ناشط إماراتي ينتقد مسبار الأمل: مشروع فارغ هدفه السمعة الإعلامية

ناشط إماراتي ينتقد مسبار الأمل: مشروع فارغ هدفه السمعة الإعلامية
الجمعة ١٢ فبراير ٢٠٢١ - ٠٩:٢٥ بتوقيت غرينتش

قال الناشط الإماراتي "إبراهيم آل حرم" إن الرحلة الاستكشافية للإمارات إلى كوكب المريخ عبر “مسبار الأمل”، مشروع فارغ هدفه الصيت والسمعة الإعلامية.

العالم - الإمارات

وأبرز "آل حرم" في مقال له أن إطلاق المشروع الذي وصفه النظام الإماراتي بالتاريخي يأتي في ظل غياب المؤسسات وتكريس لحكم الفرد الذي تتمتع به السلطة في الإمارات.

وقال إن هذا الواقع في الإمارات يعني أن الأخطاء لا تعد ولا تحصى وهذا أمر طبيعي، لأن الأساسات التي يقوم عليها النظام غير سليمة وبالتالي المخرجات ستكون كذلك غير سليمة.

وأضاف أن الإنجازات من يقررها هو النقد العلمي والموضوعي للمشروع فمتى ما تحقق بشكل سليم وخضع للتقييم العلمي فحينها يمكننا أن نقول أن هذا إنجاز يمكن التصفيق له وللسلطة التي قامت به.

تقييم مشروع مسبار الأمل

وجاء في تقييم "آل حرم" لمشروع مسبار الأمل الذي انطلق من جزيرة تانيغاشيما اليابانية النائية في يوليو/تموز 2020، كما حمله إلى الفضاء صاروخ ياباني:

بنظرة فاحصة لمشروع مسبار الأمل الذي مولته الإمارات بعد الاطلاع على الموقع الخاص به والاطلاع على الأهداف المرجوة منه.

استخلص عدة نقاط مهمة هي التي تجعلني غير متفائل من هذا المشروع وغيره من المشاريع المشابهة.

وذلك استناداً لتجارب سابقة ولو كان هناك مساحة من الحرية في الإمارات لشاركنا أصحاب التجارب مواطن الخلل التي واجهت المشاريع التي التحقوا بها ولم يكتب لها النجاح المطلوب.

رغم أنهم بذلوا فيها الغالي والنفيس ثم أوقفت هذه المشاريع أو سلمت لأجانب لإداراتها بعد أن بناها أبناء الإمارات، ومن هذه النقاط:

أولا: عدم وجود بنية مؤسسية حقيقية:

كإماراتي يسعدني ويسرني أن أرى أبناء وطني يتسابقون لطلب العلم في كافة المجالات ومنها مجال الفضاء وهو أمر يبعث بالفخر والاعتزاز.

لكن أخشى في الوقت ذاته أن يتم استخدامهم لتسويق مشاريع وهمية تقتل أحلامهم وطموحاتهم.

نتيجة لغياب العمل المؤسسي الذي يستند إلى دراسات علمية دقيقة وخطط استراتيجية واعدة.

وهذا هو أحد أسباب التأخر العلمي والتقني الذي تعاني منه الدول العربية بشكل عام والإمارات بشكل خاص.

فالمشاريع مهما كانت ناجحة ومهما كان المنتمين لها مخلصين في عملهم ومبدعين في نشاطهم.

إلا أنها تظل مشاريع فردية مرتبطة بأفراد بمجرد رحيلهم أو تغير مزاجهم واهتماماتهم تنتهي المشاريع وتهمل.

لذلك قبل القيام بمثل مشروع مسبار الأمل وغيره من المشاريع التي تكلف الملايين والمليارات من ميزانية الدولة.

يجب أن يتم اصلاح المؤسسات في الدولة بداية بمؤسسات الحكم والتشريع التي تثبت مدى جدوى هذه المشاريع.

وتعرضها للتصويت الخاص أو العام، وتضمن استمراريتها وميزانياتها الحقيقية.

وانتهاء بالمؤسسات العلمية والأكاديمية التي تثبت القيمة العلمية والأكاديمية ومواطن الخلل والقصور.

