الركن الشديد في الوقت العصيب .. 

الركن الشديد في الوقت العصيب .. 
الأربعاء ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٣:٤٦ بتوقيت غرينتش

شديدةٌ بمضمونها ، رشيدةٌ بفكرتها ، عنيدةٌ بتفاصيلها ، هي مناورة من نوع آخر توشحت بلون واحد ورفعت راية فلسطين ولا شيء غيرها ، مناورة الركن الشديد التي عايشنا تفاصيلها طلقة بطلقة وصاروخ بصاروخ وقذيفة بقذيفة استشعرنا جديتها من خلال نيرانها الحيّة وسمعنا أنفاس مقاتليها وهم يصارعون خطورة المكان وحساسية الزمان ..

العالم - قضية اليوم

مناورة حملت مدلولات بعيدة كبعد مديات الصواريخ التي استخدمتها المقاومة في هذه المناورة : أولاً وحدة الموقف الذي يؤكد على أن المقاومة المسلحة هي الخيار الوحيد وهي استراتيجية الفصائل كلها في هذه المرحلة وثانياً تراكم القوة وتنامي توازن الردع الذي ولد مع ولادة الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة التي كانت المشرف المباشر على هذه المناورة وثالثاً الثبات على الموقف حيث أن الأرض لم ترتجف من تحت أقدام المقاومة في ظل تراجع الدعم العربي وتنامي التطبيع مع الاحتلال وإن كانت الفصائل قد شعرت بخيبة أمل لكنها قلبت وهن العرب الى قوة في صدور المجاهدين فتبين لهم أن مقاومتهم تسير في الطريق الصحيح وأن درب الحرية وتحرير الأرض المقدسة لابد وأن يسلكه الفلسطينيون من باب المقاومة وليس من باب خارطة الطريق العربية التي ضل العرب طريقها هي الأخرى ..
رابعا ًوهي الأهم أنها رسالة قوية من المقاومة في ظل أضعف مرحلة يمر بها الكيان الاسرائيلي على صعيد السياسة الداخلية فبينما شغلت أحزابه الخلافات باغتته المقاومة بوحدة الموقف فوقفت ثابتة وأوصلت رسالتها رغم ما حف المناورة من خطر وتهديد بل انها ستزيد من حدة التنافر داخل الأحزاب الاسرائيلية لاسيما وأن نجاح المناورة يعتبر دليلاً على فشل حكومة نتنياهو في الحد من تنامي قوة المقاومة التي باتت أكثر قوة ..
أما خامساً فقد نجحت المناورة في طمأنة الشارع الفلسطيني والجبهة الداخلية بأنها ما تزال بخير وهي قادرة على صد أي عدوان عن شعبها ..
سادساً أن الحرب التي يشنها الكيان الاسرائيلي ومن يعاونه من الأمريكان ضد محور المقاومة لم يوقف يوما دعم ذلك المحور لفلسطين بل إن معظم الأسلحة المستخدمة في مناورة الركن الرشيد هي بدعم من محور المقاومة في ايران وسوريا ولبنان ، وإن المقاتلين الذين شاركوا في مناورة اليوم قد تلقوا تدريبات داخل فلسطين وخارجها وباتوا على درجة من المهارة التي تمكنهم من الوقوف أمام ترسانة عسكرية قوية كترسانة الاحتلال فقد رأينا في المناورة وحدات النخبة ووحدات إطلاق الصواريخ وعمليات الانزال وتنفيذ اقتحامات للمواقع واختطاف جنود ولعل الأبرز هو التطور في وحدات الضفادع البشرية وقدرة المقاومة على تأمين الجهة الغربية من قطاع غزة حيث الحدود البحرية والتي تخضع بشكل كلي لسيطرة الاحتلال وهو ما لم يكن موجودا قبل عقد من الزمان .. وأكثر ما يغيظ الاحتلال ويثلج صدور الفلسطينيين اليوم أنك وأنت تنظر للمقاومين لا تعرف ما لونهم السياسي فكل منهم يقف كتفا إلى كتف بحوار أخيه يعملون كخلية نحل كلٌ منهم يعرف دوره ومهمته لا تكاد تفرقهم هل هم من حماس أم الجهاد الاسلامي أم من فتح ام من الجبهتين ام من الالوية في مشهد موحد لم يسبق أن رأيناه في الميدان من قبل ويأمل الفلسطينيون أن يكون عنوان المرحلة القادمة ..
وبالتالي المقاومة في فلسطين بذرة تنمو وتكبر بين أحضان شعبها يغذيها الحق ويرويها الإيمان ...

إسراء البحيصي