السيناريوهات المحتملة للأيام المتبقيّة من ولاية ترامب

السيناريوهات المحتملة للأيام المتبقيّة من ولاية ترامب
الإثنين ١٨ يناير ٢٠٢١ - ٠٤:٣٩ بتوقيت غرينتش

يتربص العالم الأيام لا بل الساعات المتبقية من ولاية ترامب وما يمكن ان يحصل فيها خصوصاً بعد ما عرف بـ"غزوة الكونغرس" في واشنطن.

العالم - مقالات وتحليلات

لا بد من الإشارة أولاً الى ان كل الاحتمالات مفتوحة مع شخصية كشخصية ترامب، لكن بطبيعة الحال بنسب مختلفة، بعضها ضعيف لحد الانعدام وآخر متوقعاً او مرجحاً، وكل ذلك وفقاً للمعطيات التي يُبنى عليها تحليل المعطيات..

-على الصعيد الخارجي:
لا شك ان ترامب بات "مشلولاً" وأعجز عن القيام بمغامرةٍ ما على المستوى الخارجي في المنطقة او العالم، سواء ضد ايران او الصين او غيرها، لان القرار بات بيد المؤسسات العميقة بشكل شبه كامل بعد "غزوة الكونغرس" وتوجه الديمقراطيين وبعض الجمهوريين الى محاكمته وعزله. بحيث بات يبحث عن مخرج لمأزقه، سعى اليه بتصريحات نددت بالعنف والتخريب الذي حصل في الكونغرس.

وقد ادرك ترامب انه فقد الغطاء حتى من الحزب الجمهوري الذي يحميه من المحاكمة والعزل فقط بسبب العصبية الحزبية وحتى لا تكون سابقة في التاريخ الأمريكي برئيس من الجمهوريين.

أضف الى ذلك ان الكونغرس قيَّد ترامب سابقاً في شن حرب على ايران دون ان يأخذ مواقفته، ومعلوم ان الكونغرس لن يسمح بذلك لأسباب عديدة لا مجال لذكرها.

لذا يلعب ترامب في الهامش المتبقي من ولايته، على تعزيز وتفعيل اتفاقيات التطبيع وتطوير المحور العربي الإسرائيلي ضد ايران، وايصال رسائل عبر عرض العضلات في المنطقة بالطائرات وحاملة الطائرات، الى الحلفاء الإسرائيلي والأنظمة العربية المطبعة، تفيد بالحفاظ على امنهم ودعمهم في مواجهة ايران. وكلل ذلك بضم "اسرائيل" والمطبعين الى قيادة العمليات المركزية الامريكية في السرق الاوسط.

ربما يقول البعض ان نتنياهو قد يغامر ويهاجم ايران ويجر أمريكا الى المشاركة فيها، الجواب هو ان الاحتمال وراد ولكنه ضعيف جداً، لأسباب كثيرة ابرزها، ان إيران تمتلك القوة بنفسها ومع محورها وحلفائها، وتمثل الرسائل التي وجهتها من خلال المناورات الأخيرة لا سيما رسائل البالستي والمسيرات المتطورة معادلة ردع قوية للأعداء. ومثل الكشف عن رادارات كاشف واحد واثنان الكاشف لطائرة الشبح الامريكية المخفية، ورصد وتتبع حاملة الطائرات USS ، نقطة ضعف كبيرة جداً في قدرات الولايات المتحدة في المنطقة.

وعليه لا ترامب قادر على مغامرة ولا نتنياهو قادر على خوض معركة منفرداً، لأنه يدرك تمام انه لا يمكن الاعتماد على الأنظمة العربية المطبّعة، وهو إن بدأ حرباً فان نتائجها على الأرجح لن تكون في مصلحته، اضف الى ذلك ان نتنياهو يحاول السعي حالياً ما امكن لكسب المزيد من الأنظمة المطبّعة، بإعتبار أن ذلك يوفّر عليه حروباً ان شنها، شريحة كبيرة في الشارع العربي والإسلامي، ستنقلب على المطبعين، وبالتالي لماذا يغامر، ويضحي بكسب مزيد من المطبّعين، وزجّهم في اتون المعركة ضد ايران. وسيكتفي بتوجيه ضربات بين الفينة والأخرى في سوريا او غزّة.

هذا في الحرب مع ايران، فكيف اذا كانت مغامرة ترامب في حرب مع الصين، الأمر أكثر من مستبعد وربما مستحيل.

وكما سبق، فان كل الإحتمالات تبقى مفتوحة، ونحن أمام رجل مجنون يرفض تسليم الحقيبة النووية للرئيس المنتحب جو بايدن.

- على الصعيد الداخلي الأمريكي:
هو السيناريو الأخطر، وحتى يبني على المعطيات لا بد ان نعود أياماً قليلةً الى الوراء، للإشارة الى ان الإستخبارات الامريكية فشلت فشلاً ذريعا في استباق ما حصل في الكونغرس، ومعرفة ما كان يُخطط له، رغم ما صدر من معلومات لاحقاً عن احاطات قُدمت الى الجهات المعنية بأن الكونغرس سيتعرض لهجوم، ولا يعلم صحة هذه الاحاطات من عدمها، او كونها للتغطية على هذا الفشل والتقصير التاريخي الفاضح غير المسبوق للإستخبارات الامريكية.

