نصرالله ينصح ماكرون بأخذ العبر من الفترة الماضية

نصرالله ينصح ماكرون بأخذ العبر من الفترة الماضية
الأربعاء ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٧:٥٠ بتوقيت غرينتش

لم يكُن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، مخصصاً حصراً للرد على كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فهو أيضاً تعبير عن الأزمة التي وصلت إليها المبادرة الفرنسية لحل الأزمة في لبنان. ولا فرق هنا ما إذا كانت الأزمة ناتجة عن سوء إدارة باريس وحسب، أو عن عقبات أميركية وسعودية، أو الاثنين معاً. القصة التفصيلية للمبادرة، كما شرحها السيد نصرالله، تثبت أنها أديرت بشكل خاطئ وأن إعادة إحيائها تحتاج إلى آليات جديدة.

العالم-لبنان

حفِلت كلمة السيد نصرالله بالمواقف والإضاءات على العديد من التطورات. تناول مجريات الأسابيع الأخيرة، تحديداً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة والمبادرة الفرنسية وكلام الرئيس الفرنسي. اللهجة الهادِئة التي سادت الكلمة، لم تحجب قساوة المضمون، لجهة رفض حزب الله كلام ماكرون، بأسلوبه ومضمونه، كما رفض تنصيب الرئيس الفرنسي نفسه وصياً على لبنان ومدعياً عاماً وقاضياً يصدر الاحكام على مختلف القوى السياسية والمسؤولين الدستوريين. وجه نصرالله تنبيهات الى ماكرون للإلتزام بأصول التخاطب، تاركاً في الوقت عينه الباب مفتوحاً لاعادة إطلاق المبادرة الفرنسية. وللمفارقة، فإن الامين العام لحزب الله هو الوحيد من بين السياسيين اللبنانيين الذي ردّ على «تطاول» ماكرون، مُدافعاً عن الجميع بعد أن «مسّ بالكرامة الوطنية»، واستبقته حركة أمل ببيان في هذا الخصوص.

فور انتهاء كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ليل أمس، نظّمت العلاقات الاعلامية في الحزب جولة للصحافة المحلية والعالمية على منشأة صناعية في منطقة الجناح زعم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، في خطابه الموجه إلى الجمعية العامة للامم المتحدة، أنها تضم مخزناً لصواريخ المقاومة. وبعد كلمة نتنياهو، وقبل خطاب السيد نصرالله الذي اعلن فيه عن الجولة، نشر الناطق باسم جيش الاحتلال شريط فيديو يزعم وجود منشآت لتصنيع مواد للصواريخ الدقيقة، في الموقع الذي ذكره رئيس وزراء العدو، وفي موقعين آخرين. مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف أكّد في تصريح للصحافيين أن الجولة هي «للرد على نتنياهو وكشف كذبه» مشيراً الى «أننا لسنا كشافين لدى العدو ولا نقدم له معلومات، ولسنا ملزمين بإجراء جولات مشابهة في كل مرة يزعم فيها العدو الادعاءات نفسها».

السيد نصرالله نصح الرئيس الفرنسي بأخذ العبر من الفترة الماضية ومقاربة الأمور بشكل مختلف لعدم الوصول الى النتيجة ذاتها. واستعرض المبادرة الفرنسية منذ بدايتها عندما «حصلت لقاءات بقصر الصنوبر وطُرحت مبادرة، والجميع أكد أننا ندعم المبادرة الفرنسية والخطوة الأولى كانت عملية تشكيل الحكومة، ولم يكن لدينا مشكلة أن يتولى الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة أو يُسمي الشخصية التي يريد. قبلنا بتسمية نادي رؤساء الحكومات السابقين الأربعة لمصطفى أديب من أجل التسهيل ولم نضع أي شروط».

ولفت إلى أنه «بعد تكليف أديب طلب منه البعض الإنتظار لأن هناك من يفاوض ولم يحصل أي نقاش مع الكتل السياسية»، موضحاً أن «أديب لم يتحدث أو يتشاور مع أي من الكتل النيابية كما لم يفعل ذلك مع رئيس الجمهورية رغم انه شريك في عملية تأليف الحكومة».

