هل تعكس هيكلة حكومة الإمارات حالة التدهور الاقتصادي لها؟

هل تعكس هيكلة حكومة الإمارات حالة التدهور الاقتصادي لها؟
الثلاثاء ٠٧ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٥ بتوقيت غرينتش

مع انهيار أسعار النفط واستمرار جائحة كورونا يواجه الاقتصاد الإماراتي تراجعاً حقيقياً، على الرغم من النجاحات المحدودة التي كانت قد تحققت خلال السنوات الماضية.

العالم- الامارات

وتسببت الصدمات الاقتصادية التي تعرض لها الاقتصاد العالمي على خلفية انتشار فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط وتدني أسعار الفائدة، في ضربات موجعة للاقتصاد الإماراتي، ما يوحي بتعرضه لمزيد من التراجع والانهيار.

وفي ضوء تلك الأزمات، سارعت قيادة الإمارات إلى العمل على إنقاذ ما يتعرض له اقتصاد بلادها؛ فلجأت مؤخراً إلى إعلان هيكلة الحكومة، ودمج وإلغاء بعض الوزارات، في مقدمتها الوزارات التي خصصتها للترويج لسعادتها والتسامح، والتي لم تعد سعادتها حتى الآن.

في 5 يوليو 2020، أعلن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس الحكومة الإماراتية وحاكم دبي، أنه "أقر هيكلة جديدة للحكومة" لمواكبة التغييرات التي فرضتها أزمة كورونا.

ومن ضمن إجراءات الهيكلة التي أعلنها، إلغاء 50% من مراكز الخدمة الحكومية وتحويلها لمنصات رقمية خلال عامين، ودمج نحو 50% من الهيئات الاتحادية معتً أو ضمن وزارات.

كما نصت القرارات على إنشاء وزارة للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ودمج هيئة المواصفات والمقاييس معها، ودمج وزارة الطاقة مع وزارة البنية التحتية، وإلحاق برنامج زايد للإسكان والهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية بالوزارة الجديدة.

ونصت القرارات أيضاً على دمج المجلس الوطني للإعلام والمؤسسة الاتحادية للشباب مع وزارة الثقافة، لتكون وزارة الثقافة والشباب وتضم وزيرين، ونقل وكالة أنباء الإمارات لشؤون الرئاسة، وإلحاق الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء ومجموعة بريد الإمارات ومؤسسة الإمارات العامة للنقل ومؤسسة الإمارات العقارية بجهاز الإمارات للاستثمار.

ومن بين الوزارات التي دُمجت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية ضمن وزارة تنمية المجتمع، ونقل ملف جودة الحياة والسعادة لوزارة تنمية المجتمع وإلحاق الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، بمكتب رئاسة الوزراء.

كما تم دمج الهيئة الوطنية للمؤهلات مع وزارة التربية، ودمج هيئة التأمين مع هيئة الأوراق المالية والسلع برئاسة وزير الاقتصاد، واستحداث منصب وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد، وإلحاق وزيرة الدولة للأمن الغذائي والمائي بشؤون الرئاسة.

ولعل التغييرات الجديدة في الحكومة ركزت بشكل كبير على الجانب الاقتصادي، أكثر من الجوانب التي كانت الإمارات قد بدأت تروج لها مثل وزارتي السعادة والتسامح.

وتحاول السلطات الإماراتية، من خلال العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية التي سبقت تغييرات الحكومة، استعادة العافية الاقتصادية عقب تكبدها خسائر فادحة نتيجة توقف الأعمال.

يقول الخبير الاقتصاد والمالي عبد الله الخاطر، إن الاقتصاد الإماراتي يمر بمرحلة صعبة بدأت قبل مجيء جائحة كورونا، لافتاً إلى أن كورونا دفعت منحنى الاقتصاد الإماراتي إلى التراجع بشكل خطير.

ويتحدث لـ"الخليج (الفارسي) أونلاين" عن اقتصاد الإمارات الذي قال إنه "واجه الهشاشة ما قبل كورونا"، موضحاً أن "الجائحة ساهمت في استكمال هذا الانهيار خصوصاً مع حدوث إفلاسات في شركات كبيرة، وتراجع القطاع المصرفي الذي دخل في اندماجات الهدف منها خفض الكلفة، ومحاولة إدارة الأزمة بشكل عام".

ويرى أن الخطوات التي تقوم بها الإمارات "سابقة لأوانها، سواء خفض المشاريع والعمالة والموظفين، أو غيرها من الخطوات التي تقوم بها للحد من هذا الانهيار"، مؤكداً وجود "عوامل كثيرة مترابطة ومتشابكة، وقد تتضح مخاطر ما يتعرض له اقتصادها بعد 3 أشهر إلى 6".

