إتساع الصراع في اثيوبيا.. ما علاقته بـ ’تنبؤات’ ترامب؟

إتساع الصراع في اثيوبيا.. ما علاقته بـ ’تنبؤات’ ترامب؟
الأحد ١٥ نوفمبر ٢٠٢٠ - ١١:١٦ بتوقيت غرينتش

طبول الحرب الشاملة تدق في اثيوبيا ودول مجاورة لها مع تبني رئيس تيغراي قصف قواته لمطار العاصمة الإريترية أسمرة، في تصعيد خطير للمعارك التي اشعلها الهجوم العسكري الذي شنه رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، في منطقة تيغراي الشمالية المضطربة، والتي جاءت بعد تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترمب عن إمكانية تفجير مصر سد النهضة الإثيوبي.

العالم - يقال أن

وأكد رئيس إقليم تيغراي الإثيوبي، ديبريتسيون غيبريمكاييل، اليوم الأحد، أن قواته قصفت مطار العاصمة الإريترية أسمرة، ليل أمس السبت، وفق حديث له مع وكالة "رويترز"، نافيا قصف مدينة مصوع الإريترية، ومشيرا إلى أن "قواته تقاتل قوات إريترية إلى جانب القوات الإثيوبية، على عدة جبهات، خلال الأيام القليلة الماضية".

واعلن زعيم تيغراي ديبريتسيون غبريميكيل أن القصف على إريتريا جاء ردا لانها أرسلت قواتها عبر الحدود لدعم القوات الحكومية الإثيوبية فيما اكد وزير الخارجية اريتريا عثمان صالح محمد ان بلاده ليست طرفا في الصراع.

وأعربت الأمم المتحدة، ومعها الاتحاد الإفريقي ومنظمات إنسانية، عن القلق من احتمال امتداد القتال إلى مناطق أخرى في إثيوبيا وزعزعة استقرار منطقة القرن الإفريقي، محذرة من تدهور الوضع الإنساني هناك.

مخاوف من اتساع رقعة المواجهات ..

ومع اتساع الأزمة ووصولها الى الاراضي الإريترية يتخوف الخبراء والمتابعون من وصولها الى الجوار الإثيوبي المباشر متمثلاً في السودان، وغير المباشر في مصر، اللذين يشتبكان في خلاف آخَر مع إثيوبيا بشأن بناء الأخيرة سدّ النهضة على منابع النيل.

وفي هذا السياق قامت السلطات في السودان الخميس الماضي بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى شرقي البلاد، حيث تتجاور ولاية كسلا السودانية مع إقليم تيغراي الإثيوبي موضع الأزمة، بالإضافة إلى إغلاق الولاية مع ولاية القضارف المجاورة لإثيوبيا، تحسُّباً لاحتمالية تدفُّق مقاتلين إثيوبيين إلى السودان عبر الحدود. وحول الأثر المتوقع لأزمة إقليم تيغراي، في السودان، قال الكاتب والمحلل الإثيوبي أنور إبراهيم إن "هذه الحرب ستضرّ جميع الأطراف، بما في ذلك دول المنطقة والسودان، على الرغم من إغلاقها حدودها، بغضّ النظر عن المنتصر عسكريًّا".

وقد عبر آلاف الإثيوبيين خلال الايام الماضية إلى داخل الأراضي السودانية هرباً من المعارك الدائرة في إقليم تيغراي، حسب تصريحات مسؤولين سودانيين، وقال السر خالد، مدير مكتب معتمدية اللاجئين السودانية بمدينة كسلا السودانية الحدودية: " عبر إلى منطقة حمداييت السودانية بمحاذاة ولاية كسلا 2000 إثيوبي، ونتخذ إجراءات حصرهم وتسجيلهم"، مضيفاً أن "500 شخص آخرين بينهم عسكريون عبروا الحدود في منطقة اللكدي بمحاذاة ولاية القضارف".

وأضاف إبراهيم: "ستتضرر دول أخرى مثل إريتريا، ولا بد من تحركات قوية إقليمية ودولية، بخاصة من دول الإيغاد، لوقف هذا الاقتتال وهذه المهزلة". و"إيغاد" منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، مقرها جيبوتي، تضمّ دول القرن الإفريقي (إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان وجنوب السودان).

أسباب الازمة في تيغراي...

قبل وصول آبي أحمد إلى السلطة في إثيوبيا عام 2019، كانت السيطرة الكاملة فيها للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي (ثالث أكبر عرقية في إثيوبيا بـ7.3% من السكان)، فجاء آبي أحمد ليكون أول رئيس وزراء يقود إثيوبيا من عرقية الأورومو، وهي أكبر عرقية إثيوبية (34.9% من السكان، وتبلغ 108 ملايين نسمة). ومع إصرار الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي تطالب بانفصال الإقليم عن إثيوبيا، على تحدي آبي أحمد، أمر الأخير بشنّ حملة عسكرية ضدها.

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أقوى عضو في الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لسنوات عديدة، لكن أبي عمل على كبح نفوذها بعد وصوله إلى السلطة عام 2018، فيما رفضت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الانضمام إلى حزب موحد. ويقول زعماء تيغراي إنهم استُهدفوا ظلمًا من خلال عمليات التطهير ومزاعم الفساد. ويتهم أبي أحمد بعض قادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي بأنهم "هاربون من العدالة" ويعارضون تحركاته لإصلاح طريقة إدارة إثيوبيا.

