سوريا لن تجوع ولن تركع وستتصدى للعدوان الأمريكي و“قيصر”

سوريا لن تجوع ولن تركع وستتصدى للعدوان الأمريكي و“قيصر”
الثلاثاء ٠٩ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٤:٣٥ بتوقيت غرينتش

عندما يتباهى جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الى سوريا بكل وقاحة وغطرسة، ان حكومته تقف خلف انهيار الليرة السورية، وما ترتب على ذلك من اهتزاز الثقة بالاقتصاد، وحالة الارتباك المترتبة على ذلك في الأسواق، مع اقتراب تنفيذ قانون قيصر والبدء في تطبيقه بعد أسبوع (منتصف شهر حزيران ـ يونيو الحالي)، فان هذا “اعلان حرب” وخطوة رئيسية على طريق تغيير النظام، وبث حالة من الفوضى في سوريا، وربما منطقة الشرق الأوسط برمتها.

العالم - سوريا

التحالف الامريكي الإسرائيلي فشل في اسقاط النظام السوري بدعم المعارضة المسلحة، والتدخل العسكري المباشر، وانفاق مئات المليارات من خزائنه وخزائن حلفائه في (مجلس التعاون)، والآن عادت أمريكا الى تطبيق “النموذج العراقي” معكوسا، أي البدء بالحصار الاقتصادي التجويعي الخانق تمهيدا لتركيع الشعب ودفعه للبحث عن بدائل أخرى للخلاص، وبما يمهد للغزو، ومن ثم الاحتلال.

اللافت ان هذه الهجمة الامريكية الجديدة على سوريا ولبنان المصحوبة بحرب نفسية عمودها الفقري شائعات اسرائيلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتحدث عن اضطرابات، ومحاولة انقلاب، واطلاق نار في قلب دمشق، ومن المؤسف ان طابورا خامسا سوريا، في الداخل والخارج يروج لهذه الاشاعات الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

***

جيمس جيفري يكذب مثل رئيسه ترامب عندما يقول ان حكومته تريد عملية سياسية لا تقود الى تغيير النظام وانما سلوكه، شريطة ان يتخلى عن ما تسميه "المنظمات الإرهابية" (حزب الله والفصائل الفلسطينية)، وفك الارتباط مع ايران، وهي الشروط التي ستتناسل وتفرّخ أخرى وبما يؤدي الى اضعاف الدولة السورية، ونزع هويتها الوطنية، وسيادتها واستقلالها.

القيادة السورية رفضت عروضا بعشرات المليارات من دول مجلس التعاون للقبول بالشروط نفسها، أي الابتعاد عن ايران ووقف الدعم لأذرع محور المقاومة العسكرية، مثلما رفضت خط غاز قطري يمتد الى تركيا لضرب الغاز الروسي في حينها، واختارت مقاومة المؤامرة.

لا نعتقد ان السلطات السورية ستقع في المصيدة نفسها التي وقعت فيها نظيراتها في العراق وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية عندما صدقت هذه الوعود الامريكية.

دولة الاحتلال الإسرائيلي نقطة ضعف التحالف الأمريكي، لا تستطيع تحمل ضربة عسكرية واحدة، ولنا في تجربة المقاومة في قطاع غزة، وقبلها في جنوب لبنان الدروس الأبلغ في هذا الصدد، وشاهدنا كيف هرول بنيامين نتنياهو اكثر من مرة الى القاهرة طالبا وقف اطلاق الصواريخ في الحروب الأخيرة التي لم تستمر اكثر من ثلاثة أيام خشية ان تصل هذه الصواريخ، على بدائيتها، الى تل ابيب ومطارها.

ومن غير المستبعد ان يؤدي هذا الاستهداف التجويعي الأمريكي للاقتصاد السوري والعملة المحلية، عموده الفقري، الى دفع قيادة محور المقاومة لاتخاذ قرار بالتخلي عن سياسة ضبط النفس، وهدم المعبد على رؤوس الجميع.

فاذا كان هدف أمريكا تجويع الشعب السوري واذلاله، ومنع انطلاق عملية إعادة الاعمار، فان هذا الشعب، او النسبة الأكبر منه، قد تفضل الموت في ميادين المعارك على ان يرى اطفاله تموت جوعا امامه، وله في نظيره اليمني المقاتل الشرس للعدوان خير مثال.

***

سوريا تملك جيشا قويا متماسكا وملتفا حول قيادته، واستطاع ان يحمي الدولة السورية، وإعادة سيطرتها على اكثر من 85 بالمئة من اراضيها، ومن غير المعتقد ان يقبل هذا الجيش هذه العقوبات الامريكية المقبلة، ويقف صامتا ومتفرجا على تحلل دولته، وفتك الحصار بأبنائها.

لا نستبعد ان تبدأ عملية التعبئة للحرب ونزول الشعب السوري الى الشوارع احتجاجا على هذا القانون الجائر، وتضامنا مع حكومته وقيادته في الأيام القليلة المقبلة، ومثلما افشل هذا الشعب مخطط التفتيت بصموده سيفشل مخطط التجويع بسواعد أبنائه وجيشه.

المقاومة العراقية افشلت الغزو والاحتلال الأمريكيين، واجبرت القوات الامريكية على الانسحاب مهزومة، والمقاومة الأفغانية فعلت الشيء نفسه رغم امكانياتها المتواضعة، وليس لدينا ادنى شك بأن المقاومة السورية المدعومة من محور المقاومة ستتصدى لهذا العدوان الأمريكي الإسرائيلي وتحقق الانتصار نفسه، ان لم يكن اكثر.. والأيام بيننا.

راي اليوم - عبد الباري عطوان (بتصرف..)