كشف مضمون 'ورقة الإصلاح البيضاء' التي يعتزم الكاظمي تقديمها

كشف مضمون 'ورقة الإصلاح البيضاء' التي يعتزم الكاظمي تقديمها
الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠١:١٢ بتوقيت غرينتش

كشف مسؤول عراقي عن مضمون ما تسمى "ورقة الإصلاح البيضاء" التي تعتزم الحكومة خلالها إقالة العشرات من المسؤولين البارزين في وزارات وهيئات مختلفة، وبدرجة مدير عام ووكيل وزير ورؤساء أقسام، فيما يتوقع أن تثير تلك القرارات مزيدا من التوتر بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وبعض الكتل السياسية.

العالم - العراق

ونقل"العربي الجديد" عن مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي، طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح صحفي، اليوم الثلاثاء، 30 حزيران 2020 أن حزمة القرارات المرتقبة تشمل تكليف مجلس القضاء الأعلى بتشكيل لجان لمراجعة التعاملات المالية في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية.

وأوضح أن "ورقة الإصلاح البيضاء، هو المصطلح الذي اعتمده الكاظمي، في أحد اللقاءات التي عقدها في بغداد، في إشارة إلى إجراءات لحكومته تهدف إلى معالجة حالة الترهل والفشل العام داخل الدولة العراقية".

وأشار المسؤول إلى أن "ورقة الإصلاحات المرتقبة، التي لا تزال تخضع للإضافة والتعديل، تشتمل على قرارات إصلاحية مالية واقتصادية وإدارية، بعضها يتطلب إسنادا من القوات العراقية على الأرض، ومن جملة ذلك، على سبيل المثال، إخضاع المنافذ البرية للعراق لسلطة الدولة، وإنهاء نفوذ الجماعات المسلحة والأحزاب فيها، أو طرد الجهات التي تشغل أملاك الدولة منذ سنوات من دون وجه حق، بالإضافة إلى ملاحقة مافيات تهريب النفط ومشتقاته".

وأضاف أن "الورقة تتضمن خريطة طريق لتعزيز موارد الدولة بشكل عاجل من خلال قطاعي الصناعة والزراعة والسياحة، وكذلك المنافذ والجمارك وقطاع الاتصالات غيرها، بالإضافة إلى شمولها تشجيع الاستثمار والقطاع الخاص، وطرح سندات عاجلة، والتوجه إلى دول كبرى لطلب المساعدة، أو منح العراق مهلة سماح في ما يتعلق بالديون المترتبة عليه لصالحها".

وبين أن "خلية عمل برئاسة الكاظمي وعضوية وزراء ومستشارين عدة، عقدت ثلاثة اجتماعات حتى الآن في هذا الخصوص"، لافتا إلى أن القرارات المرتقبة ستصدر تباعا وبشكل متسلسل، وقد يصدر أولها نهاية الأسبوع الحالي أو الأسبوع المقبل، وتتمثل بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين بدلا عنهم.

وحول رد الفعل السياسي المتوقع عليها، رجح المصدر أن "تلاقي ورقة الكاظمي الإصلاحية رفضا سياسيا، وتواجه بحملة ضد رئيس الحكومة، كونها تتميز بالجرأة، وهي تمس مصالح أحزاب وقوى سياسية مستفيدة ماديا، فضلا عن أنها تتعلق بتقليل الاعتماد على الاستيراد ودعم المنتج الوطني، سواء الزراعي أو الإنشائي، وهو ما يعني ضرب شبكات كبيرة وضخمة متغلغلة في العراق، وذات تأثير في سياسته، كما كانت سببا في إبقاء البلاد في حالة شلل على المستويين الزراعي والصناعي طوال الفترة الماضية".

واكد المسؤول في مكتب الكاظمي، أن بعض القرارات تتطلب تصويتا في البرلمان لتمريرها، ما سيشكل "عقدة المنشار"، بحسب تعبيره، إذ عادة ما تجري هناك المساومات والمقايضات أمام كل رئيس للحكومة يرغب بإحداث تغيير في المشهد العام بالبلاد.

من جهته، اعتبر النائب عن تحالف "الفتح"، محمد البلداوي، أن السلطة التشريعية والكتل السياسية لم تطلع حتى الآن على تفاصيل ورقة الإصلاح، وأنها "بانتظارها" منذ بدء الحديث عنها، مبينا أن القوى السياسية تنتظر عرض تلك الورقة عليها.

وأشار إلى "ضرورة أن يعلم رئيس الحكومة أن الأساس هو في تطبيق القرارات، ما يعني أن التحدي هو ألا تبقى الورقة حبرا على ورق، كما جرت العائدة".

وبشأن وجود مخاوف من أن تستهدف الورقة جهات وشخصيات بعينها، رأى البلداوي، أنها "لن تصبح بذلك عملية إصلاح بل خراب، ومن هنا الحاجة إلى توافق سياسي".

فيما أعلنت كتلة تحالف "سائرون" البرلمانية دعمها منذ الآن لتوجهات الكاظمي، "ما دامت تهدف إلى بناء دولة مؤسسات حقيقية"، حيث قال النائب محمود الزجراوي، أن "جهات وشخصيات سياسية سترفض مسبقا هذه الورقة، لكونها ستكون المتضررة من أي عملية إصلاح تمس نفوذها وهيمنتها على مؤسسات الدولة العراقية ومقدرات الشعب العراقي"، لكنه رأى، من جهة ثانية، أن قرارات الكاظمي المرتقبة "ستحظى بدعم سياسي كبير، ما دامت تتضمن خطة إصلاح، وسيكون مسنودا بدعم شعبي أيضا".

أما الخبير في الشأن السياسي العراقي محمد التميمي، فقد أشار إلى أن "الملامح الأولى للقرارات المرتقبة ضمن ورقة الإصلاح البيضاء تبدو كثيرة الشبه بتلك التي وعد بها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، والتي لم يتكمن من إنجازها بسبب الرفض السياسي لها".

واعتبر التميمي، أن الكاظمي سيلاقي صعوبة كبيرة في تطبيق إصلاحات حقيقية وإحداث فرق في المشهد العام للمؤسسات العراقية، إذ أن أي عملية إصلاح ستكون عمليا موجهة ضد حزب أو شخصية ما، بعدما باتت كل وزارة أو مؤسسة عامة مجيرة سياسيا، "وكأنها دكان لهذا الحزب أو تلك الكتلة أو الشخصية".

وبحسب مراقبين فانه على الرغم من أن الكاظمي، لم يوضح تفاصيل تلك الإجراءات، لكنه يستند في قراراته المرتقبة إلى نقمة الشارع العراقي من تردي الأوضاع المعيشية واتساع نطاق الفقر والبطالة، وانكشاف ظهر المؤسسات الحكومية إزاء جائحة كورونا، خصوصا في قطاعي الصحة والخدمات.

يأتي ذلك بعد التلكؤ الحاصل في دفع مرتبات نحو 10 ملايين موظف ومتقاعد، بفعل انهيار أسعار النفط عالميا وتراجع إيرادات العراق بأكثر من 70 في المائة، إذ يحتاج العراق شهريا إلى 4,7 مليارات دولار كموازنة تشغيلية، بينما بلغ مردود النفط للشهرين الماضيين نحو مليار و200 مليون دولار فقط.