بين أزمة الحكومة وتضارب الاجندات.. لبنان الى اين؟

بين أزمة الحكومة وتضارب الاجندات.. لبنان الى اين؟
الأحد ٣١ يناير ٢٠٢١ - ٠٧:٢٢ بتوقيت غرينتش

ثلاثون عاما مرت على اتفاق الطائف تقريبا، لم تتمكن خلالها المنظومات الحاكمة والقوى والاحزاب السياسية اللبنانية من ترسيخ اساس قوي للحياة السياسية في البلاد. وما تشهده بيروت في السنوات الاخيرة ومنذ عام حتى الان تحديدا نتيجة طبيعية لثلاثة عقود من ازمات حلها مؤجل وتضارب للاجندات الخارجية والداخلية المتحكمة في مسار الامور.

العالم - كشكول

قد يكون ما يحصل حاليا هو الاكثر حساسية وخطورة في لبنان. حيث الافق مسدود على اكثر من صعيد وسبل الحل لا تبدو واضحة حتى اللحظة.

على مستوى الحكومة

ما زالت مهمة سعد الحريري لتشكيل الحكومة تراوح مكانها، بل وتتجه الى مرحلة اسوأ من قبل. الحريري لم يقدم حتى الان التشكيلة التي تلبي المعايير التي وضعها رئيس الجمهورية ميشال عون. والمهلة التي استغرقها الحريري حتى الان اطول من شخصيات كلفت في السابق واعتذرت بعد فشلها، لكن تمسك الحريري بالتكليف له اكثر من بعد ابرزها تمسكه بالفرصة الاخيرة التي تبقيه في الموقع السياسي (الذي ورثه من والده رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري)، ولذلك هو يراهن ربما على تمرير الوقت في انتظار اي تسوية خارجية او توافق دولي اقليمي على حلحلة الامور في لبنان تاتي به رئيسا قويا للحكومة.

في المقابل تتمسك القوى السياسية التي اختارت الحريري لتشكيل الحكومة باختيارها، لكنها مستعدة في الوقت نفسه للتخلي عنه اذا لم يقدم على خطوة شجاعة تحرره من الاسقاطات الداخلية والخارجية الي تمنعه من تقديم تشكيلته الوزارية. رئاسة الجمهورية اكدت وبشكل قاطع الا تشكيل للحكومة خارج المعايير الميثاقية والوطنية المتفق عليها.

على مستوى ازمة الحريري الداخلية

يعاني الحريري من ضغوط كبيرة الى جانب تحدي تشكيل الحكومة، تتمثل بالمساعي التي تقوم بها اطراف لابعاده عن المشهد السياسي بعد خسارته دعم قوى في الداخل والخارج.

وللبدء من الخارج، خسر الحريري دعم السعودية بعد قضية احتجازه في الرياض من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. اما داخليا فقد حصل توتر بينه وبين حزب القوات وتباعد بينه وبين الحزب التقدمي بزعامة وليد جنبلاط.

لكن الملفت هو مساعي قوى سياسية (سنية) لبنانية للاطاحة بالحريري، واحداث طرابلس والتوتر الامني تحت مسمى (المطالب المعيشية والاقتصادية) لا تخرج من هذا الاطار. وما كلام الحريري عن استغلال لمشاكل الناس في طرابلس لاغراض سياسية الا اشارة الى محاولات تستهدفه شخصيا، ومن قلب عائلة الحريري حيث تؤكد التقارير ان بصمات "بهاء الحريري" حاضرة بوضوح في احداث طرابلس، وان هناك مخطط لايجاد قيادات (سنية) جديدة تمهد لواقع سياسي جديد في لبنان على اساس تطورات الساحة الاقليمية والدولية.

الامر الخطر الاخر هو اتضاح ملامح اجندات خارجية في لبنان، ففي وقت تعمل البروباغاندا المعروفة للترويج لتدخل ايراني مزعوم في التفاصيل السياسية اللبنانية، بدأت بعض الاطراف بطرح سيناريوهات مرتبطة مباشرة باجندات خارجية، وهو ما دأب عليه حزب القوات اللبنانية في المرحلة الاخيرة وحديث زعيمه سمير جعجع عن تشكيل جبهة معارضة جديدة تطالب باجراء انتخابات مبكرة (رغم العوائق اللوجيستية والسياسية والامنية لذلك).

غير ان المشترك في كل ما يحصل هو مراهنة جميع الاطراف على عامل الوقت. لقد ساهمت سياسات الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب في تأزيم الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، والجميع بات ينتظر الان نتائج التغيير على ضوء مجيء ادارة جو بايدن، خاصة الاطراف التي قدمت نفسها وكيلا حصريا لتنفيذ مشروع واشنطن الذي اشرفت عليه دوروثي شيا سفيرتها في بيروت.

وسط كل ذلك تأخذ الازمة الاقتصادية والصحية والمعيشية منحى تصاعديا، وبالتالي يمكن ان يشكل هذا فرصة تستغلها اطراف معينة لتفجير الوضع، الا اذا تلاقت المساعي الدولية والاقليمية والارادة الداخلية لايجاد قاعدة جديدة تنتج منظومة اكثر التزاما بمعالجة الازمة التي تكاد تعصف بلبنان على كافة الصعد.

* حسين الموسوي/ قناة العالم