ترامب وكولن باول.. عندما يختلف اللصوص

ترامب وكولن باول.. عندما يختلف اللصوص
الإثنين ٠٨ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٧:١٢ بتوقيت غرينتش

رغم ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب لم يكشف عن شيء جديد عندما اتهم وزير خارجية امريكا الاسبق كولن باول بـ"توريط" امريكا في حرب العراق بذرائع كاذبة، الا ان الجديد هو الاعتراف المتكرر والملفت لأعلى سلطة في الولايات المتحدة، بغزو بلاده العراق تحت ذرائع كاذبة وتشريد الملايين من شعبه وقتل مئات الالاف من ابنائه وتدمير بنيته التحتية لاسباب دون ان يشكل ذلك دافعا لمنظمة الامم المتحدة والعالم للتحرك من أجل مساءلة أمريكا عن جريمتها الكبرى، منعا لتكرارها في مكان اخر من العالم.

العالم - يقال ان

أعتراف ترامب الواضح والصريح بغزو امريكا للعراق بذرائع كاذبة، جاء هذه المرة ردا على اعلان كولن باول تاييده للمرشح الديمقراطي جو بايدن واتهامه لترامب بالكذب طوال الوقت وابتعاده عن الدستور وبانه بات يمثل خطرا على الديمقراطية الأمريكية.

تصريحات باول، الذي قاد في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب ، الجيش الامريكي خلال حرب الخليج الفارسي عام 1991 بوصفه رئيسا لهيئة الأركان الأمريكية المشتركة ، ثم تولى لاحقا وزارة الخارجية في عهد جورج بوش الابن، استفزت ترامب فكتب مغردا عبر "تويتر": "كولن باول، متغطرس حقيقي كان مسؤولا بدرجة كبيرة عن إدخالنا في حروب الشرق الأوسط الكارثية، أعلن لتوه أنه سيصوت لمتغطرس آخر، جو بايدن النعسان"، وأضاف: "ألم يقل باول إن العراق قد امتلك أسلحة دمار شامل؟ العراق لم يمتلكها، لكننا ذهبنا إلى الحرب".

اللافت ان باول الذي يتهم ترامب بالكذب على الدوام، وهو اتهام صحيح مائة بالمائة، الا ان هذه التهمة تليق به كما تليق بترامب، فالعالم اجمع شاهد باول في الخامس من شهر شباط / فبراير من عام 2003 وهو يلقي خطابه "التاريخي" امام مجلس الامن بوصفه وزير خارجية امريكا، والذي قدم خلاله ما وصفه بـ"المستندات" و"المعلومات" و"الوثائق" "الحقيقية" ، التي تفيد حصول العراق على أسلحة دمار شامل، تبين فيما بعد انها لم تكن سوى اكاذيب، حاول باول لاحقا تحميل مسؤولية هذه الكذبة الكبرى على عاتق نائب الرئيس الامريكي حينها ديك تشيني.

واللافت ايضا ان ترامب المجبول على الكذب، يتهم بالمقابل كولن باول انه "متغرطس"، بينما لا يختلف اثنان من العقلاء لا في امريكا ولا خارجها، وخاصة بين الاطباء النفسيين الذين عادة ما يدلون بشهاداتهم حول صحة ترامب النفسية، ان ترامب "متغطرس" ويعاني من "جنون العظمة" ويشكل خطرا على امريكا والعالم.

ترامب الذي يتهم باول بانه ورط امريكا في حروب كارثية بذرائع كاذبة، يعتبر من اكثر رؤساء امريكا تسلحا بالكذب لتبرير سياسته الخارجية الرعناء، وخاصة ازاء ايران وفلسطين وفنزويلا والعراق ولبنان واليمن وسوريا و..، فلم يدخر كذبة الا واستخدمها لاشعال الحروب والفتن والاضطرابات والفوضى في هذه الدول، اما اكاذيبه عن محاربة "الارهاب" و "داعش" ومناصرته لـ"الديمقراطية" و "الحرية" و "العدالة" و..، فحدث ولا حرج.

قديما قيل عندما يختلف اللصوص تتكشف الحقيقة، فالسجال الدائر اليوم بين دونالد ترامب وكولن باول، ليس سوى اختلاف بين لصوص، وهذا الاختلاف يصب عادة في صالح الشعوب التي اكتوت بنيران هؤلاء اللصوص الذين دمروا بلدانها وسرقوا ثرواتها وعاثوا فيها فسادا، وعلى هذه الشعوب ان تعمل على توظيف هذه الحقائق التي تتكشف من اجل خلق راي عام عالمي للضغط على امريكا لتكف عن استخدام الاكاذيب كذرائع في تسويق سياستها الخارجية المؤطرة بالمصلحة الصهيونية.