النفط السوري من السارق الى السارق باتفاقيات سياسية

النفط السوري من السارق الى السارق باتفاقيات سياسية
الأحد ٠٢ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٢:٤٢ بتوقيت غرينتش

بالرغم من هزيمة المشروع الإرهابي في سورية، والذي كان اداة لتعميق الحرب المفروضة على البلاد، الا ان واشنطن مازالت تعتقد انها قادرة على التحكم برافعة العدوان، وتحريكها في اتجاهات عديدة، اخر هذه الاتجاهات، التحرك نحو العقوبات الاقتصادية، وفرض قانون قيصر، الذي عزز من استمرار واشنطن في سرقة مقدرات الشعب السوري، وزيادة الضغوط المعيشية عليه، فسرقة النفط السوري بكافة الاشكال التي تمارسها الإدارة الامريكية، دليل ادانة جديدة ضدها.

العالم - قضية اليوم

في هذا السياق افاد السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري "ليندسي غراهام"، أن المسؤول العام لـ "قسد"، وقع اتفاقا مع شركة نفط أميركية لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا. وكشف "غراهام" خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بحضور وزير الخارجية مايك بومبيو، أن مسؤول "قسد"، "مظلوم عبدي"، أبلغه أنه وقع اتفاقا مع شركة نفط أميركية لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا. وأعرب الوزير "بومبيو" عن دعم الإدارة لهذا التوجه، وقال "إن الاتفاق أخذ وقتا أكثر مما كان متوقعا"، مضيفا "نحن في إطار تطبيقه الآن".
المعلومات الواردة من الجزيرة السورية تؤكد انه من المزمع قيام شركة “Delta Crescent Energy LLC” "الأمريكية بتشغيل آبار جديدة لحقول النفط السوري برعاية السيناتور الأمريكي غراهام بعد توقيع الاتفاقية مع قوات قسد، حيث تسيطر القوات الأمريكية على أهم حقول النفط والغاز في شرقي سوريا، وأبرزها حقل “العمر” النفطي، الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجًا. وعلى حقل “التنك”، وهو من أكبر الحقول في سوريا بعد حقل “العمر”، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي. بالإضافة إلى حقل “كونيكو” للغاز، وهو أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، كما يُستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية ويقع بريف دير الزور الشمالي. وحقول " رميلان " بمحافظة الحسكة. وحقول " الجبسة " للغاز بالحسكة.
إن التقيميات الموضوعية لتوقيع هكذا اتفاقية، لا ينفصل على الواقع السياسي والعسكري والاستراتيجي في المنطقة، وكلها تدور في فلك الخطة "ب " التي أطلقتها الولايات المتحدة الامريكية بعد ان اسقطت سوريا مخطط العدوان، واستطاعت ان تمزق رزمة العدوان " أ " والتي كانت تعتمد على المجموعات الارهابية المسلحة، والمؤشرات تكشف ان تكثيف العدوان الامريكي على الحدود السورية العراقية وفي بادية السخنة من خلال خلايا داعش، لا تكاد تترك مجالا للشك ان القيادة المركزية للعدوان تنتقل للمرحلة "ب" والتي تراهن على الدواعش بقطع التواصل الجغرافي بين سوريا والعراق، لحرمان سوريا من منفذ بري يصلها بالعاصمة الايرانية، ويضيق عليها اقتصاديا اكثر، وذلك لكسب الوقت وانهاء مشروعهم بالسيطرة الكلية والنهائية على حقول النفط والغاز في الجزيرة السورية، ما يعني ان الاشغال مازال مستمرا، وفي نفس الوقت يأتي توقيع هذه الاتفاقية والاعلان عنها، لإيصال رسائل سياسية ، منها ان الادارة الامريكية وخلافا لكل التصريحات السابقة، تحاول ايهام المجتمع الدولي والاقليمي، انها تعترف ما يسمى بالادارة الذاتية وقسد، وان توقيع الاتفاقية معها يجعلها مخولة بالتحكم والتصرف بكل مقدرات وثروات مناطق الجزيرة السورية، وهذا يعني الاستمرار بمشروع الانفصال والحكم الذاتي، وتفتيت سوريا الى مناطق واقاليم، ما يعزز ان الولايات المتحدة الامريكية، قوة متوحشة تهدد النظام المركزي العالمي، من خلال الغطرسة، وانها لا تلقي بالا للقوانين الدولية، بل تزدري المبادئ والمواثيق لفرض هيمنتها على المنطقة بكل ما فيها من ثروات.
والغريب في الامر ان واشنطن التي تملك اغبى وزير خارجية في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، تتجاوز بيدها الاثمة الشرعية الدولية، وتتعدى وتنهب وتصادر ثروات الشعوب، عبر نهج البلطجة، والعقوبات الاقتصادية وما ينتج عنها من تهديد للتنمية الاجتماعية والإنسانية، وهذا ليس غريب على الولايات المتحدة، التي بدأت منذ فرض الحرب على سوريا، بسرقة كافة مقدرات الشعب السوري، الزراعية والنفطية، وانطلقت بإخراج نفسها من الاشتباك العسكري بشكل مباشر الى التفرغ، لسرقة النفط، والحفاظ على ثقلها السياسي في مناطق الجزيرة السورية، وجغرافيا انتشار قسد، مع إبقاء الضغط الاقتصادي على سوريا، وحرمانها من الموارد والذهب الأسود، حيث تؤكد المعلومات الخاصة ان توقيع الاتفاق الأخير، لم يكن الا خطوة نهائية بعد انهاء خطة أمريكية لاستثمار حقول النفط والغاز، عبرعمليات مد انابيب لنقل النفط خارج البلاد، من مناطق دير الزور، مع الاعتماد أيضا على توفير اسطول من الصهاريج أيضا لتهريبها، ضمن مخطط لرفع كمية الضخ والاستخراج يوميا، وتشير المعلومات ان الصهاريج تابعة لشركة عراقية خاصة اسمها " شركة الناجي" وهي شركة توفر الصهاريج لنقل النفط الخام من حقول دير الزور الى الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، ومنها تنطلق الصهاريج بمرافقة عسكرية الى منطقة الرميلان القريبة من معبر المحمودية الحدودي مع شمال العراق، وتبين المصادر ان اكثر من 150 صهريجا يعبر الحدود يومياً في وضح النهار.
إن المؤسسات الدولية التي لا تحرك ساكنا بوجه الانتهاكات الامريكية وسرقة النفط السوري واحتلا، تحولت الى مؤسسات بلا مصداقية، بل في بعض الأحيان شريكة مع واشنطن في ظلم الشعوب، وان استعادة الحقوق المسلوبة من قبل الولايات المتحدة الامريكية، لا ينتظر الإرادة الدولية التي تحتاج الى استعادة دورها، والرهان الان على اخراج الأمريكي من المنطقة، بكافة السبل المتاحة، واحقاق القانون الذي لا يستثني احد، والجميع يعلم ان واشنطن لن تفلت من العقاب على ما ارتكبته بحق العالم اجمع وشعوبه، وشعوب منطقتنا بالذات، واخر هذه الجرائم الإرهاب المنظم بشقيه التكفيري والاقتصادي، والتي مازالت تستثمر فيه

حسام زيدان