سياسة مصر المتغيرة في ليبيا الى أين؟

سياسة مصر المتغيرة في ليبيا الى أين؟
الأربعاء ٢٧ يناير ٢٠٢١ - ٠٨:٣٤ بتوقيت غرينتش

زار وفد دبلوماسي وأمني مصري رفيع المستوى العاصمة الليبية طرابلس في 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، لإجراء محادثات مع حكومة الوفاق فی طرابلس.

العالم - مصر

وكان الوفد، برئاسة نائب رئيس المخابرات العامة "أيمن بديع"، المسؤول عن إدارة السياسة المصرية تجاه ليبيا، إلى جانب مسؤولين آخرين من وزارة الخارجية المصرية.

وكتب خليل العناني في موقع المركز العربي ان هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب الأهلية الليبية عام 2014 وتثير العديد من التساؤلات حول طبيعة الموقف المصري من الأزمة الليبية.

على وجه الخصوص، تثير الزيارة تساؤلات حول ما إذا كانت مصر عند نقطة تحول في استراتيجيتها تجاه ليبيا، وبالتالي تساؤلات فيما يتعلق بمساهمة القاهرة المحتملة في حل سلمي للصراع.

وبالرغم من أن زيارة الوفد المصري لطرابلس تبدو مفاجئة، لكن القاهرة وطرابلس كانتا تتقاربان مع بعضهما البعض في الأشهر الأخيرة بشكل تدريجي.

تحولات على الأرض

وقد أدى ذلك إلى تحولات مختلفة على الأرض في ليبيا منذ أن نجحت حكومة الوفاق الوطني في إحباط هجوم المشير المتقاعد"خليفة حفتر" على طرابلس من خلال الحصول على مساعدة عسكرية من تركيا.

بالإضافة إلى ذلك، وللمرة الأولى منذ سنوات، بدأ حوار سياسي بين الفصائل الليبية المتنافسة نتيجة وساطة الأمم المتحدة وجولات المحادثات في المغرب وتونس وليبيا.

أيضا، استضافت مصر في 28 سبتمبر/أيلول 2020، محادثات بين الفصائل الليبية للمساعدة في حل الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وسعيًا إلى العمل لإقرار وقف دائم لإطلاق النار ومساعدة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تدعمها الأمم المتحدة، ضم الاجتماع وفودًا أمنية وعسكرية من الفصيلين المتنافسين.

ومن هنا بدا كأن مصر تحاول العودة للعب دور الوسيط في الصراع الليبي.

وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، عقدت القاهرة أيضًا محادثات بين وفود ومسؤولين من المجلس الأعلى للدولة، ومقره طرابلس، ومجلس النواب في طبرق.

وساعد وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 على تهدئة التوترات بين القاهرة وطرابلس، ما سمح بالعودة إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن الحل العسكري للأزمة.

تزامن ذلك مع انطلاق منتدى الحوار السياسي الليبي في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وقد مهدت كل هذه العوامل المختلفة الطريق لتحول في استجابة مصر للأزمة الليبية.

الخطأ المصري

كان الانحياز من الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها مصر في مقاربتها الأولية للأزمة الليبية حيث رأى الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" أن التحالف مع "حفتر" سيساعد مصر في تحقيق أهدافها ومصالحها الاستراتيجية في ليبيا، وهذا ما دفع مصر بدعم الحل العسكري على حساب تسوية سياسية.

واعتبر هذا النهج وسيلة لاستعادة الاستقرار في البلاد وإنهاء الحرب الأهلية.

لذلك، على مدار السنوات الست الماضية، قدم "السيسي" جميع أشكال الدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي والأمني ​​إلى معسكر "حفتر" في شرق ليبيا.

كما دعم "السيسي" الحملة العسكرية التي شنها "حفتر" في أبريل/نيسان 2019 للسيطرة على العاصمة الليبية.

ومع ذلك، مع فشل أمير الحرب في نهاية المطاف في تحقيق أهدافه العسكرية، وبدأت القاهرة ترى حليفها السابق عبئًا بشكل متزايد وتتصوره على أنه عقبة في طريق حل النزاع.

وربما يكون تخلي القاهرة عن "حفتر" قد ساهم في تحسين علاقتها مع حكومة الوفاق، وبالتالي استبعاد الحل العسكري لصالح الحل السياسي.

يعتبر التدخل التركي في ليبيا من أهم العوامل التي دفعت مصر إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها هناك.

وتعد تركيا خصما إقليميا لمصر، وتعد الدولتان على خلاف مع بعضهما البعض حول مجموعة متنوعة من القضايا، ولكن بشكل خاص حول دعم أنقرة للإسلاميين المصريين ورفضها للانقلاب الذي أوصل حكومة "السيسي" إلى السلطة في عام 2013.

وفي الآونة الأخيرة، أصبح الخلاف على الغاز في شرق البحر المتوسط ​​بين تركيا واليونان نقطة اشتعال إضافية بين البلدين.

وفيما يتعلق بليبيا، أدت المساعدة العسكرية والاستخباراتية التي قدمتها تركيا إلى حكومة الوفاق الوطني إلى انعكاس التوازن العسكري وإعادة التفكير في الحسابات السياسية لجميع الأطراف المشاركة في الأزمة الليبية.

وأدرك صناع القرار في مصر أن هناك حاجة لمنهج جديد للتعامل مع الصراع الليبي من أجل منع تركيا من توسيع نفوذها على حكومة الوفاق الوطني.

من ناحية أخرى، هناك مؤشرات حديثة على تحسن العلاقات بين مصر وتركيا.

ومع إجراء محادثات ثنائية بين الطرفين حول قضايا الاستخبارات والتصريحات الودية المتزايدة الصادرة عن مسؤولي البلدين، يبدو أن التوترات بين هذين الخصمين في تراجع تدريجي.

وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يساهم ذلك في حل الأزمة الليبية.

إضافة إلى ذلك، هناك خلافات بين مصر والإمارات حول عدد من القضايا الإقليمية، من بينها الصراع الليبي وتطبيع الإمارات للعلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.