جدار تركيا الإسمنتي مع سورية.. متحرك عند الطلب!

جدار تركيا الإسمنتي مع سورية.. متحرك عند الطلب!
الأربعاء ١١ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٢:٠٠ بتوقيت غرينتش

في عام 2015 بدات تركيا ببناء جدار اسمنتي عازل، على الحدود التركية السورية بلغ طوله  711 كيلومترا، انتهت منه عام 2018 ، ويشمل ولايات هطاي وكليس وغازي عنتاب وشانلي أورفة وماردين. ويعتبر ثالث اطول جدار في العالم بعد سور الصين العظيم (9000 كيلومتر) والجدار الفاصل بين المكسيك وأمريكا( 1070 كيلومترا) ، تحت ذريعة منع تسلل الارهابيين من الاراضي السورية الى تركيا.

العالم كشكول

اللافت ان في هذا الجدار الذي يرتفع لثلاثة أمتار، ويعلوه مترٌ من الأسلاك الشائكة، بُني باكمله داخل الارضي السورية، ودمر مساحات زراعية واسعة للمزارعين السوريين ، الذين ما عاد بامكانهم العمل في حقولهم، خوفا من التعرض لاطلاق نار من قبل الجيش التركي الذي يمنع المزارعين من الاقتراب من الجدار من مسافات بعيدة.

ومنذ بنائه عام 2015 قام الجيش التركي في اكثر من مرة باازالة بعض الكتل الاسمنتية من الجدار لإدخال معدات عسكرية الى داخل الاراضي السورية لدعم الجماعات الارهابية ، وكذلك لادخال معدات بناء للقيام بإنشاء نقاط مراقبة للجيش التركي او الجماعت الارهابية المرتبطة به داخل سوريا.

هذه المرة ايضا، وتحديدا يوم الاثنين الماضي، اقدم الجيش التركي على إزالة جزء من الجدار الإسمنتي الحدودي مع سورية المقابل لقرية جطل بريف الدرباسية شمال الحسكة، مع تحصين مواقعه قبالة القرى الحدودية غرب المدينة. حيث شملت عمليات التحصين بناء نقاط عسكرية جديدة على الحدود، ورفع سواتر ترابية، وإزالة 5 قطع من الجدار الإسمنتي..

وتشهد المنطقة الحدودية بين تركيا وسورية مقابل مدينة الدرباسية الواقعة تحت سيطرة ميليشيات قوات سورية الديمقراطية – قسد ، دوريات ليلية مكثفة من جيش الاحتلال التركي مع حفر خنادق قبالة صوامع الدرباسية. كما تواصل القوات التركية ومرتزقتها من التنظيمات الإرهابية اعتداءاتها على القرى السكنية والمنشآت الحيوية انطلاقاً من المناطق التي يحتلونها قرب الحدود الشمالية.

ممارسات الجيش التركي خلال الاعوام الماضية اثبتت ان الجدار الذي اقامته تركيا على الاراضي السورية لم يكن لمنع تسلل الارهابيين من سورية الى تركيا، فالارهابيون وبشهادة العالم جاؤوا الى سوريا انطلاقا من تركيا. ولم تشهد تركيا منذ فرض الحرب على الشعب السوري اي عملية ارهابية تنفذها الجماعات التي تدعي تركيا انها بنت الجدار من اجل منعهم من دخول اراضيها . واذا ما شهدت تركيا عملية او عمليتين نفذتها الجماعات التكفيرية فانها استهدفت جماعات تناصبها السلطات التركية العداء.

تجارب الاعوام الماضية اثبتت ان الجدار "ثابت" من الجانب السوري فقط، الا انه "متحرك" من الجانب التركي، وفقا لرغبة السلطات التركية، فعندما تحاول تركيا ارسال تعزيزات لجماعاتها داخل سوريا او بناء منشآت لهم تقوم بازالة بعض الجدار وادخال ما يلزم لتلك الجماعات من اجل ان تبقيها خنجرا مغروسا في خاصرة سورية والشعب السوري.

ما كانت تركيا بحاجة الى بناء جدار يعتبر الثالث في العالم، على الحدود مع دولة جارة مسلمة تربطها معها علاقات دينية واجتماعية وثقافية واقتصادية تاريخية عريقة، لو كانت حقا غير متورطة في الحرب التي تم فرضها على الشعب السوري، ولو لم تكن متورطة في استقبال عشرات الالاف من الارهابيين من مختلف دول العالم وشحنهم الى سورية. فكان يكفي ان يتعاون البلدان ، على ضبط الحدود المشتركة بينهما ومنع تسلل الارهابيين عبرها. ولكن يبدو ان هناك بونا شاسعا بين الخطاب السياسي المنمق وبين النوايا الحقيقية التي تختفي وراء هذا الخطاب لدى الجانب التركي، الذي مازال يتهم الجميع بدعم الارهاب والارهابيين الذين يهددون امنه القومي، متناسيا انه يدعم جماعات مسلحة يحمل عناصرها جنسيات مختلفة، يستخدمها في صراعات لا تنتهي في ليبيا وقره باغ وسورية، وترتكب من الجرائم ما يندى لها جبين الانسانية، وهي موثقة بالصوت والصورة.