المصالحة الفلسطينية؛ استراتيجية موحدة ام تكتيك مرحلي

المصالحة الفلسطينية؛ استراتيجية موحدة ام تكتيك مرحلي
السبت ٠٤ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٣ بتوقيت غرينتش

بعد ان شاهد الشارع الفلسطيني، اللواء جبريل الرجوب وصالح العاروري في مؤتمر صحفي يتحدثان عن مرحلة جديدة عنوانها مواجهة مخطط الضم الذي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو لتنفيذه في الضفة الغربية والاغوار، ورغم الحديث المتفائل من الطرفين عن مرحلة جديدة تبتعد عن الصراع على سلطة وهمية الا أن البعض تعاطوا بالتشكيك حول قدرة الطرفين على تجاوز المرحلة السابقة.

العالم - قضية اليوم

وفي محاولة لفهم ما حدث فإن جبريل الرجوب احد أبرز قادة فتح ومن الأسماء المرشحة في معركة الخلافة، عمل خلال الأيام الماضية بشكل حثيث لاقناع قادة حركة حماس بالخروج معه في مؤتمر صحفي عنوانه فقط مواجهة الضم والمخطط الإسرائيلي وصفقة ترامب.

قادة حماس وتحديدا نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري التقطوا المبادرة ايجابيا وذهبوا اليها مسرعين رغم قناعة البعض بأن هذا المؤتمر لن يغير من الواقع شيئا، لاسيما وان الخلاف ليس فقط على السلطة بل بسبب اختلاف الخط السياسي الذي تنتهجه الحركتان، فبينما ترى حركة حماس بأن العلاقة مع المحتل لن تتاتى الا عبر مقاومة مسلحة وغير مسلحة ترى حركة فتح بأن العلاقة مع المحتل من الممكن ان تتأتى عبر مفاوضات برعاية دولية دون اسقاط الحق بالمقاومة.

الرجوب الذي تصدر المشهد في الأيام الاخيرة بعد قرار الاحتلال ضم اكثر من ثلاثين بالمئة من مساحة الضفة الغربية، يدرك ان اي مواجهة مقبلة مع الاحتلال الاسرائيلي تحتاج الى وحدة فلسطينية في الميدان، والوحدة تبدأ بإنهاء الصراع القائم بين الحركتين الكبيرتين واللتين تملكان الزخم الأكبر في الشارع الفلسطيني ودون الاتفاق بينهما فإن اي مواجهة مع المحتل ستكون خاسرة من الناحية السياسية. وعليه فعمد الرجل الذي يأتي في المقعد الثاني بعد محمود عباس في حركة فتح، الى ان يفتح الابواب من جديد مع حركة حماس ولو عبر مؤتمر صحفي يمنحه شرعية اوسع في الشارع.

ورغم ان الرجل يدرك حجم الخلاف بين الطرفين وصعوبة تجاوز الماضي، الا انه اعتبر ما حدث بالخطوة الاولى في طريق طويل نحو الوحدة ونظرا لإدراك الرجوب بأن الشارع الفلسطيني ومنذ مدة طويلة، نفض يديه من مبادرات الوحدة وامكانية تنفيذها عمد الى مخاطبة الشارع الفلسطيني بضرورة ان يصدق الخطوة التي اتخذها مع نظيره في المكتب السياسي لحركة حماس، اما حماس فهي دائما تحاول ألا تضيع الفرصة بإنهاء الخلاف مع حركة فتح في مواجهة المحتل الإسرائيلي والأهم ان مثل هذا المؤتمر بمثابة اعتراف من فتح بأن ما طرحته حماس على مدار ثلاثة عقود من ضرورة الابتعاد عن المساومة وانتهاج المقاومة هو الأدق في العلاقة مع المحتل.

حماس تطرح دوما ضرورة الاتفاق على استراتيجية وطنية تحت لواء المقاومة من اجل تغيير الواقع على الارض، وترى الحركة ان نهج المقاومة هو الأكثر قدرة على جمع الفرقاء في الساحة الفلسطينية، ومازالت الحركة ترفع شعار "المقاومة تجمع والمساومة تفرق" وعليه فان على حركة فتح وتحديدا تيار الرجوب، ان تثبت بان قرارها في العلاقة مع حركة حماس والانتقال الى المواجهة هو قرار استراتيجي وليس تكتيكي فرضته الظروف، فان كان استراتيجيا فعليها ان تحدد الخطوات التالية سواء بإنهاء أسس الصراع والتفكير بآليات تمكين هذه الوحدة من خلال اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية او على الأقل إصلاح منظمة التحرير وضم حركتي حماس والجهاد اليها وتصحيح مسارها الذي يرى الكثيرون انه تغير اثر اتفاق اوسلو، لكن اذا كانت فتح ترى بان العلاقة مع حركة حماس تكتيكية فرضتها المرحلة الحالية فان انتهاء الظرف القائم سيعيد الامور الى المربع الاول وسينهي الحاجة الى مصالحة وطنية شاملة.

فارس الصرفندي / العالم