الموفد الفرنسي في لبنان... مهمّة ام زيارة استطلاعية؟

الموفد الفرنسي في لبنان... مهمّة ام زيارة استطلاعية؟
الجمعة ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ - ١٠:٤١ بتوقيت غرينتش

تحت سقف عدم توقع حدوث أي خرق جوهري في جدار التصلب والعرقلة، جال المبعوث الفرنسي باتريك دوريل في بيروت مستمعاً وناصحاً، من دون أن يحمل في جعبته طرحاً أو بادرة حل، إنما كل ما نقله من باريس كان جرس إنذار أخير للمسؤولين اللبنانيين.

العالم_لبنان

وحسب المصادر الاعلامية في بيروت اليوم الجمعة أن الموفد الفرنسي ابلغ المسؤولين اللبنانيين أن أمامهم أسبوعان لا أكثر لتشكيل الحكومة وإلا فلا مؤتمر ولا دعم للبنان، وفق ما اختصرت مصادر مواكبة جوهر الرسالة من وراء الزيارة، موضحةً انّه شدد على كون مفاعيل المبادرة الفرنسية الإنقاذية لا تزال قائمة، لكن يبقى تنفيذها من عدمه رهناً بإرادة اللبنانيين أنفسهم وعليهم بالتالي أن يقرروا مصيرهم بأيديهم

وإثر جولته التي شملت في يومها الأول الرؤساء الأربعة ، ليستكملها اليوم بزيارات مكوكية ، لفتت المصادر إلى أنّ زيارة دوريل هي "أكثر من استطلاعية على معضلة التأليف وأقل من مفصلية في حلّ هذه المعضلة، واصفةً إياها بزيارة ربط نزاع" مع الأفرقاء اللبنانيين بغية إعادة وضعهم أمام مسؤولياتهم وتعهداتهم إزاء مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون "تحت طائل التلويح بأنّ لعبة استنزاف الوقت ستستتبع تداعيات كارثية على كل الأفرقاء في لبنان ولا بد بالتالي من الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين تحظى بثقة المجتمع الدولي منعاً لضياع آخر فرصة متاحة فرنسياً وأوروبياً لانتشال البلد من أزمته.
وكشفت المصادر أنّ المستجد في التوجيهات الفرنسية التي عبّر عنها دوريل تمثل في الإشارة إلى التلازم والربط بين تأليف الحكومة وبين انعقاد مؤتمر دعم لبنان، وسط معلومات متداولة تفيد بأنه حتى زيارة ماكرون الشهر المقبل إلى بيروت ستتأثر في شكلها وفي جدول أعمالها ما لم يتم تأليف الحكومة قبل موعد الزيارة، لتتراوح التقديرات بهذا الخصوص بين احتمال إرجائها أو اقتصارها على تفقد القوات الفرنسية العاملة ضمن إطار اليونيفل في الجنوب.
و كتبت صحيفة الجمهورية اللبنانية اليوم الى انّ الموفد الفرنسي أبلغ الى من التقاهم تَولّيه رئاسة خلية الازمة المكلفة الملف اللبناني في قصر الاليزيه، وذلك بغية توضيح اهمية الرسالة التي نقلها من ماكرون الى المسؤولين اللبنانيين. كما أفادت انّ الموفد الفرنسي سيستكمل زياراته اليوم للقيادات السياسية والحزبية، فيلتقي قبل الظهر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وينتقل عند الثانية عشرة الّا ربعاً الى بكفيا للقاء رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، قبل ان يزور عصراً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وستكون له اجتماعات غير معلنة مع مجموعة من الشخصيات السياسية المستقلة.

وقالت مصادر واكبت زيارة الموفد الفرنسي أنّ الرجل لا يملك عصا سحرية، وانّ الكلام عن تهويل باريس باستخدام عصا غليظة ليس في محله، وإنما ستكتفي بتحذير المسؤولين من المصير الذي سيَلقاه لبنان في حال استمرت المراوحة في التأليف بسبب الأزمة المالية وعدم قدرة الدولة على فَرملة الأزمة المتدحرجة من دون المساعدات الخارجية، خصوصاً مع دخول واشنطن في مرحلة انتقالية في انتظار دخول الرئيس الجديد البيت الأبيض. وبالتالي، من المصلحة اللبنانية الدخول في ستاتيكو التأليف بدلاً من "ستاتيكو" الفراغ وكلفته الغالية على لبنان.

و حسب صحيفة الاخبار بدلاً من أن يحمل الموفد الفرنسي جديداً في جولته اللبنانية أمس، يفعّل عبره المبادرة الفرنسية، تبيّن أنه أراد أن يستطلع إمكانية مساهمة العقوبات الأميركية في تذليل عقبات التأليف. وهو خرج بخلاصة تؤكد أن الرهان على العقوبات لتلبية مطالب الحريري رهان في غير موضعه.

وسريعاً، تبخّر التفاؤل بزيارة مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل إلى لبنان. دوريل الذي يعود ساعياً إلى تفعيل المبادرة الفرنسية اصطدم بواقع سياسي شديد التعقيد، قادر على الإطاحة بأي مبادرة. لكن مع ذلك، لمس حرص كل من التقاهم على المبادرة، من دون أن يُترجم هذا الحرص بأي تقدم في الملف الحكومي.
في المقابل، لم يكن دوريل يحمل أي أفكار أو اقتراحات أو تعليمات للدفع باتجاه تشكيل الحكومة، بقدر ما جاء ليستطلع إمكانية الاستفادة من العقوبات الأميركية لحلحلة عقد التأليف، أو بشكل أدق لاستطلاع إذا ما كانت العقوبات ستساهم في تراجع الرئيس اللبناني ميشال عون والنائب جبران باسيل وحزب الله عن موقفهم، وبالتالي تلبيتهم لمطالب سعد الحريري. بهذا المعنى، فإن الزيارة لم تكن خارج سياق العقوبات الأميركية بل أتت مكمّلة لها. ذلك، دفع مصادر مطلعة إلى القول إن الضيف كان أقرب إلى المستمع، تمهيداً لنقل خلاصة جولته اللبنانية إلى الإليزيه الذي يتضح يوماً بعد يوم أن قدرته على التأثير محدودة. ولذلك، فقد كرّر الموقف الفرنسي المعروف، داعياً إلى تشكيل حكومة من اختصاصيين أكفاء، غير حزبيين، لكن متوافق عليهم من قبل كل الأفرقاء.
وكان عون قد أبلغ دوريل أن لبنان متمسّك بالمبادرة الفرنسية لما فيه مصلحة لبنان، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة والتي وردت في الورقة التي تمّ الاتفاق عليها بين ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، والتنسيق بشكل فاعل مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا بمساعدة لبنان لإخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها». وإذ اعتبر أن «العقوبات الأميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الأمور تعقيداً، ذكر عون أن «كل هذه الأوضاع تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهامّ المطلوبة منها بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار قوانين إصلاحية ضرورية»، مشيراً إلى «أهمية التشاور الوطني العريض في هذه المرحلة الدقيقة .