هل تقف مصر خلف اشتعال فتيل الصراع؟

في الـ 27 أكتوبر/تشرين الأول قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك، إن "الوضع خطير للغاية لأن مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة، وسينتهي بهم الأمر بتفجير السد"، وأضاف: "وقد قلتها، وأقولها مجدداً وبصوت عالٍ وواضح، سوف يفجّرون ذلك السد. عليهم أن يفعلوا شيئاً ما".

وأعتبر لفيف من الخبراء والمتابعين أن تصريحات ترمب مثابة ضوء أخضر للسلطات المصرية للتدخل العسكري، من اجل حلّ أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى، مضيفين أن "ترمب قد أعطى مصر الضوء الأخضر للحل العسكري، أو أن لديه معلومات بنية مصر المسبقه لتفجير السد". ولكن فريقاً آخر رأى أن ترمب يريد على العكس توريط مصر في حرب قد تُضعِف جيشها إقليمياً، أو أن مصر لا تملك من الأساس القدرات الكافية عسكرياً لتدمير السدّ.

ويضيف كتاب انه ربّما لا يعرف أحد القرن الإفريقي وخرائطه السياسيّة والعِرقيّة والإثنيّة، أكثر من المُخابرات المِصرية بشقّيها العسكري والأمني، ولهذا كان إصرارها على التّركيز على المُفاوضات لأطولِ وقتٍ مُمكنٍ في التّعاطي مع أزمة سدّ النهضة، والابتعاد بقدر الإمكان على الخِيار العسكريّ باعتباره الخِيار الأخير، ليس من قبيل الصّدفة، أو الضّعف، وإنّما نتيجةَ الدّراية الكاملة بتزايد احتِمالات تفجير إثيوبيا من الدّاخل بسبب تفاقم الخِلافات الداخليّة العِرقيّة ووجود مُؤشّرات اندِلاعٍ وشيكٍ لشرارة الحرب الأهليّة. وأن عمليّة تفجير إثيوبيا من الدّاخل انطلقت شرارتها الأولى في إقليم تيغراي الشّمالي المُحاذي لإريتريا، وهذا الإقليم يُمكن أن يُطلق عليه “إسبطرة” القرن الإفريقي، وليس إثيوبيا فقط، رُغم أنّ تِعداد سُكّانه حواليّ 7 ملايين من مجموع مئة مليون تِعداد إثيوبيا.

مواقف دولية من الصراع في تيغراي وتداعياته ..

وطالبت المفوضية بتحقيقٍ شاملٍ في احتمالِ حصولِ جرائمِ حربٍ في البلاد، بعدَ تقاريرَ عن مجزرةٍ استهدفت مدنيين في منطقةِ تيغراي. واضافت اَنه اذا تأكد هذا الامرُ فإنّ عملياتِ قتلِ المدنيين هذه ستكون جرائمَ حرب. واوضحت المفوضيةُ اَنه لا بُدَّ من اَنْ يكونَ هناك تحقيقٌ مستقل ومحاسبةٌ كاملة عما يحدثُ في الاقليم. معبِرةً عن قلقِها إزاءَ تقاريرَ تتحدث عن قطعِ إمداداتِ المياهِ والكهرباءِ في تيغراي.

الاممُ المتحدة اكدت ايضا اَنّ نزاعاً داخلياً طويلَ الأمد في اثيوبيا سيلحق أضراراً مدمرة بالبلاد ويقضي على سنواتٍ من التقدمِ الحيوي في مجالِ التنمية. وأضافت اَنه يمكن أنْ يمتدَ بسهولةٍ عَبرَ الحدود، ما قد يؤدي إلى زعزعةِ منطقةِ جنوبِ الصحراء بأكملِها. واوضحت أنّ العشراتِ وربما المئاتِ من المدنيين أصيبوا أو قُتِلوا طعنا في المنطقة. وحذّرت مصادرُ امميةٌ من اَنْ تكونَ جرائمُ القتل هذه قد حدثت على أسسٍ عرقية. ولفتت المصادرُ الى اَنّ اعدادَ اللاجئينَ الفارينَ إلى السودان يزيدُ سريعا. واضافت اَنّ عددَهُم قد تجاوزَ الاربعةَ عشَر الفاً وخمسَمئةِ لاجئ.

تدريبات جوية مشتركة مصرية سودانية..

وبعد اسبوعين من زيارة قام بها وفد عسكري مصري رفيع إلى السودان انطلقت أمس في الخرطوم تدريبات جوية مشتركة مصرية سودانية. وأكد المتحدث باسم الجيش المصري تامر الرفاعي بدء المناورات، التي قالت وكالة أسوشيتد برس إنها الأولى منذ الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، وإنها تشكل أحدث علامة على توطد العلاقات الأمنية بين مصر والسودان التي تأتي في ظل توترات مرتبطة بسد النهضة الإثيوبي، حيث فشلت جولات عدة من المفاوضات في الاتفاق على آليات لتعبئة وتشغيل السد، الذي تخشى مصر والسودان أن يؤثر على حصتهما من مياه نهر النيل.

وبدأت المناورات عقب وصول وحدات من القوات الجوية وعناصر من قوات الصاعقة المصرية إلى قاعدة "مروى" الجوية في السودان. والتدريبات -التي أطلق عليها "نسور النيل-1"- هي الأولى من نوعها بين البلدين، وتستمر حتى 26 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وتأتي في إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المصرية مع دول أخرى.