خاص للعالم: الإقتصاد العراقي أسير بيد أمريكا

الثلاثاء ١٥ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٢:٢٧ بتوقيت غرينتش

كشف النائب في البرلمان العراقي محمد صاحب الدراجي أن هناك من يدفع بإتجاه إنهيار الإقتصادي العراقي بصورة سريعة، موضحا ان الاقتصاد العراقي اسير في يد امريكا.

العالم - ضيف وحوار

استضافت هذه الحلقة من برنامج ضيف النائب في البرلمان العراقي محمد صاحب الدراجي حيث تناولت آخر التطورات في الساحة العراقية وتحديات التي يواجهها العراق داخلياً وخارجياً.

وإليكم النص الكامل للمقابلة التي أجرتها قناة العالم الإخبارية مع النائب محمد صاحب الدراجي:

العالم: العراق يعيش تحت وطأة الضغوط الإقتصادية الخانقة بسبب إنهيار أسعار النفط، جائحة كورونا وعدم الإستقرار الداخلي، ما هي المخاطر المترتبة على هذا الوضع الإقتصادي وكيف تتعامل الحكومة العراقية الجديدة مع هذه الأزمة؟

الدراجي: حقيقة الأمر أن هناك من يدفع بإتجاه إنهيار الإقتصادي العراقي بصورة سريعة، أسعار النفط وعدم إلتزام البعض بتخفيض إنتاج النفط والفرض على العراق انخفاض ربع إنتاجه في ظل هذه الظروف مع العلم أنه ضمن منظمة أوبك، خلال سنوات طويلة لم يصل الى مرحلة الإنتاج التي تتناسب مع مخزون النفطي.

العالم: كم يصدر العراق حاليا؟

الدراجي: الآن التصدير المتفق عليه هو 3 ملايين و400 الف برميل لكن فرض 25% لتخفيض بحدود مليون برميل تم تخفيضه من قبل العراق حيث وصل التصدير الى مليونين ونصف برميل.

العالم: من أين تأتي هذا الضغوط؟

الدراجي: انا كتبت كتاب عن الدولة الخفية التي تشتغل داخل العراق و لديها ارتباطات خارجية لكي ينهار النظام الإقتصادي كخطوة أولى لإنهيار النظام السياسي الجديد، هذا الذي يحدث الآن هو عدم تنويع مصادر الدخل.

الذي يحصل هو الدفع بإتجاه الإقتراض الداخلي بمعنى ان يستخدم العراق من احتياطات البنك المركزي وفي حال استمرار هذا الوضع بعد سنة يصفر الإقتصاد، موازنتنا هي 148 تريليون سنويا، 120 تريليون منها تقريبا رواتب موزانة التجريدية يعني 100 مليار دولار، في خزينة البنك المركزي نحن لدينا 60 مليار، هذا ضدنا فكرة الإقتصاد الحقيقي لأي بلد لذلك نشخص أنه إنهيار النظام السياسي سيكون عن طريق الإقتصاد وليس عن طريق عدم الإستقرار السياسي.

العالم: وهذه محاولة جديدة لضرب العملية السياسية؟

الدراجي: أعتقد أمريكا تراجعت فكريا عما كانت عليه في عام 2003 يعني عادت الى حساباتها في منظومة الحكم بالعراق، هناك دول في المنطقة لا تفيدهم الديموقراطية والتي لا توجد فيها الأنظمة الديموقراطية ولا توجد الإنتخابات ولا تداول السلطة، هناك وزير بقي 20 سنة على نفس الوزارة، هذه الدول لا يريدون العراق ان يستقر سياسيا وإقتصاديا لأنه اذا استقر سياسيا وإقتصاديا معناه نجاح التجربة الديموقراطية، بعض الشعوب العربية تتحدث عن العراق كمثال للعمل السياسي الديموقراطي وإدارة الحكم عن طريق الديموقراطي لذلك افشال تجربة الحكم الديموقراطي وتداول السلمي للسلطة هدف لبعض الدول.

