شهادات إعلامية لافتة بحق الراحل وليد المعلم

شهادات إعلامية لافتة بحق الراحل وليد المعلم
الأربعاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٦:١٥ بتوقيت غرينتش

دمشق (العالم) 2020.11.18 - ودع الشعب السوري الوزير وليد المعلم قائد الجبهة الدبلوماسية والسياسية السورية في وجه الحرب الظالمة المفروضة على البلاد.

خاص العالم - سوريا

سنوات عدة قاد فيها الفقيد الراحل الجيش الدبلوماسي، بثقة كبيرة، وابتسامة وهدوء عميق، ما جعله القلعة الدبلوماسية التي واجهت مع الجيش السوري أمواج العاصفة.

ما كانت ساعات النهار لتسمح ولو بلحظة تأمل، الحزن الذي ملئ الشوارع في دمشق، كان واضحا في كل زواية فيها، السوريون كانوا في أحاديثهم الجانبية وهم في انتظار مراسم الجنازة في شوارع العاصمة يصفون الوزير الراحل بـ"فارس الموقف والكلمة المبدئية"، كونه شكل حالة مميزة في معنى النقاء والوضوح الدبلوماسي، الذي لا يراوغ أو يناور خلف العبارات الغامضه حين يتعلق الأمر بالحقوق الوطنية والقومية وثوابت الأمة.

وهذا ما لمسه وعرفه على أرض الواقع الكثيرون، وكان أقربهم العاملون في حقل السياسة والإعلام، فكثيرة هي القصص والمفردات والحكايا التي تستحضر في هذه الوقت الأليم.

وفي دمشق، كثيرون يعرفون الوزير الراحل، جميع من قابله يحفظ عن ظهر قلب المواقف التي سجلت معه، كون الوزير المعلم أحد القادة الذين جعلوا من الإنسانية هدفاً أسمى في تعاطيه السياسي، حتى مع أكثر ملفات الحرب خطورة، ما جعل قلوب الناس تترجم حبها حزناً على رحيله.

تختصر الإعلامية صفاء محمد حديثها عن شخصية الفقيد الكبير لموقع قناة العالم، بأنه "شخص ذكي ولديه قدرة على تقييم الأشخاص وبتفاصيل دقيقة، لايمكن أن ينتبه لها إلا صاحب الملاحظة، ويتعامل مع عدوه بأريحية دون أن يشعره بأنه مكشوف لديه."، وأضافت "كان يأخذ بأي اقتراح يتعلق بتحسين أداء وزارة الخارجية وينفذه، حتى لو لم يكن من اختصاص صاحب الطرح."

تجول محمد في الذاكرة القريبة لديها، وتستجمع الكلمات، وتمضي في الحديث "ذات مرة في سنوات الحرب الأولى، كنت باجتماع معه، وتحدثنا عن محاولات إغرائه ماديا وسياسيا لكي ينشق، فقلت له: سيادة الوزير شو هالحكي معقول تنشق سيادة الوزير. فأجابني بلهجته الهادئة الواثقة: مو وليد المعلم يلي بخون يا صفاء. وتابع حديثه وهي سورية أمي وأبي هون خلقت وهو بموت وأوعك تشكي للحظة أني أتخلى عن سوريتي."

تتابع الإعلامية صفاء محمد حديثها "ووقتها نزلت دمعة من عينه.. فمازحته قائلة، عم يقولوا عندك أموال خارج البلد وحجزوا لك عليها.. أجابني إذا الي شي خليهن ياخدوه."

وكشفت محمد بعض تفاصيل الأحاديث التي كانت تدور مع الوزير المعلم، مؤكدة أن الفقيد كان كنزا ثمينا، واسترجعت بذاكرتها لحظات كانت فيها طبول الحرب تقرع في معظم الخارطة السورية، مبينّة أنه "كان معجبا برجولة الرئيس بشار الأسد وقدرته على المجابهة وإدارة المواقف والأحداث، وقوته وصبره، وبأنه لا يهاب أحد، فسألته عن دخوله معترك السياسة وقربه من الراحل حافظ الأسد، فأجابني عرفته عندما كنت برتبة ملازم أول، وأنا يا صفاء تعلمت الكثير منه وما عملت به لا يساوي إلا جزء بسيط من قدرة وعظمة هذا الشخص."

وتابعت الإعلامية صفاء محمد حديثها "وفي سياق حديثنا عن المبادرات التي تطرح على سورية لحل الأزمة، وإن كانت ستقبل بها سورية، وهي مجحفة بحقها كان يقول لي إطمئني سنقبل بها ولكن، وكلمة لكن كانت تحمل الكثير من التقزيم والتفريغ لمحتواها لأنها لاتخدم قضيتنا وتهدم دولتنا ومادفعنا ثمنا لأجله."

أما الباحث السياسي الدكتور أسامة دنورة أكد لموقع قناة العالم أن "الوزير المعلم رحمه الله خبيراً ومُعلّماً في الدبلوماسية والسياسة، وشهد له العدو كما الصديق، وكان من معالم الثبات على الموقف الممانع الذي يرفض حتى أي تنازل بروتوكولي، لأنه من مدرسة الأسد التفاوضية التي تعتبر أن الدقة في المصطلحات والحرص البروتوكولي هي مفتاح لقوة الموقف السياسي والتفاوضي، وقد نُقل عن المصادر الاسرائيلية أنه في عام ١٩٩٦ وعندما ظهرت نذر استعداد سورية للقيام بعمل عسكري تحريري في الجولان قام رئيس وزراء العدو نتنياهو بإرسال مدير الموساد في حينه داني ياتوم إلى واشنطن لإجراء محادثات سرية مع السفير السوري في واشنطن وليد المعلم، غير أن الأخير رفض إجراء حوار بشكل حاسم. "

وتابع دنورة موضحا أن "دنيس روس قام بمحاولات للتقريب بينهما باءت بالفشل أيضاً، وأصَّرت سوريا على استئناف المفاوضات من حيث توقفت، وكان دينيس روس الدبلوماسي الأميركي اليهودي وعراب اتفاقيات ومحادثات السلام من الذين شهدوا للمرحوم وليد المعلم، فهو أكد أنه حتى من موقع الخصومة فإنه لا يمكنك إلا أن تعترف للسفير السوري في واشنطن وليد المعلم بالقدرة على التأثير وبناء العلاقات الشخصية والصداقات مع كل من يقابله."

وأضاف دنورة "أما بيل كلينتون في كتابه "حياتي" my life فقد قال: لقد كان السفير السوري في واشنطن وليد المعلم يفوق الجميع ببرودة أعصابه، حتى وصلنا إلى تسمية المباحثات معه بـ"محادثات الثلاجة"، فحين كنا نعرض عليه أيّ اقتراح كان يبدأ بكلمة "جدير بالاهتمام"، ولا ينتهي الموضوع إلّا بعد أن يأخذنا في متاهات التاريخ والجغرافيا والأمثلة المتضاربة في السياسات، حتى يصل بعد استهلاك زمنٍ طويلٍ يضغط به على أعصاب الجميع إلى جملة "خذوا هذا الرد فهو يمثل وجهة نظرنا حتى هذه اللحظة".

مراسل العالم - دمشق