'قيصر' الامريكي وتأثيره على لبنان

'قيصر' الامريكي وتأثيره على لبنان
السبت ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٢:٠٣ بتوقيت غرينتش

ثمة مخاوف تطرح حول ترددات "قانون قيصر" الامريكي تبثها اروقة البيت الابيض بغرض التأثير على الرأي العام عموما وعلى جمهور محور المقاومة خصوصا والذي بدوره غير آبه لاي عقوبات مصيرها الفشل وانسداد الافق بفعل الوعي الحاضر في لدى القيادات الحكيمة من جهة ويقظة الشعوب التي لم يعد يهيبها الفعل الامريكي ومخططاته من جهة ثانية.

العالم-لبنان

وفي هذا الاطار ترى الاوساط المتابعة عبر منصة الرأي الالكترونية انه يأتي في ظل تقاطع المناخات الدولية التي تحذّر من أشهر صعبة ستمرّ على لبنان مع انتقال الحرب بلا جنود التي تخوضها واشنطن مع محور المقاومة وحلفاؤه إلى مرحلة هي الأقسى عبر قانون "قيصر" الذي جاء بمثابة شبكة صيد رُميت على كل المحور انطلاقاً من سوريا.

وترى المصادر انه لم يتبدّل مشهدُ ارتباك لبنان الرسمي حيال معطى إقليمي ودولي تشكل، الأول عبّرت عنه إشاراتٌ متصاعدة إلى إحباطٍ فرنسي من قدرة حكومة الرئيس حسان دياب على إدارة تحدي قيصر من خارج أجندة حزب الله ونظرية الأوعية المتصلة بين أطراف المحور وأولوية الحزب بدعم سوريا.
والثاني إدارة الظهر العربية - الخليجية المستمرة لـ"بلاد الأرز" والتي زادت وطأةً مع الصدمة الدولية المتجددة من أداء السلطة التي انفجرتْ بوجهها فضيحةٌ حقيقية مع انتهاء أعمال لجنة تقصي الحقائق البرلمانية برئاسة النائب ابرهيم كنعان حول الأرقام المطروحة ضمن برنامج التعافي الاقتصادي للحكومة.

وفيما اكتفى دياب في أول جلسةٍ للحكومة بعد بدء تطبيق "قيصر" بالنأي عن هذا القانون، فإن أوساطاً سياسية طرحتْ علامات استفهام حيال الهامش المتاح أمام الحكومة اللبنانية للتفلّتِ من موجبات "قيصر" الذي ورغم أنه لم يفرض عقوباتٍ على شخصيات لبنانية في مرحلته الأولى (شمل شركة Telefocus SAL Offshore - مقرها لبنان)، إلا أن بنوده باتت تستوجب استكشافَ مدى إمكان الاستمرار بالتعاون مع سوريا في مجالات محددة مثل استجرار الكهرباء.

وتتابع المصادر في موازاة حرص "حزب الله" على تحميل الولايات المتحدة وعقوباتها مسؤولية الانهيار المالي في لبنان وشحّ الدولار واحتراق الليرة عبر منْعها دخول العملة الخضراء إلى البلاد.. لياتي كلام السفيرة الامريكية في بيروت عن أن عقوداً من الفساد ومن القرارات غير المستدامة في لبنان تَسَبَّبَ بالازمة.
في هذا الوقت انشغلت بيروت بالمساعي المستمرة لعقد حوار وطني في القصر الجمهوري في 25 الجاري وجّه الرئيس ميشال عون أمس الدعوات إليه رسمياً لرؤساء الجمهورية والحكومة السابقين ورؤساء الأحزاب والكتل البرلمانية، والذي يَمْضي الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) في تحضير المناخ لإنجاحه مباشرةً عبر رئيس البرلمان نبيه بري وفي شكل غير مباشر عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في محاولةٍ لتفكيك "سبحة" المقاطعين للعهد وضمان حضورٍ وازن على طاولة القصر.

وفيما حدّدت رئاسة الجمهورية هدف "اللقاء الوطني" بـ"التباحث والتداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وتفادياً لأي انفلات قد تكون عواقبه وخيمة ومدمرة للوطن، خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي لم يشهد لبنان مثيلا لها"، اعتبرت الأوساط السياسية نفسها أن ثمة عقدتيْن تعترضان حوار 25 الجاري:
• الأولى استشعار قوى المعارضة بأن ثمة مَن يريد استدراجها إلى "وليمةٍ مسمومةٍ" بحيث تشكّل جزءاً من «درع بشري» (سياسي) في المواجهة التي أطلقها "حزب الله" مع "قيصر" بما يجنّب استفراده في ما وصفه السيد حسن نصر الله بـ"الحرب الجديدة"، ولا سيما أن الأخير حدّد، من ضمن ما يشبه "أمر العمليات" الذي انطوت عليه إطلالتُه التلفزيونية الاخيرة، خريطة التعاطي مع "قيصر" ومجمل الأزمات الداخلية بخلفيةِ المعركة الاستراتيجية.
• والثانية ما وصفته الاوساط بالعيب الميثاقي الذي سيشكّله الغياب الوازن للمكوّن السني عن طاولة الحوار بحال لم تنجح الاتصالات في جعْل زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري ورؤساء الحكومة السابقين الآخَرين (فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وتمام سلام) في المشاركة ربْطاً بالخصومة القائمة مع العهد وفريقه على خلفية ما يعتبره هؤلاء ممارسات خارجة على اتفاق الطائف وتوازناته بالدرجة الأولى.
وبدا واضحاً أمس ارتسام سباقٍ بين مساريْن: الأول محاولة رؤساء الحكومة السابقين وقوى معارِضة أخرى (بينها القوات اللبنانية) انتزاعَ ضماناتٍ بخروج طاولة الحوار بقراراتٍ تضع الإصبع على الجراح الحقيقية في الواقع اللبناني، مالياً وسياسياً، بناءً على جدول أعمال واضح ومحدَّد فلا يكون اللقاء مجرّد صورة أو يجرّ الجميع ليكونوا في «الخندق» نفسه الذي حدّده نصر الله، وهو ما يصعب تَصَوُّر تحقيقه. والثاني سعي عون إلى فك الارتباط بين أصل الدعوة للحوار وبين جعل مفاتيح انعقاده بيد قرار الحريري بالمشاركة أو لا، وهو ما عبّر عنه توجيهه الدعوات أمس بعد مؤشراتِ تَرَيُّثه لاستكشاف مستوى الحضور تفادياً لتكرار مشهدية لقاء مايو الماضي المالي - الاقتصادي.وفي هذا الإطار، وغداة إعطاء الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دفْعاً لحوار 25 الجاري مؤكداً بعد زيارة الحريري مشاركته فيه، مضى الرئيس بري في سعيه لتوسيع «بيكار» الحاضرين والضغط الإيجابي على الحريري، إذ استقبل رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي توجّه من عين التينة إلى دارة «المستقبل»، معلناً «ان بري يمون» ولكن من دون حسْم موقفه من المشاركة في الحوار أم لا "فما زال هناك وقت لإعتلام المرحلة المقبلة تختم المصادر.

* حسين عزالدين/ العالم