رحل ترامب.. لاعزاء للدول التي تُفصّل سياستها على مقاسات رؤساء أمريكا

رحل ترامب.. لاعزاء للدول التي تُفصّل سياستها على مقاسات رؤساء أمريكا
السبت ٠٧ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٧:٢٨ بتوقيت غرينتش

حتى هزيمته لم تكن مشرفة، فقد هُزم بعد ان لطخ ما تبقى لمنصب الرئيس الامريكي من سمعة في الوحل. بعد ان تعامل برعونة مع نتائج الانتخابات الرئاسية. ذاك هو الرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي رحل بفضيحة، وسيكتشف الامريكيون ما الحقه بهم من كوارث ولكن بعد حين.

العالم – قضية اليوم

لسنا من مؤيدي نظرية المؤامرة، ولكننا نعتقد جازمين ان ترامب لا يختلف عن باقي الرؤساء الامريكيين بشيء، فالسياسة الامريكية تحكمها العديد من الثوابت لا يمكن ان يحيد عنها اي رئيس امريكي، منها امن الكيان الاسرائيلي، والدفاع عن المصالح غير المشروع لامريكا في العالم حتى بقوة السلاح. وما عدا هذين المبدأين الثابتين، يمكن للرئيس الامريكي ان يتحرك بهامش من الحرية، في الباقي القضايا الاخرى.

ما يميز ترامب عن باقي رؤساء امريكا هو رعونته ونزقه، فالرجل كان يريد تحقيق كل شيء في وقت قياسي وبسرعة كبيرة، دون ان يأخذ تداعيات هذه السياسة بنظر الاعتبار. فعلى سبيل المثال لا الحصر ان جميع رؤساء امريكا، كانوا يحاولون تركيع الجمهورية الاسلامية في ايران، وهي سياسة استمرت اربعة عقود دون ان تحقق هدافها. وعندما جاء ترامب اراد تحقيق ما عجز عنه اسلافه في اربعة عقود، خلال اربعة سنوات، فكان اكثر فشلا.

نفس الشي ينطبق على القضية الفلسطينية، فكل رؤساء امريكا عترفوا بالقدس عاصمة الكيان الاسرائيلي، ودعموا تهويد القدس وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، الا انهم تدرجوا بهذا السياسة عبر عقود طويلة. الا ترامب نقل السفارة الامريكية الى القدس واعترف رسميا بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي، واعترف بسيادة الكيان الاسرائيلي على الجولان ، وحاول فرض "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية والى الابد، عبر تجويع الفلسطينيين وقطع المساعدات عنهم ومحاصرتهم ، كما ضغط على الدول العربية للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي ، كل ذلك خلال اربعة اعوام فقط.

ليس هناك من شك ان ترامب كان رئيسا بلطجيا وسمسارا جشعا وشخصا أرعنا، الا ان كل تلك الصفات ما كانت لتُبرر لبعض الدول ، وخاصة في منطقتنا، وبالاخص السعودية والامارات والبحرين والسودان، ان تشخصن علاقاتها مع الولايات المتحدة، وتخيطها على مقاس ترامب وتضحي بمصالحها ومصالح المنطقة، تحت ذريعة حمايتها من عدو وهمي، بينما ترتمي في احضان العدو الحقيقي وهو الكيان الاسرائيلي.

على هذه الدول ان تتعظ من انبطاحها بتلك الطريقة المخزية امام ترامب، التي حلبها واساء الى سمعتها وسمعة مسؤوليها، وهي اساءة سيذكرها التاريخ والاجيال القادمة ولن تمحى من ذاكرة الشعوب. واذا ما واصلت هذه لدول تلك السياسة الانبطاحية المذلة، فعليها منذ الان ان تضع ترليون دولار اخر في حقائب لارضاء سيد البيت الابيض الجديد، الذي لا يقل جشعا عن سلفه ترامب. وعندها وبعد مرور اربع سنوات اخرى، سيكونون على مع موعد من سيد آخر للبيت الابيض، وعليهم ان يدفعوا له ايضا ترليون دولار، هذا لو بقيت في خزائنهم شيئا حتى ذلك الحين.

منيب السائح