تحركات دبلوماسية لافتة لابن سلمان تهدف اظهار نفسه شريكا ثمينا لبايدن

تحركات دبلوماسية لافتة لابن سلمان تهدف اظهار نفسه شريكا ثمينا لبايدن
الثلاثاء ١٩ يناير ٢٠٢١ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

عاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى صدارة المسرح السياسي بعد شهور ظل فيها بعيدا عن الأضواء، من خلال تحركات دبلوماسية واقتصادية لافتة هدفها أن يُظهر للرئيس الأمريكي الجديد أنه شريك ثمين يمكن الاعتماد عليه في إنجاز المهام.

العالم - السعودية

ففي غضون بضعة أسابيع أعلنت المملكة اتفاقا عربيا للمصالحة مع قطر وتخفيضات طوعية في إنتاج النفط الخام السعودي للمساهمة في تحقيق استقرار الأسواق بالإضافة إلى إعطاء زخم جديد لخطة ترمي لتنويع الموارد الاقتصادية كانت قد تعثرت بسبب جدل سياسي وهبوط أسعار النفط وجائحة كوفيد-19.

وقال ثلاثة دبلوماسيين أجانب إن الأمير الشاب الذي يتصف بجرأة بالغة يتحرك، سواء خلف الكواليس أو على الملأ في رئاسة قمة خليجية للمرة الأولى، لتقديم نفسه في صورة رجل الدولة الذي يعول عليه وإرساء نبرة عملية في التعامل مع إدارة بايدن المقبلة الأقل مجاملة.

وكانت الصورة التي ظهر بها الأمير محمد في البداية كمصلح جريء قد تضررت جراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي الكاتب بصحيفة واشنطن بوست في 2018 على أيدي عملاء سعوديين بدا أنهم مقربون من الأمير وبفعل خطوات لسحق المعارضة وتهميش خصومه في العائلة الحاكمة.

وينفي الأمير أنه أصدر أمرا بقتل خاشقجي ويقول في الوقت نفسه إنه يتحمل المسؤولية النهائية لأن الجريمة وقعت وهو في موقع السلطة.

وقال دبلوماسي غربي في المنطقة إن ولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، يدرك أن “عهدا جديدا بدأ” دون الحاجز الواقي الذي وفره له الرئيس دونالد ترامب وأن الرياض بحاجة لتقديم بعض التنازلات في القضايا الخلافية مثل حقوق الإنسان من أجل التركيز على أولويات إقليمية مثل الاتفاق النووي الإيراني.

وقال الدبلوماسي “هم (السعوديون) لا يريدون إعادة اتفاق 2015 إلى المائدة”، مضيفا أن اللفتات الإيجابية الأخيرة من جانب الرياض “ترتبط كلها بالتغيير الحاصل في واشنطن” بطريقة أو بأخرى.

وتابع أن من هذه التحركات أحكاما أصدرتها في الآونة الأخيرة محاكم سعودية على ناشطة حقوقية بارزة وعلى طبيب أمريكي من أصل سعودي، وقد أظهرت قرارات الإدانة أن الرياض لن تطيق أي معارضة وفي الوقت نفسه كانت أحكام السجن المخففة بمثابة لفتة موجهة إلى واشنطن.

وكان الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي تشير التوقعات إلى أنه سيستأنف التواصل مع إيران، قد قال إنه سينهج نهجا أشد صرامة فيما يتعلق بسجل السعودية في حقوق الإنسان وحرب اليمن المدمرة.

وقال شادي حميد من مؤسسة بروكنجز في واشنطن “بالنسبة للسعوديين، المتغيرات واضحة. فعليهم أن يتكيفوا مع عالم جديد… ويقدموا أنفسهم بصورة أكثر إيجابية قبل تولي بايدن السلطة”.

قواعد اللعبة

قال دبلوماسي أجنبي آخر إن “توتر” الرياض بسبب سياسة بايدن حيال إيران أحد الأسباب التي دفعتها للضغط على إدارة ترامب لإدراج جماعة انصار الله اليمنية.

وقال الدبلوماسي إن الأمير محمد حريص على “فرض بعض قواعد اللعبة” فيما يتعلق بإيران واليمن في الوقت الذي يقدم فيه السعودية أيضا “كعضو بارز في المجتمع والاقتصاد الدوليين” يجب الدفاع عنه.

وكان مسؤولون في الأمم المتحدة حذروا من أن توصيف جماعة انصار الله منظمة إرهابية أجنبية قد يدفع باليمن إلى مجاعة واسعة النطاق وحثوا إدارة بايدن على إلغاء القرار الذي يصبح ساري المفعول اليوم الثلاثاء.

وقد عملت السعودية وحلفاؤها من الدول الخليجية، على تأييد حملة الضغوط القصوى التي شنها ترامب على طهران .

وفي 2019 اهتزت السعودية بفعل هجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآتها النفطية. وعزز ترامب الدعم الدفاعي للمملكة التي تعد من أبرز مشتري السلاح الأمريكي.

تودد

يعد الأمن اعتبارا رئيسيا لدى قادة الدول الخليجية الآخرين الذين يستعدون أيضا لرئاسة بايدن بتصوير أنفسهم في صورة قوة معتدلة في منطقة مضطربة ويتحوطون للتطورات.

وأبرمت الإمارات، اتفاقا بوساطة أمريكية لإقامة علاقات مع "إسرائيل" فتحت الباب أمام أبوظبي للحصول على أسلحة أمريكية جديدة وتآلف مع الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة. واقتدت البحرين بها.

ورغم أن الخلافات بين الإمارات وقطر عميقة فقد شاركت في مسعى أمريكي سعودي لإنهاء خلاف قائم منذ ثلاث سنوات وأعادت العلاقات مع الدوحة والتي قطعت بسبب قضايا من بينها علاقات قطر مع إيران وتركيا ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين.

وفي الآونة الأخيرة قال وزير الخارجية القطري إن الوقت مناسب لإجراء محادثات مع إيران وإن الدوحة قد تساهم في ترتيب هذه المباحثات.

شواغل

قال دبلوماسي رابع إن السعودية تريد أيضا تعويض ما فاتها من وقت وما ضاع عليها من إيرادات بعد أن أحبط انتشار فيروس كورونا في 2020 خططا لتركيز الاهتمام من جديد على حملة التنويع الاقتصادي الطموح التي بدأها الأمير محمد وذلك بعد ما أصاب بعض المستثمرين الأجانب من فزع إثر مقتل خاشقجي وحملة تطهير الفساد التي اكتنفتها السرية.

وفي حدث نادر ظهر الأمير محمد على شاشة التلفزيون يوم 13 يناير كانون الثاني الجاري للكشف عن مدينة جديدة لا تصدر عنها أي انبعاثات كربونية في أول مشروع إنشائي كبير في منطقة نيوم التي تبلغ استثماراتها 500 مليار دولار والتي لم تشهد أي تقدم يذكر منذ إعلانها وسط ضجة كبرى في 2017.

وبعد بضعة أيام ظهر ولي العهد وحده في مخيمه الخاص في الصحراء وهو يعلن عن فرص استثمارية بما قيمته ستة تريليونات دولار في خطاب عبر الإنترنت ألقاه في المنتدى الاقتصادي العالمي.

وقالت كريستين سميث ديوان كبيرة الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج (الفارسي) في واشنطن “السعودية تواجه تحديا هائلا في تغيير شكل اقتصادها والطريق بعد كوفيد-19 محفوف بمخاطر أكبر كثيرا. وهي تحتاج للمال والشركاء وتحتاج للتواصل العالمي”.