العالم: اذا لجأت الحكومة العراقية الى الإستقراض الخارجي من عدة دول بعد البنك المركزي، من بين هذه الدول المملكة العربية السعودية، هل بالفعل قدمت هذه العروض الخارجية؟

الدراجي: لا .. لم تنجح الحكومة العراقية في استدراج قروض خارجية وهذا كلام ليس كلامي، الأمس قال وزير المالية في البرلمان أننا لم نستطع الحصول على قروض من الدول.

العالم: من السعودية؟

الدراجي: من أي دولة وليس فقط السعودية.

العالم: إذاً أين ذهبت هذه الوعود؟

الدراجي: هناك مثل عراقي يقول الكلام ليس بالمال، على أرض الواقع لم تستطع الحكومة العراقية بإستدراج قروض من الخارج أبداً خلال هذه الفترة وإنما الآن هناك قروض قديمة والتي لم تحصل كلها بعد، سقف الذي اعطيناه للحكومة في قانون الإقتراض المحلي والخارجي في سنة 2020 هو 5 مليار دولار لم يتم الإستفادة منه.

العالم: خلال الزيارة الأخيرة للسيد علاوي الى السعودية اعلنت كلتا الطرفين عن قروض جديدة وتم تحديد مبلغ سوف يقدم للرواتب

الدراجي: لا يوجد أي شيء.

العالم: ولن يحصل!؟

الدراجي: لا اعتقد أنه سيحصل.

العالم: ما هي الأسباب؟

الدراجي: انت لا تستطيع ان تاخذ قرضاً من شخص ما بالقوة، لازم يكون هذا القرض برضاه، انا لم اسمع انهم سيمنحون القرض بل قالوا سنستثمر في العراق بعدين يقولون بأن البيئة في العراق غير قابلة للإستثمار.

العالم: يعني لهذا السبب اجلت زيارة السيد الكاظمي الى الرياض؟

الدراجي: هذا الموضوع سيبقى سراً في الأسرار، لماذا اجلت في آخر ليلة؟ لا اعرف، من المؤكد بأن هناك أسباب غير صحة الملك.

العالم: يعني موضوع صحة الملك غير مقنع؟

الدراجي: لا ليس مقنع صراحة، اليس الملك الآن في صحة جيدة؟ اعتقد كانت يمكن زيارة السعودية بطريقة آخرى.

العالم: يقال بأن الإيرادات من صادرات النفط العراقية تذهب الى البنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك

الدراجي: ساشرح لكم هذا الموضوع، بسبب تعويضات إحتلال الكويت، بقرار من مجلس الأمن الدولي تذهب كل مبيعات النفط العراقي الى ما يطلق عليه إسم(BFI) اي نفس الإسم الذي ذكرتم، هناك حساب مسيطر عليه أمريكيا، يأخذون حصة الكويت ثم ينقلون باقي الأموال الى حساب الحكومة العراقية في البنك الفيدرالي في نيويورك ثم خلال يوم او يومين تنتقل من حساب الحكومة العراقية الى حساب البنك المركزي في نفس البنك الفيدرالي، هذا الأمر لن نخلص منه الا اذا وفيت كل تعويضات الحرب على الكويت.

العالم: يعني كل مبيعات النفط تذهب الى نيويورك؟

الدراجي: كلها.. يأخذون 5% حصة الكويت والباقي تبقى في نيويورك، لذلك المضحك المبكي أن بفترة من الفترات كان هناك فائض مالي جيد وصار قرار في مجلس الوزراء بأن هذا الأمر خطأ ويجب ان ندفع تعويضات الكويت التي كانت 8 مليارات فقط ويجب ان نفتح حساب بأي مكان آخر لنخلص من هذا القيد، تم رفض دفع المبلغ من مجلس الامن والكويتيين قالوا اذا مجلس الأمن وافق ليست لدينا مشكلة لكن المجلس لم يوافق وقال يجب ان يتم دفع التعويضات بشكل أقساط، واضح بأن هذا القرار هو لتبقى أموال العراق تحت سيطرة أمريكا.

