نزع سلاح المقاومة.. ذرائع 'وطنية' وخدمة إسرائيلية

نزع سلاح المقاومة.. ذرائع 'وطنية' وخدمة إسرائيلية
الثلاثاء ٠٩ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٣:٣٩ بتوقيت غرينتش

في ظل الاوضاع المعيشية المتردية التي يعيشها لبنان حاليا، ووسط معركة حامية الوطيس يخوضها هذا البلد مع جائحة كورونا، تطفو على السطح بقعة زيت اسرائيلية لاشعال فتيل فتنة داخلية كادت ان تودي بالبلاد الى ما قبل ثلاثين عاما.

العالم_يقال ان

من منبر التظاهرات التي كانت تحمل هم المواطن واهتماماته المعيشية والاقتصادية، ظهرت ابواق تدعو الى سحب سلاح المقاومة بعنوان وذريعة وطنية ألا وهي حصر السلاح بيد الدولة، عنوان ضم في طياته مغالطات عدة، أولها أن سلاح المقاومة معزول عن الدولة اللبنانية، وهو أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، فالمقاومة الاسلامية في لبنان والمتمثلة بضلعها الاقوى حزب الله لم تقدم على حرب مع العدو الاسرائيلي البتة، وانما سلاحها كان رادعا ومدافعا عن لبنان واللبنانيين جميعا، بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية، هذا أولا.

اما ثانيا؛ فالمقاومة اللبنانية لم تخض حربا لم يكن لبنان موافقا على خوضها متمثلا برئاساته الثلاث. ناهيك عن كون ان سلاح المقاومة في لبنان ربما هو الاكثر انضباطا بين اطنان السلاح الموجودة في ايدي الافرقاء والاحزاب اللبنانية الاخرى.

في الخوض في اسباب هذه الدعوات ضد سلاح المقاومة، لا يمكن استبعاد العدو الصهيوني، فهو المستفيد الاول والاخير، بل والاوحد من هذه الدعوات، ومن سحب سلاح المقاومة في لبنان، السلاح الذي كسر شوكته وجبروته وتعاليه واستكباره في المنطقة وارغمه على الخروج صاغرا من لبنان، وافسد مخططاته في المنطقة.

أما في التوقيت، فعلى ما يبدو أن موضوع التصويت واقرار قانون العفو العام، وما تضمنه من بنود تشمل بالعفو المقرر عن الجواسيس الذين عملوا لسنوات في خدمة "اسرائيل" زمن احتلالها للبنان، ومن ثم فروا الى الاراضي الفلسطينية المحتلة عند التحرير في عام 2000، ليس ببعيد عن الهدف والغاية من هذه الدعوات.

بالوقوف قليلا على الذرائع التي يطلقها المطالبون بنزع سلاح المقاومة، يتبين جليا جهة وبوصلة هذه المطالب، فاعتبار ان المقاومة فقدت فلسفتها ومعناها بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، هو تنصل واضح من المسؤولية الوطنية وتخلٍ عن الاجزاء اللبنانية المحتلة الى الان من قبل الكيان الاسرائيلي، لا سيما مزارع شبعا والقرى السبع. اضافة الى أنه تبرئة للعدو الصهيوني من جرائمه بحق الشعب اللبناني، واسقاط اعتباره عدوا للبنان وشعبه وارضه.

الامر الاخر هو عدم ضمان اقدام العدو الصهيوني على اي اعتداء او حتى اجتياح واحتلال جديد للاراضي اللبنانية في حال تم سحب سلاح المقاومة، ليس انتقاصا من قدرة الجيش اللبناني او تشكيكا في ارادته وعقيدته الوطنية، ولكن بسبب نقص الامكانات التي يتطلبه ردع الكيان الاسرائيلي عن اي اعتداء، وهذا النقص طبعا كان ولا زال نتيجة الضغوط الغربية وخصوصا الاميركية للحؤول دون امتلاك الجيش اللبناني قدرات عسكرية وتسليحية يمكن من خلالها ان يشكل تهديدا على أمن "اسرائيل" ومخططاته في لبنان والمنطقة.

انعدام الضمان هذا لعدة اسباب منها ان ديدن الاحتلال الاسرائيلي هو الغدر وعدم احترام المعاهدات والمواثيق الدولية.

وهناك مثالان اثنان يؤكدان رؤيتنا هذه بشأن غدر العدو الصهيوني، لم يمض الكثير على اعلان الاحتلال نيته تنفيذهما، الاول هو مشروع ضم اجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة واعلان سيطرته عليها، على الرغم من ان السلطة الفلسطينية في رام الله تبرم مع سلطات الاحتلال اتفاقيات ومعاهدات وتنسيق امني مشترك بين الجانبين، الا ان ادارة الكيان ضربت بهذه الاتفاقيات عرض الحائط واتخذت قرارها بضم هذه الاجزاء الواسعة.

اما المثال الاخر فهو الجزء الثاني من مشروع الضم نفسه، فعلى الرغم من توقيع الاردن اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، الا ان الاخير فاجأ عمان باعلان نيته ضم غور الاردن وفرض سيادته عليه، اذا ما الذي يضمن للبنان عدم اقدام العدو على اي اجتياح او احتلال جديد لاراضيه، في حال سلمت المقاومة سلاحها وتخلت عنه?!.

الحقيقة هي انه لا شيء يضمن ذلك، الا الابقاء على المقاومة وسلاحها صاحيا في وجه اي تهديد او اجراء او اعتداء "لاسرائيل" على لبنان، فهو الوحيد القادر على ردعها بحسب التجارب، وبالتأكيد الى جانب المقاومة الشعب اللبناني المقاوم والجيش اللبناني الذي كان دائما داعما للمقاومة في تصديها للاعتداءات الاسرائيلية التي طالت لبنان عبر عقود.

ابراهيم شربو / العالم