدة تتجه نحو الهاوية. وحين يستخدم شخص مثل تشومسكي تعبير "الهاوية" فلذلك دلالات كثيرة ويطرح افكارا عديدة لا يمكن تجاهلها.

تشومسكي طرح توصيفات عديدة في حديثه عن الواقع الاميركي ابرزها ان اميركا تسير نحو الهاوية.. وان ترامب رجل معتل اجتماعيا وان حكمه قائم على اصحاب الثروات.. وان الولايات المتحدة تفتقر للهيكلية الاجتماعية الديمقراطية.

وصف ترامب بالمعتوه والمعتل اجتماعيا لا ياتي من سراب. فالرجل ومنذ وصوله الى البيت الابيض اثير الكثير من الجدل حول قدرته على الحكم. وكل عام في موعد اجراء الفحص الطبي السنوي لرئيس الولايات المتحدة يجتهد البيت الابيض للترويج بان تقارير الاطباء نظيفة وان ترامب يمتلك القدرات العقلية والجسدية لممارسة مهامه. لكن تصرفات ترامب وتصريحاته وتعاطيه مع الازمات يثير الكثير من الشكوك. وليس تشومسكي الوحيد في هذا السياق. صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت مقالا بعنوان صريح يقول "متى سنتوقف عن الادعاء بأن ترامب مؤهل للحكم". هذا العنوان يكفي لفهم النظرة لاداء ترامب.

اما الحديث عن علاقة ترامب باصحاب الثروات والشركات ورجال الاعمال فهو ليس مستغربا. ترامب من اكثر الناس المحترفين في استغلال الازمات والكوارث ومشاكل الاخرين لتحقيق مكاسب مالية. وبالتالي لن يعود مستغربا معرفة ان كل نهج الرئيس الاميركي في التعاطي مع ازمة كورونا مبني على قاعدة تحقيق الارباح من خلال الشركات التي ستنتج اللقاحات المحتملة للفيروس، وذلك بمشاركة صهره جاريد كوشنير. وهذا النهج يفسره ما فعله ترامب من تقليص لميزانيات مؤسسات القطاع الطبي بحوالي 15 مليار دولار، اضافة الى تقييد قدرة مركز الوقاية من الاوبئة "CDC"عبر تقليص الدعم المالي له.

لكن الاخطر هو الحديث عن افتقار الولايات المتحدة الى هيكلية اجتماعية-ديمقراطية، وهذا الموضوع من العمق بحيث لا يمكن ايفاؤه حقه من التحليل في مقال او اثنين. لكن وبالتبسيط الممكن، نستطيع النظر الى الشرخ الاجتماعي في الساحة الاميركية منذ مجيء ترامب حتى ازمة كورونا
- تزايد العنصرية ضد الافارقة الاميركيين واللاتينيين
- انتشار ظاهرة اليمين المتطرف و اصحاب نظرية "تفوق العرق الابيض"
- الكراهية المتزايدة بين قسم من الاميركيين والقطاع الطبي بسبب تحريض ترامب ضد العاملين فيه على خلفية تحميل المسؤولية للاخرين
- عودة ما يعرف باصحاب نظرية "كيو انون" او "Q Annon" المبنية على شخص ترامب بالتحديد وتبرر كل اعمال العنف دفاعا عن رئاسته

كل ذلك اضافة الى امور كثيرة اخرى، يكشف شرخا كبيرا سيزداد مع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، حيث من المتوقع ان يلجأ ترامب الى تعزيز التحريض وتوسيع رقعة هذا الشرخ مع شعوره بخسارة السباق الانتخابي.
يقول نعوم تشومسكي ان الولايات المتحدة ستتعافى من فيروس كورونا (وان بثمن باهظ)، لكنها لن تتعافى من تبعات سياسات ترامب لاسيما في قضية تغير المناخ. وحين يكون لديك رئيس يلعب الغولف بينما اكثر من مئة الف شخص يموتون بسبب وباء، فذلك يعني ان امام ما يسمى "بالحضارة الاميركية" تحد صعب للغاية للبقاء على قيد الحياة.
حسين الموسوي