وأوضح أن سبب هذا التراجع الكبير يعود إلى دخول أبوظبي ودبي في ذات الأزمة الاقتصادية، مضيفاً: "عادة كانت تدخل دبي الأزمة وأبوظبي قادرة، لكن حالياً دخلتا الاثنتين، خصوصاً دبي، التي تخسر في قطاع العقارات والإنشاءات الذي يعد أحد أهم القطاعات في الإمارة، والضيافة الذي يعد المرتكز الثاني".

وعن أحد أسباب ما تعانيه الإمارات اقتصادياً، يقول: "لا تملك أبوظبي أدوات كما كانت تملك في الماضي، خاصة أن جهودها الكبيرة تصرفها في الخارج كما في اليمن وليبيا والصومال، وهذه لها انعكاسات سلبية على اقتصاد الإمارات، فقد كانت تمثل سيولة يمكن أن تخلق مشاريع في المرحلة الحالية".

وعن إمكانية تحسن الاقتصاد الإماراتي، يرى الخاطر أن "الجميع لديهم نظرة تشاؤمية، ويصعب التفاؤل، خصوصاً مع ما يتعرض له الاقتصاد العالمي وعدم الاستقرار الإقليمي".

دبي ستضرب الإمارات

في تقرير جديد نشر في 7 يوليو 2020، قالت مؤسسة "فيتش" العالمية للتصنيف الائتماني إن الأزمة المالية التي تعاني منها دبي "ربما ستضرب القطاع المصرفي في كامل البلاد، ولن تستثني مصارف أبوظبي، إذ رفعت مصارف البلاد مخصصاتها في الربع الأول من العام الجاري لتغطية الديون المعدومة بمعدلات مرعبة عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي".

وتقول: "تواجه الإمارات ثلاثة تحديات رئيسية خلال الأعوام المقبلة تختلف نوعياً وكمياً عن أزمة العقارات التي ضربت إمارة دبي في العامين 2008 و2009، إذ إن الأزمة المالية الماضية كانت قاصرة على القطاع العقاري في دبي، ولم تصل إلى قطاع العقارات في الإمارات الست الأخرى، كما أنها لم تشمل العديد من القطاعات الأخرى".

وتشير إلى أن الأزمة الحالية "ربما ستشمل جميع القطاعات التي بنت عليها دبي ومعظم الإمارات الأخرى مستقبلها الاقتصادي، وتأتي في وقت تتدهور فيه إيرادات إمارة أبوظبي من النفط وهي مرهقة مالياً من الصرف الكبير على الحروب في المنطقة".

في جانب آخر، رأت وكالة "موديز" للخدمات المالية، في تقرير نشر في 6 يوليو، أن مصارف الإمارات رفعت مخصصاتها للديون المعدومة بنسبة 222% في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بمعدلاتها في الفترة نفسها من العام الماضي.

وهذا معدل مرعب يعكس حجم الانهيار في الأعمال التجارية والقطاع العقاري والسياحي الذي يشكل معظم اقتصاد الإمارات غير النفطي في البلاد.

خسائر بالأرقام

وتراجعت الأصول الاحتياطية من النقد الأجنبي في الإمارات إلى 96 مليار دولار، بعد أن كانت قد بلغت 110 مليارات دولار في شهر مارس الماضي، ما يعني أن الإمارات فقدت نحو 14 مليار دولار بسبب تداعيات جائحة كورونا.

ويبرز تهاوي احتياطات الإمارات إلى مستوى غير مسبوق مؤشراً جديداً على أزمة اقتصاد الدولة مع استمرار نزيف الخسائر وسط الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومات وتوقف الأنشطة والأعمال، وزيادة الإنفاق العام لمواجهة تفشي الفيروس.

وذكرت شركة "أرابتك" القابضة المدرجة في سوق دبي المالي، في يونيو الماضي، أن الخسائر المتراكمة عليها بلغت 671.3 مليون درهم (نحو 183 مليون دولار)، وتشكل ما نسبته 44.7% من رأسمالها البالغ 1.5 مليار درهم.

وبحسب توقعات البنك الدولي من التوقع أن ينكمش اقتصاد الإمارات بنسبة 4.3%، فيما توقع مصرف الإمارات المركزي انكماش اقتصاد البلاد 3.6 بالمئة لهذا العام.

فيما توقعت شركة "إس تي آر غلوبال" المتخصصة في مجال الأبحاث الفندقية أنه من المحتمل أن يفقد نحو 30% من العاملين في القطاع الفندقي بدبي وظائفهم من جراء تداعيات الأزمة.

أما تقديرات "الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا)"، في مايو الماضي، فقال إن الإمارات سجّلت انخفاضاً في عدد المسافرين بما يعادل 31 مليون مسافر، في الوقت الذي سجلت فيه خسائر بالإيرادات تقدر بنحو 6.8 مليارات دولار.