هل يتحول العفو العام الى خاص في لبنان

هل يتحول العفو العام الى خاص في لبنان
الخميس ٠١ أكتوبر ٢٠٢٠ - ١٠:٥٠ بتوقيت غرينتش

ارجاء البت بقانون العفو العام في مجلس النواب اللبناني دونه عقبات تتعلق بالشكل والمضمون وتباين في رؤية الاقطاب حول اخراجه الى العلن.

العالم لبنان

مرة جديدة طار اقتراح العفو فرحل إلى جلسة العشرين من تشرين الاول الجاري لمزيد من الدرس بعدما لم تتمكن اللجنة النيابية التي جرى تشكيلها على ايجاد مقاربة توفق بين رؤى القوى السياسية اللبنانية.
وتفول الكاتبة في الشأن القانوني هتاف دهام انه لا ريب أن ملف العفو العام دقيق وحساس وانساني في غياب المحاكمات العادلة، بيد أن الأكيد أيضاً أن تجربة قوانين العفو بالمطلق لم تثبت نجاحها. فالقانون رقم 84/91 تاريخ 26/8/1991، الذي الذي جاء بعد الحرب اللبنانية الأهلية الطويلة التي بدأت في 13/4/1975 وبقيت حتى خريف العام 1990، و منح العفو عن الجرائم المرتكبة على امتداد تلك الحرب حتى تاريخ 28/3/1991، لم يحقق الغاية المنشودة منه.
وتقول مصادر قانونية، أن المادة التاسعة منه تركت الباب مفتوحًا أمام المزيد من إمكانات العفو لمصلحة أفراد محددين عن جرائم ارتكبت في تلك الحقبة، مذكرة ايضاً بقانون 2005 الذي شمل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والمجموعتين الضالعتين في أحداث الضنية ومجدل عنجر. فالعفو العام يصدر بموجب قانون من شأنه إلغاء الصفة الجرمية عن الأفعال الموصوفة ويلغي الملاحقة القضائية سواء كانت بدأت أو لم تبدأ او اكتملت.
وعطفا على ذلك، فإن إقتراح قانون عفو جديد اليوم، يعني أن جميع من خالفوا واغتنوا على حساب أموال الدولة العامة معفيون من أي ملاحقة "سواء حركت فيها دعوى الحق العام أو لم تحرك.
وتتابع المصادر القانونية ان شوائب كثيرة تعتري اقتراح العفو المقدم من النائبين ياسين جابر وميشال موسى واعترضت عليه النائبة بهية الحريري مساء الثلاثاء عندما اعلنت ان صيغة الاقتراح لا تحقق مطلب الأهالي برفع المظلومية والإجحاف الذي لحق بعدد كبير من الموقوفين.
مرد الشوائب السابقة الذكر أن الاقتراح لا يهدف إلى تصحيح أو تحسين أوضاع اجتماعية أو اقتصادية؛ بيد انه يضرب عرض الحائط حقوق الضحية والمجتمع في الاقتصاص من مرتكبي الجرائم، ويضعف ثقة العامة بالسلطة العامة المنوط بها حماية المجتمع والفرد معا.
وليس بعيدا فإن الاقتراح السابق الذكر يزيد من منسوب التجرؤ على مخالفة القانون وارتكاب الجرائم. فالمجرمون أضحوا على يقين أنهم مهما ارتكبوا من أفعال شنيعة سيأتي قانون العفو ليعفيهم أو يخفض عقوباتهم، خاصة وان لبنان أقر 12 قانونا للعفو منذ الاستقلال إلى اليوم، بمعدل قانون كل نحو ست سنوات اذا جاز التعبير.
وعلى هذا الأساس اقترحت المصادر القانونية استبدال اقتراح قانون العفو المطروح راهنا بقانون إخلاء السبيل، معجل بمادة وحيدة لا سيما وأن السجون اللبنانية مقتظة بالموقوفين الذين لا يجيز نص قانون أصول المحاكمات الجزائية تخلية سبيلهم بالنظر إلى نوع الجرم المنسوب اليهم، والذين تأخرت مسألة إصدار أحكام بحقهم لأسباب لا تزال مبهمة ولا يأتي عليها أحد من الداعين إلى العفو، مع تصويب المصادر الامور للمشرعين بالقول، إن المشرع اللبناني، قد سبق وخفض السنة السجنية فجعلها تسعة أشهر، بصرف النظر عن كيفية سلوك السجين في السجن، وعما إذا كان مكررا أو معتادا الإجرام، وبصرف النظر عن ماهية جرائمه وخطورتها.
واذا كانت قوانين العفو توضع عادة بعد حالات الحرب او الاضطراب او أحداث كبرى وحصلت مصالحة وطنية وقرر المجتمع طي صفحة والعبور إلى مرحلة وطنية جديدة ، فلا يجوز بحسب الخبراء القانونيبن اللجوء اليه دورياً لان ذلك يعزز فكرة الإفلات من العقاب ويشجع المجرمين على اجرامهم، وبرهنت أحداث بعض المناطق في الاسابيع الماضية خطورة الاعفاء عن الإرهابيين.
وإذا كان الحل الأمثل يكمن في المحاكمات التي صدربعضها بحق عدد من الموقوفين، بيد أن البطء الحاصل منذ سنوات في وتيرة المحاكمات، دفع البعض إلى القول بأهمية العفو الخاص في الوقت الراهن. فالعفو الخاص يشترط لصدوره أن يكون الحكم بات مبرما وهو يلغي كاملا أو جزءاً من العقوبة ولكنه لا يلغي الصفة الجرمية عن الفعل ولا النتائج المدنية للحكم، وهو يتناول أشخاصا محكومين بالذات وبأسمائهم، وغالباً ما يصدر لاعتبارات انسانية او صحية او سلوكية. تختم المصادر.
مراسل العالم