العالم: ما هي القيود المترتبة على هذا الإجراء والأرصدة الموجودة في أمريكا؟

الدراجي: هي غير موضوع دفع حصة الكويت، في عام 2019 تعرض العراق لضغوط أمريكية واضحة تصل الى حد الحصار الإقتصادي الذي يبدأ بتجميد الأموال في البنك الفيدرالي( 99% من أموال العراق موجودة في أمريكا) حيث بإمكان أمريكا ان تمنع العراق من الحصول على أمواله بكبسة زر.

العالم: لماذا سكتت الحكومة العراقية حتى هذه اللحظة على هذا الموضوع؟ من المؤكد بأن هذا الأمر يعتبر انتقاص للسيادة!

الدراجي: كما قلت هذا الأمر ليس قراراً أمريكياً وعراقياً بل جاء من المجلس الأمن وهو قرار ظالم، عندما بدأت العمل في عام 2010 تمت مناقشة موضوع دفع التعويضات الى الكويت دفعة واحدة لكن مجلس الامن رفض ذلك ، نحن نقول دولة قوية في العراق افضل للعراق والمنطقة ودولة ضعيفة غير قادرة على إدارة أمورها لن تكون فعالة في محيطها الإقليمي.

العالم: عندما اقر البرلمان العراقي قرار إنهاء الوجود الأجنبي في العراق، الولايات المتحدة حذرت من فقدان الحصول على حساب العراق في نيويورك، هل بالفعل هذه المخاطر جادة وواقعية؟

الدراجي: هذه المخاطر موجودة في أي ظرف، ربما يأتي الرئيس الأمريكي في المستقبل ولا يعجبه ظاهر رئيس الوزراء العراقي ويتخذ قرار بتجميد هذه الاموال ماذا يمكن ان نفعل؟ كما قلت لكم أمريكا تراجع حساباتها في المنطقة وفي العراق خصوصاً وفي حال إنسحابها(وانا اتوقع انها لن تنسحب) على الحكومات العراقية القادمة ان تكون حذرة ومتنبهة من ردود أفعال الأمريكية والغربية تجاه العراق.

العالم: يعني ربطوا حاليا إنسحابهم من العراق بموضوع الأرصدة العراقية

الدراجي: لا يوجد ربط رسمي لكن يوجد طلب شرعي من قبل العراق فلا يستطيعون ان يقولوا لا نريد ان نخرج من العراق لكن قد يلجأون الى مواضيع مثل حقوق الإنسان الإنتخابات غير نزيهة و غيرهم، هذا الأمر ليس صعب عليهم.

العالم: برايك هل ستنسحب القوات الأمريكية من العراق؟

الدراجي: نعم لأنني لا اعتقد بأنها ستبقى.

العالم: هل هذا التعامل الحذر من قبل الحكومات العراقية لا سيما حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي حول موضوع الإنسحاب القوات الأمريكية من العراق هو بسبب هذه المخاوف من فرض واشنطن عقوبات مالية وغيرها؟

الدراجي: لم نتكلم معهم( الحكومة) حول روؤيتهم لهذا الموضوع لكن حتى الأمريكان اصبحت لديهم نية بالإنسحاب والرئيس الأمريكي سيصدر خلال اليوم او غداً بيان عن إنحساب مزيد من القوات من العراق، اعتقد لا يوجد رغبة للوجود العسكري الامريكي في العراق.

العالم: لكن البعض يقول بأن من الصعب ان تتخلى أمريكا من بعض قواعدها في العراق بينهم عين الأسد والحرير

الدراجي: اسمحولي ان اتكلم معكم بكل صراحة، هناك أطراف سياسية في العراق تريد بقاء هذه القواعد، العراق للأسف مقسم جيوسياسياً يعني مكون من مكونات العراق يعيش في الشمال، مكون آخر يعيش في غرب العراق، مكون آخر يعيش في الجنوب وشرق العراق، الذين صوتوا على قرار سحب القوات الأمريكية هم الشيعة إضافة الى 3 أشخاص آخرون من مكونات آخرى.

العالم: العراق مقبل على إنتخابات برلمانية مبكرة مهمة للغاية ومفصلية في العملية السياسية العراقية، كيف تنظرون الى هذه الإنتخابات المقبلة وكيف سيحل البرلمان؟ ما هي الآلية لحل البرلمان؟

الدراجي: يطلب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من البرلمان ان يحل نفسه ثم يصوت البرلمان على حل نفسه وخلال 60 من حل البرلمان تجري إنتخابات.