وهذا يعني ان الأجهزة الأمنية، قد لا تكون مُمسكة بالوضع الأمني على الأرض في أنحاء الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال، هذه الأجهزة تتخوف من تنظيم مسيرات وتظاهرات وصفتها "بالسلميّة المسلّحة" في كل ولايات البلاد، بينما تحشد في واشنطن بشكل أساس حيث تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن. فماذا لو تفجرت الأوضاع في الولايات؟

وللتذكير فقد أُعلن بالأمس عن اكتشاف رجل مدجج بالسلاح وهو يحمل ترخيصاً مزوراً لحضور حفل التنصيب، ومسدساً واكثر من 500 طلقة، وشاهدنا جماعات مسلحة امام الكابيتول في اوستن في ولاية تكساس، وهي تقوم بتجميع أسلحتها وعبواتها الناسفة في موقف سيارات امام مبنى الكابيتول امام أعين القوى الأمنية، وقد ارتدى اعضاء هذه المجموعات ألبسةً مموهة وثياب الكاوبوي الامريكية.

مع هكذا ظواهر، كل شي متوقع من أنصار ترامب المتطرفين العنصريين المستعدين للعنف والقتل، لا سيما وان ترامب حتى الآن لم يقبل بالهزيمة ولن يقبل بها، بدليل انه، لم يسلم الحقيبة النووية، ولن يحضر حفل تنصيب بايدن.

أضف الى ذلك ان ترامب أعلن بشكل او بآخر، تشكيل تيار الترامبيين (TRUMPIANS) تحت شعار أمريكا أولاً، يعني ان أمريكا ليست لغير البيض (العنصريين) الذين اصبح لهم قائد واضح ومعروف ويعمل على تحقيق أهدافهم وبالتالي، فان الامة الامريكية، سواء حصلت مفاجآت او لم تحصل، باتت منشقة على نفسها، بما ينذر بأمور عدة، بينها:

- تفجّر الصراع الداخلي بحرب أهلية او إنطلاق عمل جماعات الترامبيين، تمهيداً للمرحلة الجديدة من الصراع لتحقيق الاهداف في الولايات المتحدة.

واذا ما نظرنا الى ما يمكن ان تقوم به هذه الجماعات العنصرية (الداعشية الامريكية)، فيمكن ان تفعل أي شيء، فالرجل المسلح الذي اعتقل بالأمس في واشنطن على نقطة تفتيش قرب مبنى الكابيتول، كتب على شاحنته،" اذا جاؤوا لاخذ أسلحتكم، فأعطهم الرصاص أولاً".

- لا يُستبعد على المستوى الداخلي أيضاً، محاولات اقتحام مباني الكابيتول في ولايات البلاد، او شن عمليات اقتحام لحفل ومنصة تنصيب بايدن

- محاولات اغتيال، سواء لترامب او لبايدن او غيرهما، بدليل ما تركه غزاة الكونغرس من تهديدات مكتوبة داخله ضد النواب، وما كشفه مكتب التحقيقات عن خطط لاسر وقتل مشرعين. وهناك نموذج اخر عن الاغتيال وهو اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كندي المتهمة الاستخبارات الامريكية ذاتها بإغتياله. نضيف ان هناك معطيات أمنية أمريكية معلنة بترجيح تواطئ مسؤولين وقوى امنية مع مهاجم الكونغرس .

- احد السيناريواهات المحتملة داخليا تنفيذ عمليات انتحارية، ربما كان هذا السيناريو قليل الاحتمال، لكن مع هكذا جماعات لا شيء غير متوقع.

اذن جزء او اكثر من هذه السيناريوهات يحتمل ان يحصل، لكن الأكيد ان الانشقاق الداخلي وقع في الامة الامريكية واسس لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد، فالحركة الترامبية القائمة على "العنصرية المتوحشة" والعنف، قد تودي الى انفصال بعض الولايات التي تتربص الفرصة لذلك.

بمعنى اخر فان ملامح الحرب الاهلية ستبقى قائمة، مع التذكير بان هناك الكثير من الدول في العالم من مصلحتها تغذية ذلك، وربما تدفع باتجاه هذا الخيار..

وعندما نتحدث عن هذا الاحتمال ، فهذا لا يعني انها ستحدث غداً مثلاً، بل ان يعني ان نارها بدأت بالاشتعال، منذ ان بدء ترامب بالتحريض على التظاهرات وحمى العنصريين قتلة الملونين في الشوراع الامريكية ومنح العفوعن المجرمين والمتورطين بجرائم داخلية وخارجية.

أيضا سيكثّف ترامب تحركاته، للبقاء على الساحة، عبر تأسيس حزبه الجديد، خارج اطار الجمهوريين، ولعرقلة إدارة بايدن، ولعب دور "المشاغب المعارض" تمهيداً للترشح الى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية في العام 2024، هذا ان لم يسقط بايدن بطريقة وباخرى.

أخيراً، ان احتمال ان لا تحدث مفاجآت كبيرة تغير من الواقع الأمريكي، امر ممكن لكنّه ضعيف، لان الإنشقاق الداخلي حصل، ويبقى الأمر مرهوناً بمفاجآته.

د حكم امهز - خبير في شؤون الشرق الاوسط