الاحتلال بين تخبط استراتيجية العدوان واتساع جبهات المواجهة

الاحتلال بين تخبط استراتيجية العدوان واتساع جبهات المواجهة
الأحد ٢٦ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٣:٢٤ بتوقيت غرينتش

مثلث التوتر العالي الذي تتأثر فيه المنطقة هذه الايام بأضلاعه الحدودية الثلاثة السورية اللبنانية والفلسطينية، يتربص به الكيان الإسرائيلي، لكن هذه المرة يتنفس الكيان بشهيق لا زفير بعده، بعد استشهاد أحد رجال المقاومة في عدوان صهيوني على دمشق، وما تلاه من توتر على جانبي السياج الفاصل بين الجولان السوري المحتل والقنيطرة المحررة. 

العالم - قضية اليوم

إن بيان النعي الذي صدر عن المقاومة الإسلامية للشهيد البطل، جعل الكيان المصطنع، يمر في حالة شلل أصابت الثقة بقدراته العسكرية، ولم يبقى امام جيش العدو الذي يخشى أصلا النزول الى ارض المعركة براً، ويبتعد عن أي مواجهة او خوض نزال، الا العدوان على طريقة القراصنة، وجعله يتصرف بحماقة واضحة، بعد التصدي من قبل وحدات الدفاع الجوي السوري لجسم مشبوه انطلق من مجدل شمس المحتلة نحو بلدة حضر بريف القنيطرة الشمالي، وما ان انتشرت شظايا هذا الجسم الذي اسقط، حتى وصلت الى داخل الكيان، وبدأ صدى صوت المضادات الأرضية السورية يتردد في دهاليز الكيان السياسية والإعلامية والعسكرية، وبدأ العمل على الرد بحسب وجهة نظرهم، ليستهدف بعد ذلك بساعات احد مواقع الجيش السوري في ريف القنيطرة الشمالي.

بين الغيوم الميدانية والسياسية تتخبط استراتيجية الكيان العدوانية، وهي مغمورة بقلق بالغ، وعند استقراء الحراك داخل الكيان اثناء العدوان، والهزات الارتدادية الناجمة عنه، نرى ان طلب نتنياهو من وزراء حكومته عدم الادلاء بأي تصريحات تخص العدوان، ونلاحظ ان هذا التكتم، ترافق مع حراك رسائل قصيرة، من قادة الكيان نحو لبنان، والذي استخدم قادة العدو لإيصالها احد سفراء دول الخليج الفارسي، تدل ان التوتر الحاصل على المثلث الحدودي السوري اللبناني الفلسطيني، كان نتيجة عجز كيان الاحتلال عن لملمة تبعات العدوان قبل أسبوع على دمشق، ما استدعى استنفار قواته في الشمال الفلسطيني، ووصل الى حد اغلاق المجال الجوي، لنصل الى اطلاق مناطيد مراقبة وتجسس اسقط احدها الجيش السوري، ومن بعده العدوان على احد نقاط الجيش، ما يعني بشكل واضح، ان كيان الاحتلال في حالة تخبط كبيرة، ولم يعد يثق بقدراته الأمنية والعسكرية، في معرفة ان سيكون هناك رد، او ما طبيعة هذا الرد، وحتى الجبهة التي سينطلق منها، بالإضافة الى عدم قدرته هذه المرة على اقناع مستوطنيه في شمال فلسطين والجولان، بضرورة الالتزام بالإجراءات والحذر والتزام الملاجئ، الامر الذي افقده المصداقية لدى جمهوره من المستوطنين، وهذا يترك اثرا سياسيا مختلفا في الأيام القادمة.

اما اللافت في ما جرى في الأيام الأخيرة، هو اعتماد الكيان الإسرائيلي على احد الدول الخليجية لإيصال رسائله، فهذا يعني انه فقد القدرة على اقناع أصدقائه من الاتحاد الأوربي بحمل تلك الرسائل، وهذا أيضا نقطة تدل على اتساع رقعة من بات يرفض عربدة الكيان وعدوانيته في المنطقة، كما يجب الانتباه الى القدرة العالية على إدارة الحرب النفسية من قبل محور المقاومة في مواجهة قلق الكيان، هذا الامر نراه واضحا من خلال تتبع اعلام العدو الذي حاول اشاحة النظر عن الخيبة التي يعيشها جيش العدو، نحو محاولة لرفع معنويات جمهوره، من خلال تركيزه على خبر زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، مارك ميلي، الذي زار قاعدة "نفاتيم" الجوية في الأراضي المحتلة، وهي الزيارة الثانية منذ توليه مهام منصبه، وأجرى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لقاء مع الجنرال ميلي بمشاركة رئيس الأركان الصهيوني، عن بعد، وتداول معه كما اسموها، التحديات الأمنية في المنطقة، وخلال المحادثة، استمع الجنرال الأميركي إلى عرضٍ استخباري أدلى به رئيس هيئة الاستخبارات الميجر جنرال تمير هايمن، ومراجعة استراتيجية ألقاها رئيس هيئة الاستراتيجيات والدائرة الثالثة الميجر جنرال طال كلمان، وكجزء من المحادثة، تم استعراض التهديدات والردود التي يتعامل معها جيش العدو الإسرائيلي في المناطق المختلفة.

وتعتبر هذه الزيارة مثالًا إضافيًا للتعاون الاستراتيجي العميق بين الجيشين، وجزء من الحرب النفسية، التي تحاول دوائر الاستخبارات الصهيونية، ترويجها رداً على الفشل الكبير لقادة الكيان، وجاء بعد هذا الخبر أيضا الترويج لوصول حاملة الطائرات النووية الامريكية، مع سفن حربية الى البحر المتوسط، والتي وصلت بالحقيقة لأجراء تدريبات عسكرية مع القوات اليونانية، في استعراض واضح للعضلات، بطريقة سينمائية، ضمن عملية خداع مبرمجة للرأي العام في الكيان.

إن العدو الإسرائيلي يدرك تماما ان ما يحدث هو مغامرة كبرى، ستواجه بحزم شديد من قبل محور المقاومة، ولن تتوقف هذه المرة على جبهة واحدة، فالصبر قد نفذ، وان تحولا كبيرا في المواجهة، سترسم منحى إضافي ليشكل قواعد اشتباك تعيد تنظيم احداثيات المنطقة، مع اتساع جبهات المواجهة.

حسام زيدان - العالم