کباش دولي في سوریا والعین علی عین عیسی

کباش دولي في سوریا والعین علی عین عیسی
الثلاثاء ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٥ بتوقيت غرينتش

لا يحتاج التصعيد والهيجان والاعتداءات على المدنيين التي يمارسها الجيش التركي والمجموعات المسلحة المرتبطة به في منطقة عين عيسى بريف الرقة والقرى المحيطة بها، إلى الكثير من الجهد لإثبات أو برهان أن المواجهة المستعرة بين قسد والاتراك، تتخذ ابعاد اكثر شمولية، والضحايا فيها من المدنيين العزل الابرياء، وهذا ما دفع القوات الروسية نشر وحدات إضافية من الشرطة العسكرية في مدينة عين عيسى شمال سوريا وسط توتر الأوضاع هناك مع اشتداد الاشتباكات بين قسد وفصائل موالية لها، بهدف تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في منطقة عين عيسى، ما يدلل على ان الأوضاع غير مستقرة في هذه المنطقة.

العالم- قضية اليوم

كل ذلك يأتي في ظل تأرجح نتائج المفاوضات والمحادثات بين الجانب الروسي وقسد والاتراك، حول انسحاب قسد وانتشار الجيش السوري في البلدة، ما استدعى زيارة الجنرال كينث ماكينزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، إلى مناطق شمال شرقي سوريا، ولقائه قائد قسد مظلوم عبدي، في الحسكة، ووفق مصادر إعلامية، فإن المباحثات تركزت على بلدة عين عيسى وعدم تسليم البلدة إلى الحكومة السورية، إلا أن الزيارة لم توقف العمليات العسكرية التركية، فيما قالت مصادر إعلامية مقربة من قسد، إن ماكينزي أكد عدم موافقة واشنطن على تسليم البلدة للجيش السوري وانتشار الشرطة العسكرية الروسية.
ما يجري في عين عيسى يظهر بدقة، حجم التناقضات في الأجندات والمصالح بين الأطراف الفاعلة في تلك المنطقة، لما تحمله البلدة من اهمية استراتيجية، كونها تمتد على طول الطريق الدولية الواصل بين الحسكة وحلب، وتوسطها مناطق تواجد قسد في ارياف حلب والرقة والحسكة، وهذا ما يدفع تركيا الى الدخول للبلدة، ويكشف نواياها لارباك قسد وفصلها جغرافيا عن عمق في محافظات عدة، وعلى الصعيد الميداني فإن دخول الجيش التركي يعني تفكيك القرى والبلدات التي تسيطر عليها قسد، وجعل هذه المناطق منعزلة عن بعضها البعض، وابعاد مناطق ثقل لقسد عن مركز قيادتها، مثل بلدة عين عرب او مدينة منبج، من هنا يأتي تعنت قسد، في اطار استمرار التصعيد التركي في البلدة وريفها، وهو امر لا تخفيه تركيا، ووفق التحليل فأن التصعيد التركي هو جزء من خطة من ثلاث مستويات، الاول يقضي باعادة هيكلة التواجد التركي، والثاني اعادة تموضع الادوار الوظيفية للمجموعات المسلحة التابعة للجيش التركي، والمستوى الثالث وهو الاهم والذي يتعلق بالتطورات السياسية والميدانية في سوريا، واعاقة تركيا اي تطور على المستوى السياسي، بعد ان قطع مسار لجنة مناقشة الدستور خطوات مهمة، وهو ما يتعارض بشكل استراتيجي مع المشروع التركي، ومحاولات اطالة امد الازمة، وتعطيل اي جهد لمكافحة الارهاب في ريف ادلب، ورفع سقف التوتر الى حد، ازاحة ملف ادلب وتنفيذ اتفاقات استانا وسوتشي من الواجهة، وتفعيل ادوات الحرب المفروضة على سوريا، وتسخين جبهات جديدة مثل عين عيسى، والانشغال بما يجري فيها.
ان النتائج لهذه اللحظة في تلك المنطقة الساخنة، نتائج الحراك التفاوضي لوقف العملية التركية وانسحاب قسد، او نتائج العملية العسكرية التركية، تؤكد ان قواعد الاشتباك هناك ليست ثابتة، بل هي قواعد منزلقة، ويصعب الجزم بالمخرجات، نظراً لكثرة اللاعبين ، وتخضع تلك المنطة لعوامل ضغط مختلفة، ما يجعل كل التخمينات تتزاحم، وتسير بمسار تصاعدي، لكن المشترك في كل عوامل الضغط هو التركي اللاهث خلف تحقيق مكاسب على المستوى السياسي والعسكري، لتحسين موقعه في اي حراك سياسي، والذي بدأ فعلا يستثمر الوقت والظرف، ولا يهتم الى الايرانيين والروس شركائه السياسيين في التروكيا الثلاثية كدول ضامنة. اما قسد فهي مازالت تعمل تحت تكتيك التجريب العبثي، الذي يدفعها الى عدم الالتزام باي اتفاق قد يجري، او يعطل اي محاولات جادة من قبل الروسي والدولة السورية لانهاء هذه الازمة، وخفض التوتر، ما يجعلها ايضا شريكا للتركي في استمرار الازمة، وتهجير المدنيين، ما تثبته الوقائع ان قسد لا تهتم لشأن المدنيين وهذا ما جرى في عفرين ومنبج وتل ابيض وعين عيسى، وهذا التعنت من قسد ينذر بوقوع المحظور، ودخول الاتراك الى تلك المنطقة وازدياد معاناة الاهالي.
اما الرسالة الواضحة من الدولة السورية، فإن الضغط الميداني لن يكون احد سبل تحسين المواقع السياسية والتفاوضية للاتراك او حتى لقسد، وان الثوابت السورية لا تخضع الى المزيد من الاوهام الكردية، بل يجب ان ينتهي هذا الوهم عندما تتعرض منطقة سورية لهجوم من قوى عدوان، وتهدد بالاحتلال، وان كل الاراضي السورية ستعود، وسندحر الارهاب بكل اشكاله وبكل اسمائه، وسيرحل المحتل من تركي وامريكي وحتى الكيان الاسرائيلي.

حسام زيدان