عطوان: هل تطهير ترامب لـ'البنتاغون' وتنصيب حُلفائه يعني أن الضّربة لإيران تقترب؟

عطوان: هل تطهير ترامب لـ'البنتاغون' وتنصيب حُلفائه  يعني أن الضّربة لإيران تقترب؟
الأحد ١٥ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٨:٠٤ بتوقيت غرينتش

بعد فوز جو بايدن بالضّربة "القاضية" على خصمه دونالد ترامب، باستِحواذه على ولاية جورجيا، وحُصوله على 306 نقاط، أيّ أكثر من 34 نقطة من العدد المطلوب للحسم (270)، بدأ الرئيس ترامب يقترب من التّسليم رسميًّا بالهزيمة، ورفع الرّاية البيضاء، والبحث في الخِيارات التي سيقدم عليها بعد مُغادرته "المُفترضة" للبيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني (يناير) المُقبل.

العالم - مقالات وتحليلات

صحيفة "نيويورك تايمز" أفادت في تقرير لها يوم السبت أنّ الرئيس ترامب اعترف في اجتماع عقده مع كبار مستشاريه في المكتب البيضاوي “أنّ فرصه في تغيير نتائج الاقتراع، والفوز بالانتخابات الرئاسيّة من خلال الطّعون القانونيّة باتت محدودة إن لم يكن معدومة”.

هناك عدّة خيارات أمام الرئيس ترامب سواء في فترة الشّهرين المتبقّيين له في البيت الأبيض، أو في السّنوات الأربع المقبلة:

الأوّل: الخروج بمظهر "البطل" أو الزّعيم القوي الحازم، من خلال توجيه ضربات عسكريّة قويّة لتدمير المنشآت النوويّة الإيرانيّة، وسحب جميع القوّات الأمريكيّة من الشّرق الأوسط، وخاصّة من أفغانستان والعراق وسورية قبل هذه الضّربات، وما يعزّز هذا الخيار وجود حالة من القلق في أوساط مسؤولين سابقين في أجهزة الأمن القومي أبرزهم الجنرال كوري شاك من عمليّة "التّطهير" التي أجراها ترامب في وزارة الدفاع "البنتاغون" منذ الثلاثاء الماضي، بالإطاحة بالوزير مارك إسبر وجميع مستشاريه ومساعديه، وتعيين موالين له مكانهم، والأمر الآخر رفضه، أيّ ترامب، منح الرئيس المنتخب بايدن تصريحا بالوصول إلى المواد الاستخباريّة والأمنيّة الحسّاسة مثلما جرت العادة في الحالات المماثلة، ربّما خوفا من الاطّلاع على مخطّطاته واستعداداته لهذا الهجوم المحتمل الذي ربّما يقدم مايك بومبيو بوضع خططه التنفيذيّة أثناء جولته في الخليج [الفارسي] في الأيّام القليلة المقبلة.

الثّاني: إعطاء الضّوء الأخضر لأنصاره العنصريين البيض بالنّزول إلى الشّوارع لإظهار حجم التّأييد الذي يحظى به، وشقّ الحزب الجمهوري، وتكوين حزب “فاشي” جديد بزعامته، وبدأ هؤلاء الأنصار يؤطّرون أنفسهم في حركات وميليشيات يمينيّة متشدّدة في معظم الولايات مثل "المحافظون على العهد"، و”الأولاد الفخورين”، وأطلق هؤلاء على مسيراتهم المسلّحة أسماء وشعارات مثل “مسيرة من أجل ترامب” و”أوقفوا السّرقة”، و”مسيرة المليون ماجا” و”اجعلوا أمريكا عظيمة مرّة أخرى”، وقد بارك ترامب هذه المسيرات والتّحشيدات في تغريدات له على حسابه على “التويتر” وطالب باستمرارها وتوسّعها.

الثّالث: استعداد ترامب عمليّا لخوض انتخابات عام 2024 الرئاسيّة بتأسيس مؤسّسة إعلاميّة خاصّة به، أو يطلق برنامجا باسمه من خلال محطّة “فوكس نيوز” الأثيرة إلى قلبه، فهو يتمتّع بشعبيّة كبيرة في أوساط أنصاره، وحتى المختلفين معه، بسبب "الكاريزما" المؤثّرة التي يتمتّع بها، وظهرت بجلاء أثناء تقديمه برنامج “أبرنتيس” الشّعبوي في قناة NBC لأكثر من عشر سنوات.

الرابع: الغرق في محيط من الملاحقات الجنائيّة بتهم التهرّب من الضرائب والتّزوير، وعقد صفقات تجاريّة مخالفة للقوانين، فبمجرّد خروجه من البيت الأبيض تسقط الحصانة الدستوريّة ويصبح مواطنا عاديّا.

يصعب علينا ترجيح أيّ من السّيناريوهات الأربعة، ولكن ما يمكن الجزم به أنّ هذا الرّجل لن يخرج من السّلطة بهدوء، وقد يكون خروجه عاصفا، لأنّه ليس من النّوع الذي يقبل بالهزيمة بسهولة، فخلال السّنوات الأربع الماضية من حكمه لم يكتف بتقسيم أمريكا ونسف هيبتها وإضعافها، وهو الذي وعد بتعزيز قيادتها للعالم، وحوّل جميع حلفائها تقريبا إلى أعداء، باستثناء[إسرائيل]وبعض الدول الخليجيّة، وإنّما أيضا بتكريس "ثقافة الكذب" وتصعيب مهمّة من يأتي خلفه لإصلاح الضّرر.

***

لا نستغرب لجوء ترامب إلى إطلاق مؤسّسة إعلاميّة خاصّة به، تتبع نهج حلفائه العرب في منطقة الخليج (الفارسي)، وتحظى بدعمهم أو شراكتهم الماليّة، طوعا أو ابتزازا، ولن يعوزه المال، فهو يملك الكثير من الأسرار الخطيرة جدّا يمكن توظيفها في هذه المؤسّسة، ولا نعتقد أنّه يريد “خبراء” عرب للاستفادة من خبراتهم في الكذب والتّضليل الإعلامي، فقد أصبح بروفسورا في هذا المضمار، حيث أحصت له صحيفة “واشنطن بوست” ثلاثة آلاف كذبة في السّنوات الثّلاث الماضية من حكمه، حتى أنّ الكاتب الأمريكي توماس فريدمان قال في آخر مقالاته في “نيويورك تايمز” إنّ الكذب بات هو القاعدة، والسّؤال كيف تطوي أمريكا هذه الصّفحة إنقاذا لديمقراطيّتها؟