وأكد أن «من كان يفاوضنا حول الحكومة لم يكن الرئيس أديب بل الرئيس سعد الحريري»، و«ما عرض علينا كان بمثابة أخذ العلم بعدد وزراء الحكومة والمداورة بالحقائب وتوزيعها وأسماء الوزراء»، لافتاً إلى أن «على الفرنسيين أن يعرفوا أين أخطأوا خصوصاً في ما يتعلّق بشطب أهمّ ما تبقى من صلاحيات لرئيس الجمهورية».

وأكد «رفضنا ما طرح علينا لأنه خطر على البلد وغير قابل للنقاش»، علماً أنه «منذ 2005 حتى اليوم العرف القائم هو الإتفاق بين رئيس الحكومة والكتل على الحقائب ولم يكُن يناقش الأسماء»، بينما «ما تم طرحه علينا في موضوع الحكومة يخالف الأعراف القائمة منذ سنوات»، مشيراً إلى أن «الهدف كان فرض أعراف جديدة تخالف الدستور لصالح أطراف لا تمثل أكثرية في المجلس النيابية، وحين سألنا عما إذا كانت المبادرة الفرنسية تتضمن ما طرحه نادي الرؤساء السابقين قيل لنا إنها ليست كذلك». ولفت إلى أن «المبادرة الفرنسية لا تتضمن عدد الوزراء ومبدأ المداورة والجهة التي توزع الحقائب وتسمي الوزراء»، مؤكداً «التمسك بتسمية الوزير الشيعي لما له علاقة بالقرار». وقال إنه «في مرحلة ما كانت هناك محاولة لطرح حكومة أمر واقع، لكن اديب أكد لنا أنه لا يريد المواجهة مع أحد»، معتبراً أن «ما عرض علينا خلال الشهر الماضي هو تسليم البلد إلى نادي الرؤساء السابقين، ومقاربة الملف الحكومي غير مقبولة في لبنان وهي مضيعة وقت أياً كان راعيها أو داعمها».

واعتبر السيد نصرالله أن ما عرض «لم يكن حكومة إنقاذ بل حكومة يسميها نادي رؤساء الحكومات السابقين ويكون قرارها عند فريق واحد». وأضاف: «لطالما قلنا إن سبب وجودنا في الحكومات هو لحماية ظهر المقاومة، ويجب أن نكون في الحكومة لحماية ظهر المقاومة كي لا تتكرر حكومة 5 أيار 2008 في لبنان، كما أننا لا نستطيع أن نغيب عن الحكومة بسبب الخوف على ما تبقى من لبنان اقتصاديا وماليا وعلى كل الأصعدة». وشدّد السيد نصر الله على أنه «لا يمكن أن نقبل بتشكيل حكومة لا نعرف إذا كانت ستوقع على كل شروط صندوق النقد الدولي أو ستبيع أملاك الدولة تحت حجة سد الدين والعجز، ولم نعد قادرين على السماح لأي كان بأن يشكل الحكومة نظرا لدقة وحساسية الوضع الاقتصادي في لبنان».
وتوجه إلى الرئيس الفرنسي بالقول: «هل كانت المبادرة الفرنسية تتضمن أن يقوم رؤساء الحكومات السابقون بتشكيل الحكومة وتسمية الوزراء؟ نحن منعنا أن يذهب البلد إلى الأسوأ ونتمنى أن يتعاون اللبنانيون لكي لا يذهب البلد إلى الأسوأ». وقال له: «إبحث عن الطرف الذي كان يريد أن يسيطر على البلد ويلغي القوى السياسية بغطاء منكم».

ورداً على اتهامات ماكرون للحزب بعدم الالتزام بالوعد، قال السيد نصرالله: «نحن يا فخامة الرئيس الفرنسي معروفون عند الصديق والعدو بالتزامنا بوعودنا ونضحي لكي نفي بها، وما تطلبه يتنافى مع الديمقراطية لأنك تطلب بأن تنحني الأغلبية النيابية وتسلم رقابها لجزء من الأقلية». وأضاف: «نحن لم نذهب إلى سوريا لقتال المدنيين بل لمواجهة الجماعات التي تقولون عنها إنها إرهابية وتكفيرية وأنتم موجودون في سوريا بهذه الحجة لكن من دون موافقة الدولة السورية أما نحن فبلى».

وأكّد ان حزب الله هو صاحب القرار في الشأن اللبناني «وإيران لا تتدخل ولا تملي، وإذا أردت أن تبحث عمن أفشل مبادرتك خارج لبنان، ففتش عن الأميركيين وخطاب الملك سلمان الأخير».

*الأخبار