وبغير هذا الاصلاح ستظل هذه المشاريع عبارة عن ظاهرة صوتية تخفت كلما ذهبت عنها الأضواء والاهتمامات من المسؤولين.

ثانيا: عدم وجود بنية علمية وأكاديمية:

عندما تطلق دول مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مسبار لاكتشاف المريخ فإنها دول تتملك بنية علمية وأكاديمية تراكمية وصلبة تجعل استفادتها من المسبار بشكل كامل وخاص.

لكن في حالة الإمارات التي لاتزال في بداية تكوين مشروعها للفضاء فإنها بحاجة لبناء البنية العلمية والأكاديمية والبحثية أولا.

وبعد ذلك تنطلق لمثل هذا المشروع بكوادرها العلمية المؤهلة، أما في وضعها الحالي فإنها ليست سوى ممول لهذا المشروع.

إذ انتج المشروع ثلاث جامعات أمريكية وهو ما يجعل عوائد المشروع العلمية تذهب لمنتجي المشروع بالدرجة الأولى.

بحيث لا تستفيد منه الإمارات إلا الاسم والسمعة، فليس الإنجاز في دفع أموال من الريع النفطي وشراء مشروع مثل مشروع مسبار الأمل أو في بناء برج مثل برج خليفة أو في شراء طائرات F35.

لكن الإنجاز الحقيقي يكون حين تصنع بنية علمية وكوادر تصنع لك المسبار وتبني لك البرج وتأسس لك المشاريع وتديرها بشكل كامل.

لذلك قبل إطلاق مثل هذه المشاريع يجب تكوين بنية علمية وأكاديمية مؤسسية وصلبة وتأهيل الكوادر العلمية من أبناء الوطن ولا حرج أن يستعينوا بالخبراء في حالات خاصة وضيقة.

بحيث لا يكونوا هم أصحاب المشروع وإنما داعمين تنتهي عقودهم بمجرد تأهيل الكفاءات العلمية المحلية.

ثالثا: عدم وجود بنية اقتصادية وصناعية صلبة:

تشير التقارير الاقتصادية إلى أن دول مجلس التعاون ومنها دولة الإمارات لازالت تعتمد بشكل أساسي على الريع النفطي.

ويعتبر النفط المحرك الأساسي للأنشطة الاقتصادية في الدولة، مع غياب شبه تام للقطاع الصناعي الذي تعتمد عليه مثل هذه المشاريع.

وبالرغم من مرور خمسين عاماً على اكتشاف النفط إلا أنها لازالت تعاني من فشل تنموي بالرغم من العوائد المالية الضخمة التي كانت تدر عليها في السنوات الماضية.

كما تشير التقارير إلى فشل وفساد في القطاع التعليمي والصحي وفي قطاع الإنتاج الحقيقي والصناعي بشكل أساسي وطغيان القطاع العقاري وقيادته لعربة الاقتصاد.

لذلك يظل التساؤل قائماً عن جدوى مثل هذا المشروع في ظل غياب القطاع الصناعي والانتاجي وفي ظل اقتصاد ريعي هش بمجرد انقطاع التمويل الريعي قد تقف وتتجمد الحياة فيه بشكل شبه كامل.

لذلك فالأولى هو الاستثمار في قطاع الإنتاج الصناعي وإيجاد مصادر دخل مختلفة وذلك يأتي في مرتبة متقدمة على اكتشاف المريخ الذي يمكن الوصول إليه بشكل طبيعي دون تجاوز المراحل والقفز لتحقيق إنجازات بلا أسس علمية واضحة.

فالدول لا تتقدم بتبذير الأموال وإنما تتقدم بتحقيق إصلاحات حقيقية يكون الشعب هو أساسها وإلا فإن أي مشروع لم يخضع لنقد علمي وأكاديمي، ولم يحصل على موافقة شعبية عبر برلمانات منتخبة تملك صلاحياتها، ولم يبن بشكل تراكمي علمي بأيدي محلية، ولم يدعمه اقتصاد ثابت ومتين.

فإن مستقبله مبهم وأقصى فائدة ترجى منه هي الصيت والسمعة الإعلامية، أما الفائدة الحقيقية فإنها ستذهب لمن يملك مؤسسات ويملك بنية علمية واقتصادية متينة.