العالم: فهل سيحل البرلمان نفسه برايكم؟

الدراجي: نعم، هناك إتفاق نيابي على الإنتخابات المبكرة، موقف المرجعية، المظاهرات والجو العام يطلب إنتخابات مبكرة لكن هل ستكون مسيطرة عليها؟ هذا هو العالم.

العالم: من أي ناحية؟

الدراجي: من الناحية الأمنية والتزوير ونزاهتهم لأن هناك مخاوف لتزوير الإنتخابات وتغيير قانون الإنتخابات قد يؤدي الى تغيير شكل الوجود الديموغرافي داخل البرلمان.

العالم: حصص المكونات سوف تتغير؟

الدراجي: نعم ستتغير .. من سانت ليغو الى التصويت الفردي ومن دائرة الوحدة الى دوائر متعددة.

العالم: لصالح من سوف يعمل هذا القانون؟

الدراجي: انا لا احب ان اتكلم بإسم المكونات لأننا كلنا عراقيين لكن التحالفات الشيعية ستخسر عدد من المقاعد لصالح الأطراف الأخرى.

العالم: كم يقدر هذا العدد؟

الدراجي: حسب حجم الدوائر، اذا الدوائر اصبحت صغيرة يمكن ان يصل الى 20 مقعد، اما اذا كبرت الدوائر قد يقل هذا العدد وهذا الامر مسألة فنية.

العالم: واصبح محسوم هذا الموضوع ام هناك مراجعات؟

الدراجي: هذا القانون تم التصويت عليه ومن الصعب فتحه من جديد ولازم تكون دوائر متعددة، حجم هذه الدوائر يجب الإتفاق عليه.

العالم: البعض يتحدث عن سياسة أمريكية للتفرد بإقتصاد العراق وإستثمارات العراق مثل موضوع الكهرباء في العراق الولايات المتحدة الأمريكية لم ترتأي أن تشارك الشركات الأجنبية من بينها زيمنس لحل هذه الأزمة، الى أي مدى هذه المقولة صحيحة؟

الدراجي: هذا الموضوع صحيح في الماضي لكن الآن الأمريكان غضوا النظر لأنهم ادركوا لن يحصلوا على شيء بالعراق، في الماضي كانوا يريدون ان يتسحوذوا على كل شيء من وقت مجيئهم الى العراق بـ200 الف جندي واحتلوا العراق واسقطوا نظام صدام ارادوا السيطرة على كل شيء في العراق بإعتباره منطلق لإقتصاد جديد في الشرق الأوسط لكن لم تنجح العملية معهم لذلك غضوا النظر وغيروا تصوراتهم ولا اعتقد لديهم هذه الرغبة ونزل العراق من سلم اولوياتهم من البداية الى رقم بعيد.

العالم: لكن تبقى أمريكا هي المسؤول عن إفشال الإقتصاد في العراق!

الدراجي: يقال (ان لم استفد عليي وعلى أعدائي)، هذا هو المنطق، منطق الكابول، يقال أن هناك صراع إيراني – أمريكي، صراع خليجي – إيراني و صراع تركي قطري سعودي مصري في العراق، اذا كانت في العراق رجال دولة قوية لن تتأثر، الحكومة العراقية وقادة العملية السياسية في العراق هم من يسمحون للأخرون بالتدخل.

العالم: بشكل عام كيف تنظرون الى مستقبل العملية السياسية في ظل كل هذه التحديات الداخلية والخارجية؟

الدراجي: بصراحة شديدة هذا النظام السياسي اذا لم يغير نفسه بطريقة ناعمة سيتعرض للتغيير بطريقة خشنة، ممكن بالتدخل الخارجي او بالإنتفاضة الشعبية او إنقلاب عسكري، النظام السياسي في العراق فشل في إدارة دولة تقدم الخدمة لمواطنيها فإما يتغير هذا النظام او يتغير نهجه ليصبح قادر على إدراة الدولة لذلك هناك خطر كبير على النظام السياسي من نفسه ومن قياداته.